علي محمود خاجه

سموّه يفتخر

 أجبرتنا السياسة المحلية وشغلتنا تفاصيلها من استجواب إلى صراع أسرة إلى وثيقة وغيرها، فلم نتمكن من كتابة الأهم كي لا تكون الكتابة خارج السرب، ولكن لا بد لنا أن نعود إلى ما هو مهم، بل هو أساس قيام المجتمعات والنهوض بها. أعني هنا البشر وتحديداً الشباب ممن يذكرون في كل بيان وتصريح ولقاء من قبل قياديي الدولة، بل لم يكتفوا بذلك، فقمة هرم السلطة التنفيذية سمو رئيس الوزراء شمل برعايته أخيراً نشاطاً كويتياً تحت مسمى “كويتي وأفتخر”، ولم يقتصر الأمر على رعاية لنشاط، بل ألقى خطبة ارتجالية في حفل العشاء المقام على شرف المساهمين في مشروع “كويتي وأفتخر”. كان مضمون كلمة سموه أنه كويتي ويفتخر بالشباب ونشاطهم وحيويتهم وخوضهم غمار المنافسة في المجال التجاري، إلى الآن الكلام رائع ويشعر من لا يعلم بالواقع أن كل الأبواب مفتوحة لمشاريع الشباب، ولا عثرات أمامهم، وكل الدروب معبّدة. أما الواقع فإن الشاب الكويتي في الوضع الطبيعي يصرف أكثر من ثلثي راتبه شهرياً على مستلزمات الحياة الضرورية كالسكن والطعام والعمالة المنزلية والمصاريف الأخرى الطبيعية، وإن أراد هذا الشاب أن يجمع القليل من المال ليشتري بيتاً بدلاً من بيوت الحكومة التي وصلت إلى حدودنا الجنوبية، أقول إنه لو أراد أن يشتري بيتاً دون مصدر دخل آخر سوى راتبه، فإن الأمر ومع القروض التي ستلقى على كاهله سيتطلب منه أن يجمع الأموال مدة 20 عاماً، هذا على اعتبار أن أسعار العقار تظل ثابتة لا تتغير وهو افتراض خيالي طبعاً. الحل الطبيعي للكسب المشروع كي يبتعد الشاب الكويتي عن شبح الكهولة للحصول على المسكن المناسب والحياة المتوسطة الكريمة له ولأسرته، هو أن يلجأ إلى تكوين عمله الخاص كي يضيف مصدر رزق يضاف إلى أمواله ويتمكن على الأقل من تقليص أمد الانتظار لتحقيق الاستقرار. فيذهب إلى المناطق الصناعية، كما تسمى في الكويت، فيجدها ذهبت جميعها منذ زمن بعيد دون أن تخلق الدولة مناطق جديدة تستوعب الزيادة السكانية، ويجد متنفسه في المنطقة الحرة ويصرف الآلاف لتكوين مشروعه في تلك المنطقة وبعد الجهد والتعب تمنع المنطقة الحرة معظم النشاطات التجارية هناك، ليجبر أخيراً على النزوح إلى أسواق القرين ويصرف الآلاف مجدداً فيصدر قرار حكومي جديد بطرد مزاولي التجارة من تلك الأسواق رغم تراخيصهم السليمة! هذه هي حال من تفتخر بطموحهم يا سمو الرئيس بينما الحكومة تقتل كل بصيص أمل في مخيلتهم للوصول إلى حياة أفضل. إن الكلمات وحدها لن تكفي في تغيير الواقع البائس الذي يعيشه شباب الكويت لدرجة جعلتهم يتشبثون بالمعقول واللامعقول من أجل التغيير، فهذه الحال لا ترضيهم ولا ترضي أي عاقل قطعاً. خارج نطاق التغطية: رحل الفهد دون مواجهة كما توقعنا، ولن يعفيه ذلك من المساءلة القضائية الواجبة على كل التساؤلات المطروحة في الاستجواب وأي قضايا حامت حولها الشبهات في عهده، كما أنه يستلزم أيضا إصلاح تجاوزات عهده من أي وزير يحل محله وإلا فإن المساءلة يجب أن تكون قائمة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

إشكالية المثلية الجنسية

كتبت الباحثة والمحللة النفسية التونسية، رجاء بن سلامة، التعريف التالي للمثلية الجنسية: «هي البديل العلمي الحيادي لتسميات أخرى ذات خلفية أخلاقية قديمة كاللواط والسحاق، أو حديثة كالشذوذ الجنسي. فالمثلية اتجاه جنسي يتمثل في اتخاذ موضوع من الجنس المماثل، مع عدم وجود أي التباس بيولوجي جنسي، ومع وعي الذات في الغالب بأنها تنتمي إلى جنسها البيولوجي، أي مع وعي الرجل المثلي بأنه رجل، ووعي المرأة المثلية بأنها امرأة» (انتهى). وبالرغم من عدم اهتمامي بهذا الموضوع فإنني، ومن منطلقات إنسانية بحتة، ابدي اهتماما ما بهذه الفئة لما تتعرض له من اضطهاد اجتماعي وامني واخلاقي غير مبرر. وتستطرد بن سلامة في الشرح بالقول ان عدم وضوح الهوية الجنسية نتيجة غموض في الأعضاء الجنسية في حالات «البين جنسية» هو ما يطابق مفهوم الخنثى قديما. وعلاج هذه الحالات بالجراحة قد يكون ضروريا في صورة تعارض وعي الذات مع هويتها الجندرية، أو الجنسية، التي أرادها لها الأبوان بالتسمية وأرادتها السلطات العامة بالحالة المدنية. ولكننا نشهد في السنوات الأخيرة مطالبة بعدم اعتبار «البين جنسية» عاهة أو تشوها، بل اختلافا يجب احترامه. كما أن هناك حالات من إنكار الهوية الجنسية مع عدم وجود أي خلل بيولوجي أو تشوه عضوي. وهذا هو مجال تبديل الجنس transexualisme، وهو مجال مربك فرض نفسه حديثا على الطب وعلى التحليل النفسي. فالذات في هذه الحالة تنكر واقع جنسها البيولوجي وترفضه وتريد تغيير جسدها وفقا لما توفره التقنيات الطبية الحديثة من عروض قد توهم بإمكان تغيير الجنس، رغم ما في الأمر من صعوبة، وما قد يؤدي إليه العلاج الهرموني والجراحي من خيبات ونتائج وخيمة. كما هناك أيضا الولع بالتنكر الجنسي، وخاصة لدى الرجال الذين يرغبون في التنكر في زي امرأة، لممارسة الجنس، على أن الممارسة الجنسية والوعي بالجنس لدى هؤلاء يظلان ذكوريين. وهذه الحالات ناجمة عن إنكار الاختلاف الجنسي، وإنكار افتقار الأم للعضو الذكوري.
المهم في مقالنا هذا ما ذكرته الباحثة بن سلامة من أن اغلب الأطباء والمحللين النفسيين توقفوا عن اعتبار المثلية الجنسية مرضا يمكن علاجه، وقد عبر فرويد في 1935بوضوح عن استحالة «علاج» المثلية الجنسية، وهي لا تمثل «جنسا ثالثا»، ولا جنسا بين بين، وليست مرضا، وليست شذوذا، وليست خللا بيولوجيا، وليست في حد ذاتها بنية نفسية، بحيث أن المثلي يمكن أن يكون عصابيا أو ذهانيا أو انحرافيا. إنها سلوك جنسي ناجم عن طريقة مخصوصة في عيش عقدة أوديب، وفي التماهي أو رفض التماهي مع الأم أو الأب. وختمت بأنها لم تفتح هذا الملف للإثارة أو الاستفزاز، بل لمحاولة التفكير معا في هذه المسألة لمزيد من التعريف بالمثلية والتعاطف الإنساني معها.

أحمد الصراف
[email protected]