محمد الوشيحي

المجد للقلم والموت للدفتر

هكذا هي قوانين الحياة… يضغط الشاعر بقوة على أعصابه ومشاعره وأحاسيسه ويستعين بكل معارفه من الجن لينظم قصيدة محبوكة مسبوكة، ويعاني الملحن ما يعاني ليخرج بلحن «يركب على» القصيدة، ويلامس ذائقة الجمهور، وبعد كل هذا العرق والتعب والأعصاب، يتقاضى كلّ منهما مبلغاً لا يكفي «الباب الأول» من احتياجاتهما، ليأتي بعد ذلك المطرب الذي وُلِدَ وفي فمه حنجرة جميلة، جاءت من دون أي مجهود منه، فيغني، فيكسب الملايين والشهرة والمكانة.
الشاعر السعودي العميق «نايف صقر» اختصر لنا المسألة عندما قال: «الموت حظ القلم والمجد للدفتر»، فعلاً… يشقى القلم وينزف، في حين يستلقي الكتاب على ظهره فيُمتدح، ويقال: «كتاب فلان الفلاني في غاية الجمال»، ولا يتطرق إلى سيرة قلمه.
ونتمايل طرباً ونمتدح عبدالمجيد عبدالله في أغنية «يا طائر الأشجان»، مثلاً، ولا نعرف شاعرها ولا ملحنها (الشعر ليحيى حداف والألحان للنجم الذي انطفأ، أو أطفأ نفسه، خالد الشيخ، صاحب أغنية «يا عبيد» الخالدة)، وسنعتبر المطرب كريماً متواضعاً إذا ذكر اسميهما في لقاء تلفزيوني أو صحافي.
هكذا هي قوانين العصر، فبعد أن كان المجد في الجاهلية للشعراء، ولا مجد للمطربين والمطربات، رغم إتقانهم الشعر وامتلاكهم الذائقة، جاء عصرنا هذا ليفرض قبحه وظلمه، فتسيّد عبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد ونبيل شعيل وغيرهم ممن لا يمتلكون أدنى ذائقة شعرية، ولا يعرفون من المحسنات اللفظية حتى اسمها، فلا وجود في قواميسهم لمصطلحات «الكناية والتشبيه والتورية والاستعارة والمجاز…»، ولا يفهمون الوزن الشعري، ولا يفرقون بين قصيدة وأخرى إلا بحسب اسم قائلها ومكانته الاجتماعية، والمالية أحياناً.
تأملوا كلمات بعض أغاني راشد الماجد. وخذوا هذه على سبيل الحزن والقهر ليس إلا:
«بيني وبينك شي أكثر من الأحلام، حقيقة حبي لك ما هو حكي وأوهام، تسهر مع أشواقي تحت الرموش تنام، ومنك أقل كلمة تخفف الآلام، زاد الوله فيني قلبي في حبك هام، واللي يحب مثلي ما تغيره الأيام»، إنا لله وإنا إليه راجعون. ولو أننا طلبنا من الشاعر إضافة بيتين لقال: «تعالي نروح للسينما نشوف آخر الأفلام، شدعوه ما تردين شدعوه صاكة الجام»، لكن الحمد لله أنه توقف قبل وقوع الكارثة بقليل… وها هو «السندباد» كما يحلو لمريديه تسميته، راشد الماجد، بجلالة سطحيته وقماءة ذائقته الشعرية يحتار في ثروته وشهرته ومعجبيه ومعجباته.
وتأملوا كلمات بعض أغاني زميله في السطحية نبيل شعيل، وخذوا هذه على سبيل البكاء:
«حالتي حالة من يوم تركوني وحيد، الله لو يرجعون أسعد إنسان أكون / بالوصل فرحتي وبالهجر ماني سعيد»! ألا لعنة الله على الشعر بأوزانه وسحره وقوافيه وكل ما يمت إليه بصلة نسب أو قرابة إن كان هذا شعراً… ومع ذا ورغم ذا ها هو نبيل على سنام المجد محتاراً في أعداد معجبيه ومعجباته.
واسألوا عن نايف صقر وعن شعره وستجدون أن شهرته لا تصل إلى واحد في المئة من شهرة الإخوة السطحيين… تعالوا اسمعوا نايف واغسلوا زجاج ذائقتكم بكلماته لتروا الجمال بوضوح:
«الموت حظ القلم والمجد للدفتر، حبر القلم غلطتي وايامي أوراقي / الخوف يجتاحني.. وجه الطريق أسمر، راح أكثر العمر يا خوفي على الباقي / يا صوت لا تلتحف صمتي ولا تصبر، قل ما تبي واترك الهقوة على الهاقي / ثراي ما ينشد الغيمة متى تمطر، مدامها في سماي تحن لاغراقي»…الله الله الله يا نايف. أين أنت يا عظيم؟ تعال فالقلم يستجديك وأمثالك للانتقام ممن استهانوا به، تعال يا نايف لتقف أنت وأمثالك العظماء على أبواب المكتبات دروعاً بشرية كي تمنعوا المستشعرين من الإساءة لتاريخ الأقلام، تعال يا نايف فالبعض يتعامل مع الشعر كما يتعامل مع القمصان التي لا تحتاج إلى كيّ… اغسل والبس.

حسن العيسى

إدارة دولة أم إدارة فريج

ما شأننا بخلافات الشيوخ وصراعاتهم؟ وكيف تدار هذه الدولة؟ وكيف سننظر إلى المستقبل وتحدياته الأمنية والاقتصادية مادام كل شيخ «كبير، ويحكم» لا عمل ولا هدف له غير نصب الفخاخ للشيخ الآخر الكبير والمرشح للحكم، لأنه أيضاً من «ذرية مبارك» وله أحلامه العريضة بالسلطة والتفرد بها مع حاشيته التي تحمل المباخر، وتهرول خلف بشت الشيخ المعزب لتعطيره؟.
قضية الصراع القديم بين رئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد ونائبه للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد قبيحة وخطيرة من ناحيتين، فخلاف الشيخين لا يجب النظر إليه على أنه محصور في حشد وتجييش هذا النائب أو ذاك «ويالله تزيد النعمة على تلك الشاكلة من النواب الهباب»، بل يجب قراءتها على أنها صراع من أجل التوحد بالسلطة وعزل الآخر، وأسلحة أطراف النزاع هي ذمم خراب لها سعرها وثمنها في أسواق النخاسة السياسية، الوجه الآخر من قباحة هذا الصراع أنه بعد نصف قرن من الحكم «شبه الدستوري» نجد أنه لم يعد كافياً لبعض الشيوخ الامتيازات «المشيخية» التي شرعها لهم القانون، وغيرها التي شرعوها لأنفسهم من غير حكم القانون، وأضحوا عبرها شيوخاً فوق حكم القانون، وكرسوا ودونوا أعراف الفساد في الدولة، فلم يعد مهماً أن نعرف أن هناك فساداً في شراء رخص قيادة المرور أو رخص بناء مخالف في بلدية الكويت، بل أصبحت هناك أسعار «شبه رسمية» لبعض نواب الأمة، أثمان نواب البؤس هي إما «كاش» أو تمرير معاملات غير جائزة أو الاثنان معاً، وفي كلتا الحالتين نجد أنفسنا أمام جرائم مشهودة نعرف الفاعلين وندرك تماماً حجم جرائمهم بحق الوطن ومستقبله، ورغم ذلك لا تتم مساءلتهم حسب القانون! لأنهم وضعوا أنفسهم فوق المساءلة القانونية، وسكتنا عنهم حين سلمنا أمورنا لقدر الفساد وأحكامه. مللنا يا سادة من الشكل الدستوري والدمية «الديمقراطية» فتحت جلبابها هناك فضائح تجري كل يوم، ويتم حرق أرصدة الغد وضمان حلم الجيل القادم من أجل أن يسعد البعض بكراسي السلطة منفردين، كل هذا يجري وهناك من يقف متفرجاً ضاحكاً، وكأنه أمام مسرحية هزلية هو مخرجها ومبدعها بداية ونهاية.

احمد الصراف

أقوال القاضي وليم يونغ

y>في غمرة الهلع الذي كانت تعيشه أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر، القت السلطات الأميركية القبض على البريطاني رتشارد ريد، بعدها ببضعة أشهر لمحاولته تفجير طائرة أميركية كانت تقله ومئات الآخرين إلى أميركا، بعد أن كشفت المضيفة محاولته إشعال المتفجرات في كعب حذائه المبتل. اعترف ريد بجريمته وبولائه لأسامة بن لادن وللإسلام، وبأنه لا ينوي الاعتذار عن فعلته وأنه يعتبر نفسه في حرب مع أميركا! وهنا خاطبه القاضي يونغ قائلا: لقد حكمنا عليك بالسجن 130 عاما، وبغرامة مليوني دولار. والآن دعني أبين لك أننا يا سيد ريد لا نخاف منك ولا من كل الذين تآمروا علينا معك، فقد مررنا بأوقات عصيبة كثيرة طوال تاريخنا، ونحن هنا في هذه القاعة نتعامل مع الجميع كبشر لنصل إلى العدالة، وأنت لست في حرب معنا، كما تقول، ولست جنديا في جيش بل أنت إرهابي، ولا تستحق غير ذلك من صفة، ونحن هنا لا نتعامل أو نتفاوض مع إرهابيين أو نعقد اتفاقيات معهم، بل نتتبعهم ونحضرهم أمام العدالة. قد تكون شخصا ضخم الجثة (193سم) ولكنك لست بالمحارب، بل أنت إرهابي ومجرم تسعى لقتل أرواح بريئة، ومن كان بانتظارك في المطار لإلقاء القبض عليك كان على حق عندما قال لك بأنك لا تعني الكثير لأحد عندما تساءلت عن سبب عدم وجود صحافة وتلفزيون بانتظارك لحظة وصولك للمطار! ما يقلقني حقا هو السبب الذي دفعك للاقدام على فعل إجرامي كهذا، وقد استمعت لك بكل احترام، ولكن يبدوا أن الشيء الوحيد الذي تبغضه فينا هو حريتنا، وهي أثمن ما نملك، حريتنا في أن نعيش كما نحب ونرغب، لأن نؤمن أو لا نؤمن بما نريد، ففي هذا المجتمع كل نسمة ريح تحمل معها الحرية، ولهذا أنت تقف هنا في هذه القاعة الجميلة لتنال حقك في محاكمة عادلة، ولو تطلب الأمر حضور رئيس الدولة، من خلال ممثليه، لهذه القاعة للشهادة معك أو ضدك، لتم ذلك حتما، فلا أحد هنا فوق القانون. انتهى.
ولو بحثنا في خلفية ريد لوجدنا أنه من مواليد 1973، وينتمي لأسرة مفككة، وعاطل عن العمل وترك المدرسة في سن 16، أمه إنكليزية ووالده من جامايكا وخريج سجون ومعروف بتعدد جرائمه، كما أدين ريد بعشر جرائم ضد أشخاص وممتلكات!!
وهذه هي النوعية التي يجندها «القاعدة»، الذي تخلصنا من مؤسسها إلى الأبد، في زرع الدمار والخراب في كل مكان باسم الدين.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

لا علاقة للتنمية بالتوتر

ألا يمكن أن تسير أمور البلد بشكل طبيعي مع وجود هذا التأزيم في العلاقة بين السلطتين؟!
ما دخل وكيل وزارة خدمات ووكلاء وزارته ومديريه في المشاكل القائمة بين النواب والحكومة؟! لماذا كلما صرخ مسلم تعطلت الخدمات؟ ما علاقة تهديد فيصل المسلم واستجواب ابورمية بتسهيل معاملات المواطنين وأداء موظف جالس في مكتبه في مجمع الوزارات؟! لماذا نعول كل مشاكلنا وتخلفنا على العلاقة بين السلطتين؟
ما علاقة تنفيذ قانون الشركات المساهمة الجديد بهوشة الصواغ وعدنان المطوع؟ ما علاقة تنفيذ جسر جابر بإحالة استجواب الفهد إلى التشريعية؟ ما علاقة إنشاء تسعة مستشفيات تم الانتهاء من مناقصاتها بموضوع المحكمة الدستورية ونظرها في استجواب المحمد؟!
كل دول العالم فيها من التوتر بين السلطتين أكثر مما لدينا، ومع هذا لم يتعللوا بما تعللنا به من أسباب تعطل عجلة التنمية؟!
الذي عطل عجلة التنمية يا سادة هو الكسل وسوء الإدارة وانتظار الفرص المناسبة للنهش والهبش وليس له أي علاقة بما يجري في ساحة الإرادة أو قاعة مجلس الأمة؟!
صحيح «ما حد راضي» عن تردي العلاقة بين المجلس والحكومة، لكن لا أجد مبررا لتعليق تخلفنا على شماعة هذا التردي.

أحمد الفهد
يعجبني في الشيخ أحمد الفهد شخصيته وقوة ارادته وعزيمته، لكن مذكرته التي تبناها في اعتبار الاستجواب غير دستوري لا يمكن أن تكون معتمدة من عقلية مثل عقليته!! فالطالب في الثانوي يدرك من أول اطلاع على هذه المذكرة انها كتبت بعيدا عن المهنية وأصول اللعبة. فقد كتبها واحد قال للشيخ «انت عاوز ايه يا فندم؟» ثم كتبها!!
ولا أريد ان أكرر ما ذكره الزميل عبداللطيف الدعيج في نقده للمذكرة بالأمس، لكن أقول للشيخ أحمد ان هذه الخطوة مو منك ولا هي من أسلوبك اللي اعتقد اني أكثر واحد اعرفه وأكثر واحد عانى منه في التسعينات ومطلع القرن الجديد.