محمد الوشيحي

المزيونة

هي الأجمل على الإطلاق. هي الأغلى في طول العالم وعرضه. لشعرها كل يوم لون. ولمنظرها كل ليل بهاء. لا تبيت عادة إلا في أحضان الأوباش والفاسدين.
بصبابة تحدث أولياء أمرها: “يصعب تزويرها”، ثم سكتوا ولم يكملوا. لم يجرؤوا على قول “يصعب اختلاسها”، أو “تصعب سرقتها”. الناس أكملوا الجملة.
هي مزيونة لا شك، لكنها تمشي على حل شعرها، بلا رقيب ولا حسيب. ورغم غلائها باتت “رخيصة”. لا تخرج إلا في الليل. تلتحف الملابس في أكبات أمهات اللصوص*، وتهاجر إلى جنيف ولندن.
لا هيبة لها ولا حُماة. لذا فقدت جمالها. مهما تزينت وبدّلت صبغات شعرها.
يا سادة، الخوف ليس من التزوير، فكم مرة تم تزوير “عملة الكويت”؟ الخوف كله والرعب من السرقات. وبدلاً من أن تبدّلوا صبغات شعرها، كل يوم وليلة، شددوا الحراسة عليها، ولا تسمحوا لها بالخروج خلسة في أنصاف الليالي. هنا يكمن الجمال.
* * *
بعد الانتهاء من كتابة المقالة، صُعقت بخبر وفاة الشهم جابر القحطاني، العسكري البطل في القوات الخاصة، الذي رفض ضرب الناس، فتم تسريحه من العمل.
وفي كل قضية، وفي كل تحقيق، نفاجأ، نحن المتهمين، بتواجده قبلنا، وجاهزيته لكفالتنا، ومعرفته بأدق تفاصيل قضايانا السياسية. يتنقل من قاعة محكمة إلى أخرى، ليطمئن على هذا وذاك، بمشاعر تفوق مشاعر الأخوة.
شهم هذا الرجل. سيبقى في القسم الشريف من الذاكرة. وسنتحدث عنه لاحقاً بفخر وشموخ. رحمه الله.
* * *
* ذكر أحد النواب المتهمين بتلقي الرشوة، عندما سئل عن مصدر هذه الثروة، أنه وجدها في خزنة والدته بعد وفاتها.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *