احمد الصراف

العاصفة الجديدة

يسير العمل قدماً في مشروع بناء ميناء كويتي ضخم على جزيرة بوبيان، المتاخمة للممرات البحرية العراقية، بالرغم من كل صيحات الاحتجاج الصادرة من أطراف داخل الحكومة والبرلمان العراقيين وخارجهما، والتي تدعي أن إقامة الميناء ستخنق العراق من ناحية عدم قدرته على استخدام ممراته للخليج! وتقول الكويت ان هذا المشروع، الذي سيكلف مليارات الدولارات، بدأ التفكير فيه والتحضير له وترسية أعماله قبل أكثر من عقد، ولم يُسْمَع خلاله صوت جدي واحد يعارض إقامته، علما بأنه سيخدم مصالح العراق وينشّط تجارته البحرية، لأنه سيمكن سفناً أكبر بكثير من عبور الممرات في طريقها لموانئه.
وبالرغم من مشروعية الشكوك العراقية التي تحتاج إلى توضيح من الكويت، وهذه يمكن ان تحل من خلال لجنة خبراء خارجية محايدة، فلا يمكن أن يكون الطرفان على حق، وكلما تأخر تشكيل هذه اللجنة زاد خلاف الطرفين، وزاد استغلال الجهات «الاثمة» له، وبالتالي تبرير ارتكاب حماقة أخرى، وهذه كسابقاتها لن تكون في مصلحة أحد، وبالذات الجانب العراقي الذي يئن تحت ضغوط هائلة ويواجه مشاكل لا حصر لها، إضافة إلى ما تعانيه الإدارة الحكومية العراقية من تدخل خارجي متعدد في شؤونها، وهذا ربما يجعلها مخلبا لتحقيق خطط ملالي طهران، كما كان الأمر مع حزب الله اللبناني، الذي استخدم كثيرا، خصوصا في بداية الثمانينات لتحقيق خطط طهران وغاياتها مع خصومها الكبار، ومن هذا المنظار يمكن تفسير تصريح وزير النقل العراقي الذي قال ان بناء الميناء يعني خنق العراق ويخالف قرارات الأمم المتحدة(!!) علما بان العراق يسعى منذ فترة لإقامة ميناء «الفاو» الكبير في الجانب المقابل للميناء الكويتي، ولم يعترض أحد على إقامته كونه حقاً من حقوقه السيادية.
يقال، ولا اعرف دقة ذلك، إن كل طرف يزمع لربط مينائه بخطوط سكك حديدية إلى الغرب واوروبا، وذلك في مسعى للاستغناء عن قناة السويس.
ولو تركنا جانبا ما يقال من أن اعتراض البعض على أن إقامة الميناء ستضر العراق، فإن من الواضح أن هذه الاعتراضات سياسية وليست عملية، وهي بالتالي نتيجة لما عشش ويعشش في صدور البعض من بغض لمواقف الكويت، فطرف يكرهها لدورها في إطالة عمر صدام اثناء الحرب العراقية ـــ الإيرانية، وطرف آخر يبغضها لدورها في الإطاحة بصدام في حرب أميركا والعراق!! وما يزيد الأمور تعقيدا ما يكتب في الصحافة الكويتية وما يصرح به بعض أعضاء البرلمان الكويتي، والتي تفتقد في مجملها الذوق والمصداقية والتكسب الانتخابي والتلاعب بعواطف العامة، وخاصة تلك التي طالبت بطرد السفير بحر العلوم الذي له دور مشرف وكبير في تمتين العلاقات بين البلدين.
إن المسألة حساسة وحقوق الكويت واضحة والأمر يتطلب أقصى درجات الحنكة السياسية، فهل نجدها لدى مسؤولينا؟

***
• ملاحظة: لقد دخلنا عالم التويتر الرحب، نكتب ذلك للتأكيد فقط، واسم الحساب هو: habibienta1

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *