سامي النصف

هل ستختفي طائرة ثانية؟!

لا تمر حوادث الطيران دون تحقيق يستمر أحيانا سنوات عدة وبكلفة مالية ضخمة للوصول في النهاية الى «السبب الأرجح» للحادث كي يمكن «منع تكراره» وهو بيت القصيد في التحقيق قبل لوم هذا الطرف أو ذاك، لذا ندر أن تسجل حوادث الطيران ضد مجهول، كما ان الطيار من القلة التي يمكن ان تتسبب في قتل المئات دون ان يسجن متى ما وجد التحقيق ظروفا مخففة حول الحادث!

***

كتبنا قبل مدة سلسلة مقالات حول حادث اختفاء الطائرة الماليزية MH370 وقلنا في حينها انها حادثة فريدة بتاريخ الطيران وأننا «قد لا نعلم قط سبب ما جرى»، وأن مقارنتها بحوادث تمت في حقب زمنية مختلفة وضمن تقنيات متخلفة في حينها امر لا يصح فهو اشبه بمقارنة التفاح بحبات المسباح اي امران مختلفان تماما، لذا يتبقى محذور ان عدم معرفة ما حدث لـ«الماليزية» قد يمهد لتكراره وإن كان الامر مستبعدا على المدى القصير.

***

ورغم أن قضية البحث عن الطائرة الماليزية اصعب من عملية البحث عن ابرة في كومة قش كما يقول المثل الاميركي لعدم معرفة مكان الكومة، ورغم ان البحث لازال يجري في ظلام دامس دون وجود ضوء ينير آخر النفق، إلا ان الدلالات تزداد على تورط الطيار، فالطائرة اختفت في المنطقة «الرمادية» التي تفصل بين توديع قسم الحركة الجوية الماليزية وقبل بدء الاتصال مع قسم الحركة الجوية الفيتنامية، ومن الاستحالة ان يعرف احد من غير الطيارين (كخاطف من الركاب مثلا) انهم وصلوا الى تلك المنطقة كي يبدأ سيناريو الاختفاء الغامض.

***

ولولا ذلك الحادث لأصبحت فترة الستة اشهر من عام 2014 (يناير ـ يونيو) هي الأفضل في تاريخ سلامة الطيران منذ بدئها، فنصف السنة الأول من عام 2013 الذي اعتبر في حينه الأكثر امنا في تاريخ الطيران كان مجموع ضحاياه 58 راكبا، بينما لم يفقد في الستة اشهر الأولى من هذا العام إلا أقل من نصف هذا العدد لولا.. اختفاء «الماليزية»!

***

آخر محطة: (1) احدى النظريات التي تشاع ان الطائرة لربما حلقت بعد وفاة طياريها تحت قيادة الطيار الآلي حتى نفد الوقود وسقطت في المحيط الهندي وهو امر قد يكون مفهوما لو انها سارت في طريقها المقرر الى بكين والذي يتم تزويد الطيار الآلي به قبل الإقلاع ثم سقطت هناك اي في الصين، وقد سبق لطائرة خاصة كانت متجهة الى مطار لوس أنجيليس ان فقد طياروها الوعي بسبب تخلل الضغط وفقدان الأكسجين واستمرت في التحليق حتى مرت فوق المطار ثم سقطت في المحيط بعد نفاد الوقود.

(2) قضية كم الوقود الذي حمله كابتن «الماليزية» لازالت غامضة، فهناك نظريات غربية تقول انه طلب كمية وقود ضخمة غير مبررة لا يحتاج إلا إلى 45% منها للوصول الى بكين وهو امر (ان صح) يثير الريبة في نواياه كما ان اخفاء كم الوقود ان تم قد يهدف الى منع لوم قسم الترحيل الجوي الماليزي لعدم مساءلته الطيار عن سبب طلب تلك الكمية الضخمة كما يغير تماما من مكان البحث عن الطائرة!

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *