عادل عبدالله المطيري

الثورة السورية والدرس الليبي

أستغرب عندما أستمع إلى التصريحات الدولية بشأن ما يحدث في العالم العربي من ثورات ووقفات احتجاجية ضد الأنظمة الديكتاتورية القابعة على صدر الشعب العربي، وخاصة تلك الدعوات الدولية التي تطالب النظام السوري ومن قبله النظام الليبي بأن يقوم وعلى الفور بإصلاحات سياسية جذرية وإعطاء الشعب حقوقه وحفظ كرامته.

هل من الممكن أن يتنازل النظامان السوري والليبي عن السلطة التي يعتبرها كل منهما من ممتلكاته الشخصية، أي نظام منهما يقبل بإجراء انتخابات ديموقراطية ونزيهة، وهو يعلم علم اليقين انه سيخسرها حيث لا قبول له في المجتمع رغم طول مدة حكمه له وان أي انتخابات حقيقية ستأتي بقوى المعارضة وستكون نهاية الديكتاتور إما إلى محاكمة قضائية أو أن يسحله شعبه كما كان يفعل مع من سبقهم.

إذن تلك الدعوات الدولية ما هي إلا تعبير ديبلوماسي عن غضب المجتمع الدولي، وتشجيع للحراك السياسي والمعارضة.

فعلى مر التاريخ ينتهي حكم الديكتاتور الدموي بطريقة دراماتيكية ومأسوية، فأي إصلاح يرتجى من أنظمة حكمت بالحديد والنار عقودا من الزمن، ويمكن للمعارضة السورية ان تتعلم من الدرس الليبي حيث استطاع الثوار الليبيون ورغم قساوة ووحشية القذافي، أن يسقطوا العديد من المدن وعلى رأسها بنغازي التي جعلوها عاصمة للثوار ولم يكتفوا بذلك، بل أسسوا مجلسا للثورة الليبية اعترفت به أغلب القوى الدولية ودعمته ماليا وعسكرا، إذ يجب على الثوار السوريين أن يتوحدوا وان يؤسسوا مجلسا للثورة وأن يكثفوا مجهوداتهم لإسقاط إحدى المدن السورية الكبرى لتكون مركز تجمع للثوار والمنشقين من الجيش وعندئذ يستطيع المجتمع الدولي أن يخطو خطوات عملية لدعمهم وإسقاط نظامهم الوحشي.. ولنا في السنن الكونية والقرآنية خير دليل، إذ يقول الحق تعالى في محكم تنزيله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

احمد الصراف

من هي الفرقة الناجية؟

أعلن 36 نائبا في البرلمان العراقي قبل فترة عن تأييدهم لحملة وطنية تهدف إلى فصل الدين عن السياسة. وبالرغم من اتساع التأييد للحملة بسبب ما ستؤدي إليه من خلق عراق متحضر وديموقراطي، وهو حلم يراود مخيلة الكثيرين، إلا أن القيادات الدينية المسيطرة بقوة على عقول غالبية العامة وأفئدتهم لا يمكن أن تسمح بحدوث ذلك، فتأثير مثل هذا الفصل على سلطاتهم ونفوذهم سيكون قاتلا، وبالتالي لم يكن مستغربا قلة تعاطفهم مع هذا الاتجاه، الذي شارك فيه مسؤولون ومهنيون ومثقفون وكتاب وشيوخ عشائر. والحقيقة أن من الصعب تخيل وجود حل للكثير من مشاكلنا المستعصية بغير فصل الدين عن السياسة، ولكن ما الذي سيحدث لمكانة وسطوة وسيطرة مراكز الفتوى والحل والربط الدينية التي تستمد سلطتها وتترسخ مكانتها في بقاء الأوضاع على ما هي عليه، فقوتها تكمن في ذلك وفي التحذير المستمر من خطر الآخر، حتى لو كان ابن الوطن نفسه، وهم فوق هذا وذلك بحاجة إلى أموال أتباعهم وزكواتهم وأخماسهم وأسداسهم لتعينهم على استمرار التفريق.
إن مقترح الفصل هذا لا يمثل الحل الوحيد أمام دولة كالعراق، بل هو ما يجب أن تعمل كل دولة عربية، ومسلمة بالذات للوصول إليه. فقد عانت دولنا، طوال قرون، من التشابك الحاصل بين المؤسسة الدينية «الروحية»، والمؤسسة السياسية «الدنيوية»، وهذا ما ادركه الغرب قبل اكثر من قرنين وسعى إلى تلافيه، وكانت تلك بداية تقدمه وازدهاره.
إن رفض مبدأ فصل الدين عن السياسة يعني رفض الآخر كمواطن، ولو فرضنا اتفاق مسلمي العراق على التخلص من مسيحييه وصابئته وشبكه وغيرهم، وتحقق لهم ذلك لداروا بعدها على الأكراد وقضوا عليهم، ومن بعد سيدورون على بعضهم البعض، ويتقاتلون حتى تنتصر «الفرقة الناجية»!! ولكن عندها سيكتشف هؤلاء أن عددهم لا يتجاوز بضعة آلاف فقط، بعد أن أنهى التقاتل بينهم حياة الملايين منهم!

أحمد الصراف