مبارك الدويلة

لو كان مرسي فعلها..!

العنف الذي مارسته القوات الخاصة مساء الاحد لم يكن طبيعيا او معتادا، فقد تم استعمال غازات غريبة لم نتعود عليها في المسيرات السابقة، وكانت نفسية بعض رجال الامن عدائية وربما مشحونة بشكل غير مسبوق، وتعاملوا مع المسيرة السلمية باستفزاز وقوة مفرطة لم يكن لها ما يبررها!

اقول هذا الكلام، وانا متأكد من ان الحكمة كانت غائبة في تلك الليلة، وتفسيري لأسلوب التعامل العنيف انها تراكمات سنوات سابقة، وعقدة الخوف من ان يعيد التاريخ نفسه، حيث ان الفشل في الادارة قد يؤدي الى الجلوس في البيت، وما اثقل الجلوس في البيت! ذلك ان اخوانا في الجهاز الامني ــ غفر الله لهم ــ لو تركوا المسيرة تمر بهدوء ومن دون استفزازات، ولو عملوا كما تعمل الشرطة في المدن المتحضرة من حماية للمسيرات السلمية وتنظيم للسير، لو فعلوا ذلك لوصلت المسيرة بهدوء الى قصر العدل، وقال كم واحد كلمته وقدموا مطالبهم بورقة الى ضابط الشرطة المتواجد، وانصرفوا من حيث أتوا، ولا من شاف ولا من دري! لكن يبدو ان هناك من لا يريد للسفينة ان تركد وترسو على البر! متابعة قراءة لو كان مرسي فعلها..!

حسن العيسى

دعوهم يتنفسون

رد فعل السلطة بقمع تظاهرة مسجد الدولة يوم الأحد الماضي لا يمكن وصفه بغير كلمات مثل الحماقة والتشنج واستعراض القوة الوحشية وممارسة القمع، التظاهرة كانت سلمية ومنضبطة، لم يرد المتظاهرون القيام بأي عمل من أعمال العنف أو التخريب للممتلكات العامة، كما حدث على سبيل الاستثناء في أحداث حرق حاوية قمامة أو إطلاق الألعاب النارية على رجال الأمن أو إلقاء قنبلتي مولوتوف على السجن المركزي قبل أيام في ضاحية صباح الناصر، والتي تسمى الآن ضاحية مسلم البراك، من المتظاهرين الساخطين على الوضع السياسي العام، والناقمين على عجز السلطة عن وضع الأمور في نصابها بقضايا فساد تتنامى ككرة الثلج، وتلك كانت أعمال مراهقة صبيانية خرجت عن الطوع في وقتها، أيضاً ليست هي حكاية الحبس الاحتياطي للنائب السابق مسلم البراك رمز المعارضة سبب التظاهر، بل كان الحبس مجرد مناسبة لإطلاق بركان الغضب في نفوس الرافضين لهذا الواقع.
لم تكن هناك مناسبة ولا سبب كي يطلق قناص القوات الخاصة رصاصة مطاطية على رأس الناشط السياسي عبدالهادي الهاجري، ويدخل الضحية في وضع صحي خطير، وكأن هناك معركة دامية بين السلطة الشرعية وجماعات إرهابية أو غوغائيين "هيلق لفو"، كما يحلو لدوائر أهل المصالح المتحلقين حول السلطة وتوابعها أن يصفوهم، ولم يكن هناك أي مبرر، قبل ذلك كي يهشم ساق الشاعر أحمد سيار لمجرد أنه "شاعر" يهز وجدان المجتمعين بأهازيجه، ولماذا القنابل الدخانية والصوتية والقبض على العشرات من المتظاهرين لتفريق جماعات شباب متألمين من أوضاع الدولة أتوا كي يعبروا عن رأيهم، بعد أن سدت أمامهم قنوات التعبير، وأضحى الشباب على قناعة بعدم جدوى المطالبات الصوتية المتناثرة بالإصلاح السياسي، بعد أن وضعت السلطة أصبعيها في أذنيها كي لا تسمع ولا تكترث لصوت العقل.
الخيبة واليأس من تلك الأوضاع الرخوة قادت المتظاهرين للتظاهر، كي يقولوا كلمة "لا" كبيرة للسلطة، ويصرخوا بصوت عال بأنهم مواطنون يقلقون من القادم وواعون لقضايا تصيب مستقبلهم، وليسوا قطيعاً من الأغنام يقادون للمسالخ، ولا معنى كي يتذرع بعض مدعي "الحكمة" السياسية بأن ساحة الإرادة كانت مفتوحة للمتظاهرين كي يقولوا كلمتهم هناك "حسب القانون"، الذي صاغه هؤلاء الحكماء أنفسهم، أو أن يفسر "حكماء الاستقرار" بأن التظاهرات غير مرخصة (أيضاً حسب القانون)، فرسالة المتظاهرين بحد ذاتها هي تحد لتلك القوانين القامعة للحريات واللادستورية، ولا معنى لرسالة الغضب هذه متى قيدت بأغلال الامتثال لأوامر السلطة.
لا يهم أن نتفق أو لا نتفق على مطالب جماهير المتظاهرين، المهم أن تقتنع السلطة بحقهم في التعبير السلمي عن مطالبهم حسب المضامين الدستورية، لا حسب قوانين "حاضر يا أفندم" السارية.

احمد الصراف

داعش.. وأتباع قيم الإخوان

“>في عام 1960 قام المخرج الإيطالي فلييني بإنتاج فيلم La Dolce vita، تمثيل انيتا ايكبرغ ومارشيليو ماستروياني، والذي أصبح اسمه رمزا عالميا عن الاستمتاع بحياة اللهو والملذات. ثم جاءت الصحافية الإيطالية الراحلة أوريانا فيلاتشي بعدها بنصف قرن، والتي كانت تتعاطف مع قضايانا، لتصفنا، وبكل بدقة، وبعد أن كفرت بنا وبقضايانا، بأننا شعوب لا تعرف كيف تستمتع بـ «الدوتشي فيتا، أو الحياة الحلوة».. إلا بين القبور!
فما قامت به عصابات طالبان على مدى عقدين من الزمن وما تقوم به العصابات الإرهابية في مدن باكستان وقرى نيجيريا، وما اقترفته وتقترفه قوى الجهل والتخلف في سوريا والعراق واليمن وغيرها من همج داعش والقاعدة والتي خرجت جميعها من رحم الإخوان السيئ، وتغذت على «مبادئها»، خير دليل على أننا لا نعرف من الحياة شيئا غير القتل والحرق والتدمير، معتقدين أن هذا ما سيوقع الخوف والرعب في قلوب «أعدائنا»، وهذا ما حدث بالفعل، فقد «خاف» العالم منا وابتعد، وتركنا نقتل ونذبح ويجز بعضنا رقاب بعض بكل غباء، ونحرق بيوتنا ونخرب حقولنا وننسف ما تبقى من مصانعنا، ونهجر النخبة من مواطنينا، ونعيث في كل أرض عربية أو مسلمة تطأها اقدامنا فسادا لم يسبق له مثيل.
إن داعش ليست حركة صهيونية ولا طابورا استعماريا خامسا، بل هي منا وفينا، وهم ليسوا مرتزقة، فمن يعمل من أجل المال لا يفجر نفسه بين الآخرين، بل هم في غالبيتهم من «سابق» خيرة شباب هذه الأمة، الذين تركوا «الدولتشي فيتا» وراءهم، وزحفوا للتخلص من أعدائهم من أتباع الطوائف الأخرى، الذين شحن «علماؤهم» رؤوسهم بأنهم الأعداء الحقيقيون وليس إسرائيل أو بريطانيا أو أميركا، بل العدو هو الجار والصديق والصهر، خاصة إن كان يتبع مذهبا مختلفا!
ان داعش هي نتائج مناهجنا ونتاج تربيتنا ونتاج إعلامنا الذي طالما زين لهم القتل وسهل لهم الذبح وتكفير الجميع. فقيم داعش وغيرها مستمدة من أفكار متخلفة، سواء إخوانية أو سلفية، وليس فيها جديد، بل الجديد كان الحدة في التطبيق، وهو أمر كان متوقعا في ظل كل ذلك الشحن الطائفي، فكما خرجت طالبان من تحت عباءة آلاف المدارس الدينية في باكستان وزحف طلابها على بلادهم واحتلوها، بعد أن أوقعوا الرعب في قلوب مواطنيهم، فإن داعش أيضا خرجت من تحت عباءة عشرات آلاف المدارس الدينية، ومراكز التحفيظ، الحكومية والخاصة، التي يسيطر عليها الإخوان وعلماء دين متشددون، المنتشرة في طول وعرض جميع دول المنطقة. فاليوم داعش، وبسكوتنا وعدم فعل شيء جذري في ما يتعلق بمناهجنا، سيكون هناك غدا مئة داعش!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com