للصيف نكهته وعشاقه وكتاباته، فلا سياسة في كتابات الصيف إلا عند الضرورة لا قدر الله، أو هكذا يجب. وقد يأتي الصيف ويرحل بلا ضرورة. لكن الكويتيين حفظهم الله يعشقون السياسة ويعيشون بها وعليها، فنجوم المجتمع هنا هم الساسة، وكتّابه ساسة، ورياضيوه ساسة، واقتصاديوه ساسة، وأطباؤه ساسة، ومهندسوه ساسة، وطباخوه ساسة، وفنانوه ساسة، وأمطاره ورياحه وشمسه وبره وبحره كلهم ساسة، وكل ما يتحرك على الأرض يدور في فلك السياسة.
وقد أحصيت عدد رسائل القراء الإليكترونية التي تطالبني بالكتابة في السياسة هذه الأيام فوجدتها أربعا وسبعين رسالة، جاءت كلها في يوم واحد بعدما كتبت مقالة ابتعدت فيها عن مرابع السياسة واتجهت إلى الحياة الأخرى.
وفي الكويت نحو اثنتي عشرة صحيفة يومية، وقيل بل أربعين. وفي كل صحيفة يُكتب يوميا أكثر من عشر مقالات في الصحيفة الواحدة، أي مئة وعشرون مقالة تنتشر في الأجواء يوميا غالبيتها عن السياسة ومنها وحولها. وإن كنت كاتبا لا يقرأ مقالاتك الناس فاكتب عن إيران، وستتسابق المواقع الإليكترونية لنشر مقالتك، وستصبح مقالتك حديث المدينة وشوارعها، وستستنفر سفارة إيران وستكتب التعليقات بأسماء كويتية لتخيف الناس من «الفتنة الطائفية»، والفتنة الطائفية ترقص بفستانها العاري متى ما كتب أحدنا ينتقد تصريحا لمسؤول إيراني، وسيكتب «غلام حيدري صفصفائي» تعليقا مذيلا باسم «سعود العجمي»، وسيصبح «باقري كاظمي فيشخاني» بقدرة قادر «بداح المطيري»، ولا مانع من أن يصبح «أم حمود» بعد العاشرة مساء.
والسفارة الإيرانية في الكويت، وكما ذكرت سابقا، لم تكن مشغولة بمباريات مانشستر يونايتد ولا هي مشغولة الآن بألعاب القوى في أولمبياد بكين، فبالإضافة إلى كتابة التعليقات على المقالات، والهجوم على أي كاتب يتحدث عن أي شيء له علاقة بإيران، حتى ولو كانت مقالته عن «السمك الإيراني»، أقول بالإضافة إلى ذلك، هي جاهدت وتجاهد لإفساح المجال لكتّابها في صحف الكويت وقد نجحت وازداد عددهم وعلت نبرة صوتهم لكنها تطمع بالأكثر، وكتّابها لا يتحدثون عن تصريحات إيران حول وجوب زوال حكام الخليج، فهو أمر لا يعنيهم، لكنهم سيلتهمون وزير الخارجية الكويتي لو عطس ولم يقل «الحمد لإيران»، والسفارة جاهدت وتجاهد لإبراز تصريحات «وكيلها» في الكويت ونشر صوره وقد نجحت، وستسعى لتخصيص برنامج تلفزيوني له، وجاهدت وتجاهد ليتسلم أنصارها المناصب الفاعلة في الحكومة! و«إن الإيرانيين إذا دخلوا دولة…».