احمد الصراف

نحن وجزيرة الغنى

وصلت قبل يومين لجزيرة «بورتوريكو» الخلابة في وسط البحر الكاريبي، ويعني اسمها بالعربية «ميناء الغنى او الثراء». اكتشف كريستوفر كولمبوس «بورتوريكو» عام 1493 وضمها إلى اسبانيا، وكان يقطنها شعب الأبوريجينيس الذين انقطع نسلهم تقريبا نتيجة التعذيب في أعمال السخرة والقتل والأمراض المعدية من الأوروبيين، ولكنهم تحرروا في عام 1520، وبقيت الجزيرة بأيدي الاسبان إلى أن غزتها أميركا في 1898، وهي السنة نفسها التي تخلت فيها اسبانيا عن استعمارها للفلبين وجزيرة كوام. أصبحت بعدها «بورتوريكو» مستعمرة أميركية قبل ان تنال الحكم الذاتي في 1947 وتنتخب حاكمها ومجلسي نوابها في انتخابات حرة مباشرة، مع بقائها ضمن الكومونولث الأميركي، ولتبقى الاسبانية لغتها الرئيسية، بجانب الإنكليزية التي تتقنها الغالبية. تبلغ مساحة الجزيرة 10 آلاف كيلومتر، ويقل عدد سكانها عن الأربعة ملايين، يوجد ما يماثلهم عددا في المهجر، وهي تعتمد في اقتصادها على مساعدات الحكومة الأميركية وما يرسله أهلها في الخارج.
بالرغم من بعد الجزيرة عن عالمنا وقلة اهتمام أهلها بأوضاعنا وقضايانا، إضافة إلى تدني عدد العرب والمسلمين فيها، فإن النشرة التي يقوم الفندق الذي اقيم فيه بإصدارها يوميا، والتي تتضمن ملخصا لأخبار العالم، تكاد تقتصر، في جانبها الدولي، على اخبار العرب والمسلمين ومشاكلهم وقضاياهم، وكأن «ليس في البلد غير هالولد»! ففي نشرة اليوم هناك خبر عن فشل عقد مؤتمر القاهرة الذي كان سيضم السلطة الفلسطينية و«حماس»، وخبر آخر عن ليبيا وموقف القذافي من قوى المعارضة، وثالث عن قيام بعض قادة فصائل «طالبان» في افغانستان بتغيير مواقفهم، والانضمام إلى الجانب الحكومي المدعوم من اميركا، وخبر رابع عن زيادة عدد اللاجئين السوريين إلى تركيا والهاربين من بطش السلطة، وآخر يتعلق بضغط العسكريين الأميركيين على حكومتهم للتفاوض مع حركة طالبان، وسادس عن استمرار عدم استقرار الأوضاع في اليمن الذي لم يكن سعيدا يوما، حسبما نتذكر، والخبر الأخير عن زيادة فرص حركة الإخوان المسلمين في حكم مصر في المرحلة المقبلة!
فمتى يستريح العالم من مشاكلنا وقضايانا؟

أحمد الصراف
[email protected]

مبارك الدويلة

حصاد السنين .. ويبقى الإسلام شامخاً

عظمة هذا الدين انه من عند الله..
وعظمة هذا الدين انه خاتم الأديان.. وأكملها.. وأتمها.. وأصلحها للعباد.
ودليل هذه العظمة انه منذ أربعة عشر قرناً.. وكل يوم تتأكد صلاحية هذه العقيدة وكمالها.. وكلما اكتشف العلم حقيقة قاطعة وجدناها في القرآن، منذ ذلك الوقت البعيد كانوا أعراباً.. حفاة عراة.. لا يعرفون غير السلب والنهب وتسود فيهم شريعة الغاب.. فأكرمهم الله بالإسلام.. وحدد الحقوق والواجبات الفردية والجماعية.. ونظم العلاقات الإنسانية والاجتماعية.. فأصبحوا بنعمة الله اخوانا.. فأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
وكانوا ضعافا اذلاء.. تغزوهم الفرس وتسلبهم الروم وتذلهم.. حتى أصبح المناذرة حاشية للفرس والغساسنة حاشية وحماة للروم، وعندما انتصر العرب في ذي قار سجلها التاريخ لندرة المعارك التي ينتصر فيها العرب قبل الإسلام، ولما جاء الإسلام أعزهم الله.. وأصبح الروم إذا سمعوا بجيش المسلمين تحرك من المدينة يرتعبون ويعلنون استسلامهم قبل وصول الجيش لما رأوا من بأسه وقوته، («نصرت بالرعب مسيرة شهر» حديث شريف).
لقد أسس محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ نظاما شرعيا قانونيا.. وحدد الأطر الرئيسية لنظام اقتصادي فريد.. وأعطى للنفس البشرية قيمتها («من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».. صدق الله العظيم). وأصّل للعلاقات الاجتماعية («المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله»، «وبحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم»، «ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»). ولما استمر الخلفاء يحكمون بشرع الله ويطبقونه.. فتحت لهم الأمصار ودانت لهم الأرض بشرقها وغربها وتطور العلم والبحث العلمي بشكل كبير، لكنهم عندما تركوا ذلك وانغمسوا بالشهوات والملذات وأصبحوا (تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) انطبق عليهم قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، فصدوا عن الله.. وصد الله عنهم.. ورجعوا كما كانوا قبل أربعة عشر قرنا شتاتا هنا وهناك.. بعضهم ولاؤه للغرب.. وبعضهم ولاؤه للشرق.. وبعضهم ولاؤه لشهواته.. وأصبح الدين تهمة.. والتدين شبهة.. والعمل الخيري جناية.. فنشأ التطرف بكل اتجاهاته.. واختلط الحابل بالنابل.. والتبس الأمر على جيل هذا اليوم ولم يعد يعرف الحق من الباطل.. واستغل دعاة التطرف الليبرالي هذا الظرف فأخذوا يطعنون بأصول الدين ومفاهيمه، ولم يوضحوا للناس ان العلة ليست في الدين بل في ترك الناس لتعاليم الدين.. وكثرت الشبهات وانتشر عبدة الدينار في كل مجال وتشوه العمل الخيري وتشوه الدعاة وما زال البعض يحاول تشويه الدين.. لكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. والحمد لله انتبه الناس الى ما آلت اليه أحوالهم وهاهم يعودون الى الله من جديد وهاهم يرفعون الراية الإسلامية بعد ان هجروها.. وها هي «الجمعة» تحيي في النفوس معاني العزة وتعيد للعقل كرامته.