علي محمود خاجه

خير برهان

“خل يحلّون المجلس ويفكونا”، “كل مصايبنا من ورا المجلس”، “محّد ردنا ورا غير المجلس”، “نبي نفتك من عوار الراس… لازم ينحل المجلس”.
كل هذه العبارات ومرادفاتها دارت ولم تزل في خلد الكثيرين من أبناء الشعب الكويتي، وأنا أتحدث هنا عمن يطرح مثل هذه الأفكار بحسن نية ولاعتقاد صادق بأن زوال المجلس مرادف لتحسن الأوضاع في الكويت.
شخصيا، أحاول مع الكثيرين ممن يرددون هذا الكلام أن أثبت لهم بلمحات من تاريخنا أن غياب المجلس غير الدستوري خصوصا، تسبب في كوارث ومصائب تثبت أن المجلس رغم “علّاته” فإنه أفضل بكثير من اللامجلس. فعدم وجود مجلس تسبب سابقا في أزمة مناخ، وداوئر انتخابية مزورة لإرادة الناس وفتنة طائفية بغيضة عطفا على سوء التعامل مع كارثة الغزو قبل وقوعها وأثناءها أيضا.
لكن يبدو أن هذه الحجة لم تعد مجدية مع من بات يؤمن بقوة بأن اللا مجلس هو الخير والصلاح للكويت.
اليوم ندخل الشهر الثاني من إجازة المجلس الاعتيادية والحال في البلد تديرها الحكومة دون المجلس طيلة الشهرين الماضيين، وها هي الحكومة تقدم لنا في هذه الفترة الوجيزة أفضل البراهين على أن عدم وجود المجلس لن ينقذنا أبدا، وإليكم بعض قرارات الحكومة في فترة إجازة المجلس المؤقتة، وعليكم أن تتخيلوا كيف هي الحال لو حكمت الحكومة الكويت لوحدها.
نبدأ بأزمة القبول الجامعي التي لن تكون الأخيرة طبعا في ظل هذا التردي في كل قطاعات الدولة التي تهيمن عليها الحكومة، فحكومة تدير أعلى الميزانيات وبأعلى الفوائض وقفت مشلولة دون حراك لمجرد أن ألفي طالب وطالبة يفوقون الطاقة الاستيعابية للجامعة؛ مع أن الحلول الفورية كثيرة كتطبيق قانون فصل الاختلاط بنصه لا بفهمه كما أشرنا في مقال سابق، أو إشراك جميع الطلبة غير المقبولين في برامج مكثفة للغة الإنكليزية لمدة ثلاثة أشهر تعينهم على تحصيلهم الدراسي وتتم معادلتها لهم لاحقا أو زيادة عدد المبتعثين في الخارج، وإرسال أصحاب النسب الأعلى لاستكمال دراستهم هناك وغيرها من حلول، ولكن الحكومة قررت أن تؤجل المشكلة على أمل أن تحل في يناير المقبل ولن تحل.
ثاني قرارات الحكومة بإجازة المجلس القصيرة هي سماح الداخلية بأن نقود سياراتنا على حارة الأمان اليسار فقط يوم الثلاثاء، ومنعنا يوم الجمعة لحل مشكلة المرور والازدحام، لن أخوض بهذا التخبط كثيرا ولكن ما يعنيني حقا هو أن الحكومة بمحض إرادتها ودون تهديد أصدرت قرارا يسمح بمخالفة القانون، نقطة. أما ختام محصلة الحكومة في شهرين فهو قرار استدعاء السفير الكويتي في سورية للتشاور “بعد القرار المماثل للمملكة العربية السعودية طبعا”، على الرغم من أن محصلة قتلى الشعب السوري على يد نظامه تجاوزت الألف شهيد، ونحن نستدعي سفيرنا للتشاور فقط.
خلاصة القول حكومتنا بدون مجلس أو بمجلس تقود البلد إلى الأسوأ، فلا في الحرص على الأجيال ناجحة ولا في تطبيق القانون، ولا في احترام الإنسان والنفس البشرية، وها هي تقدم خير برهان على مدى ما يمكن أن تصل إليه من سوء لو تولت زمام الأمور وحيدة في الكويت. لا أزكي المجلس الحالي طبعا ولكنه قطعا أفضل من عدمه.

احمد الصراف

التجرؤ على القانون

منذ ما بعد تحرير الكويت من نير قوات صدام، ووزارة الشؤون ترسل الانذار تلو الآخر إلى هذه الجمعية الخيرية، او تلك المبرة لما ارتكبته وترتكبه من مخالفات في عملية جمع الاموال، ورفض التعاون واخفاء المستندات والتصرف بالارصدة بما يحلو لها! ولكن ما الذي يدفع مثل هذه الجهات التي يقف وراء غالبيتها رجال دين شديدو الوقار، وملتحون وناشطون سياسيون، للاستمرار في ارتكاب المخالفة تلو الاخرى، بمناسبة دينية او بغيرها، من دون اهتمام بسمعتهم، وما يلقونه من بهدلة من المسؤولين؟
الجواب يكمن في ما يشكله المال السهل الجمع من اغراء، فهذا المال حتى لو جمع لحساب الجهة الخيرية، فان «للقائمين عليها» حصة دسمة! فالعملية في جزء كبير احتيال، ومن السهل استعراض اسماء الاشخاص والجهات التي دخلت «بازار» العمل الخيري، وخرجت منه سمينة، بعد تشبع عروقها بالمال الحرام!
ان هؤلاء لم يسيئوا فقط لانفسهم ولسمعة العمل الخيري وللجهات الجادة فيه، على قلتها، بل اساءوا ايضا إلى الكويت، ودفعوا الدول الكبرى للتدخل في شؤونها.
نكتب ذلك بمناسبة ما بدأ يتسرب من تزايد مخالفات الجمعيات، بحيث وصل الامر إلى مرحلة قيام جمعيات نفع عام، لا علاقة لها بالعمل الخيري، بالدخول في عملية النصب، فقد اعلنت وزارة الشؤون عن كشفها لجمعية متخصصة بمحاربة احدى الظواهر السلبية في المجتمع، تقوم بجمع التبرعات عن طريق سندات طبعت لهذا الغرض.
ان جهود «الشؤون» قد اثمرت في الماضي، ولا تزال تثمر، ومطلوب استمرار محاولات تنظيف الوسط الخيري من الدخلاء.

أحمد الصراف