سامي النصف

من أين أتت تلك الأحكام؟!

 يفرض علينا ديننا الحنيف الالتزام بأحكامه دون زيادة أو نقصان، حيث إن تحليل الحرام كتحريم الحلال سواء بسواء، فلا يجوز بهذا السياق المزايدة على رب العباد أو على رسول الأمةصلى الله عليه وسلم عبر إطلاق فتاوى تظهر وكأن هناك قصورا في الدين، وأتى العالم أو الشيخ أو السيد ليصحح أو يكمل رسالة خاتم الأنبياء والعياذ بالله.

***

لذا نتساءل من أين أتى البعض بمعاقبة غير المسلم أو المسلم المريض أو القادم من السفر ممن سمح لهم بالإفطار حال رؤيتهم وهم يفطرون؟ فلم يأت بالآيات البينات أو الحديث الشريف مثل تلك الأحكام، بل على العكس فقد سافر رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم في رمضان وصام وأفطر بعض صحابته وعملوا حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم انهم ذهبوا بأجر ذلك اليوم، ولم يأت في الأمر انه طلب منهم عدم المجاهرة بالإفطار أو أنه عاقبهم على تلك الفعلة، ثم كيف نسمح لغير المسلم أو المسلم ذي العذر بالإفطار ولا نوفر له مكانا يفطر فيه في مقر عمله أو نعاقبه إن رأيناه يفطر في مكتبه؟ فأين سيتناول إفطاره؟! أرجو ألا يقول أحد في الحمامات التي لم يسلم غير المسلم من الإفطار فيها حيث أتى في إحدى الصحف الكويتية أن موظفا كويتيا اشتكى على موظف هندي غير مسلم كونه اشتم في الحمامات، أجلكم الله، رائحة سجائر بعد خروجه منها وقد تم سجن ذلك الهندي.

***

ومن أين أتت فتوى إفطار المدخن وقد كان المسلمون أثناء صيامهم يستنشقون دخان طبخهم على السعف أو الخشب؟ ولم يأت أن القرآن أو الأحاديث قد ذكر أن الدخان من المفطرات، كما أتى في الآيات البينات تحديد يوم الجمعة لترك العمل حال الدعوة للصلاة ولو أريد التعميم لما ذكر يوم الجمعة في الآية الكريمة كي يعمم في بقية الأيام وتظهر حكمة رب العباد في ذلك الأمر حيث ان الإسلام دين عمل ويمكن للعاملين أن يتناوبوا على الصلاة مع بقاء مقرات العمل مفتوحة كما هو الحال القائم في أغلب البلدان الإسلامية كي لا يتضرر الاقتصاد بالتوقف المتكرر عن العمل بالنهار وأوائل الليل.

***

كذلك، فمواقيت الصلاة والإمساك والإفطار هي قضية تقريبية بالمطلق كونها تعتمد على الخيط الأبيض والأسود وهو أمر يعتمد على قوة إبصار المسلم وحجم الخيطين ومثل ذلك ظلال العصى لتقرير موعد الصلاة ومن ثم فهي ليست محددة بالدقيقة والثانية فكيف تصدر فتاوى كما حدث قبل أعوام قليلة بضرورة إعادة صيام أهل الجبال كونهم يفطرون على أذان الإذاعة الواقعة في منطقة ساحلية والفارق بينهم ثوان ودقائق وهو أمر لو تم التقيد به لوجب أن تكون هناك مواعيد صلاة وصيام لكل بيت قائم على سفح الجبال ولكل شقة في العمارات شاهقة الارتفاعات، ألم يعلم من أفتى بأن القضية تقريبية وليست جدية؟، ومثل ذلك من يطلب ممن يفطر خطأ قبل موعد الإفطار بثوان أن يعيد يوم صيامه وكأن المواقيت أتت منزلة بالثواني والدقائق وليس بالمواعيد التقريبية كما هي الحقيقة.

***

آخر محطة: 1 – كيف حرم بعض شيوخ الدين قيادة المرأة للسيارة وسيلة النقل هذه الأيام في وقت لم يحرم فيه ديننا الحنيف قيادتها للابل والخيل وسيلة التنقل في أيام الإسلام الأولى رغم قصر المسافات آنذاك وطولها هذه الأيام؟ بل ان تحريم القيادة للمرأة سمح بالخلوة المحرمة بين المرأة والسائق الرجل؟!

2 – لقد ابتدع بعض محاربي البدع، بدعا تحرم الحلال وتحلل الحرام وتزايد على رب العباد وأدخلوا الأهواء والعادات الاجتماعية في أحكام نسبوها للإسلام، والإسلام منها براء!

@salnesf