احمد الصراف

القهوة والبار

خلال فترة عضويتي في مجلس أحد المصارف المحلية عارضت بشدة فكرة فتح فرع للتعاملات الإسلامية في البنك، وهي الفكرة التي سبق ان أقرها مجلس ادارة سابق، وكان موقفي، الذي لم يعجب «مستشار البنك» وقتها، مبنياً على مبدأ ايماننا بمشروعية ما كنا نقوم به من عمل مصرفي، وفتح فرع يعمل على أساس ديني مغاير يعني اعترافاً بأننا نعمل بطريقة غير مشروعة أو اخلاقية، ولا يعقل بالتالي ان نكون في تجارة حلال وحرام في وقت واحد! فلا أحد مثلا سيحترم من يدير محلين متجاورين الأول يبيع المشروبات الروحية والآخر يبيع الكتب الدينية، مع الفارق طبعاً بين البنوك التقليدية وتلك المسماة بالإسلامية! ومخطئ من يفتخر بما قامت به المصارف العالمية من فتح فروع او وحدات «اسلامية» والاستدلال بذلك على صحة الفكرة، فعمل هؤلاء ليس إلا محاولة لاستغلال سذاجة البعض منا والضحك على عقولنا بمساعدة بعض الملتحين بيننا!
أكتب ذلك بمناسبة الاضافة المفيدة التي وردتني من الاخت صفاء الهاشم، رئيسة «ادفانتج للاستشارات» تعليقاً على مقال سابق لنا عن المتاجرة بالدين من قبل المؤسسات الإسلامية، وما ورد في بداية الدراسة الجادة التي قامت بها وفريقها في شركة ادفانتج، نقلا عن السيد صالح كامل، رئيس غرفة التجارة في السعودية، ردا على سؤال عن سبب عدم سماح المملكة للبنوك الاسلامية، العربية وغيرها، بفتح فروع في السعودية، حيث ذكر بان السماح لها بذلك يعني اقرارا بان البنوك السعودية غير اسلامية وهذا يتناقض مع تأكيدات المسؤولين بأن جميع بنوك السعودية تعمل طبقا للشريعة! وكلام صالح كامل، على الرغم مما عليه من مآخذ، فإنه أكثر جدية وصدقا مع النفس من الآخرين.
أحمد الصراف
[email protected]

مبارك الدويلة

يطالب بالنظام وعينه على الشهوة!

بعض أبناء الإسلام ـــ مثل قلة من الزملاء الذين يكتبون في الصحافة المحلية ـــ يتمنى لو أنه لم يولد مسلماً! أو أنه لا يمت إلى هذا الدين بصلة! وهذا ليس تجنياً عليهم بقدر ما هو استنتاج مما يكتبه هؤلاء في زواياهم من مقالات تفوح منها رائحة الحسرة على الانتماء إلى هذا الدين!
كيف لا وهم يُحَمّلون كل مشاكل هذا الكون على الاسلام والمسلمين؟ ألم يكتب أحدهم عن مشاكل طبقة الأوزون ويرجع أسبابها إلى ما أسماه التخلف الفكري المسيطر على أذهان المتزمتين؟!
ألم يقل آخر إن ظاهرة انتشار الغبار بسبب انتشار اللحى في الشوارع؟!
ألم يكتب أحد هؤلاء المخبولين عن توقف قطار التنمية وتعطل المشاريع بسبب كتلة التنمية والاصلاح؟ أما قرأتم ما ذكره أحدهم من أن وجود كويتيين فقراء بسبب انتشار اللجان الخيرية في الكويت؟!
ألم يرددوا كثيرا ان من أسباب كساد الاقتصاد وضعف الموارد تحريم الخمور ومنع النوادي الليلية؟! حتى أن أحدهم تساءل: ليش تجيكم الناس اذا كل هذا ممنوع؟!
أشعر وأنا أقرأ لهؤلاء أن في صدورهم كتمة وضيقاً نتيجة وجودهم في هذا المجتمع المحافظ، والذي لو أمعنا النظر فيه جيدا لوجدناه مجتمعا منفتحا للاخر لولا قلة من المبادئ والموروث ما زلنا نتشبث بها.
ولأن ضيقة الخلق التي يعيشونها تجيب الذبحة الصدرية وتصلب الشرايين، فأقول لهؤلاء ناصحاً إن أفضل علاج لهذا المرض النفسي الذي يعانون منه هو أن يرجعوا بقلوبهم الى الله ويطلبوا ما عنده من خير ونعيم فهو الباقي والدائم وما يشاهدونه من مظاهر المتعة والوناسة في ديار الغرب هو صورة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فالذي يعيش في الغرب ويسبر أغواره يجد ويكتشف أنه مجتمع معقد مليء بالرعب النفسي والشقاء والتشتت الذهني.
مشكلة بني جلدتنا هؤلاء أنهم يرون النظام والبساطة والشفافية وعدم التفرقة على أنها السمة الغالبة على هذه المجتمعات، ونقول قد يكون هذا صحيحاً، لكن كل ذلك مما دعا إليه الإسلام، ولكن لم يلتزم به المسلمون، فالعلة فينا وليس في انتمائنا. كذلك لا بد من الاشارة الى ان هَمّ بني جلدتنا وغاية مرادهم هما الوناسة والمتعة ولو كانت محرمة!
لذلك معظم مطالباتهم بالتحلل من الضوابط الشرعية والسلوك الاخلاقي الملتزم، وما يهمهم بعد ذلك طبيعة الأنظمة التي تحكمهم، وهذا قصر نظر وبعد عن الواقع.
فرقوا بين ما فيه المسلمون اليوم من تخلف وفساد مالي وسلوكي وبين ما يجب ان يكونوا عليه وفقا لمبادئ الإسلام، وفرقوا بين ما في الغرب من مظاهر ايجابية في السلوك العام والإدارة العامة وبين ما تطالبون انتم به من استيراد التحلل والانفلات الأخلاقي.
قال تعالى: «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين» (آل عمران ـ الآية 85).