محمد الوشيحي

وزراء الست

قبل أن تضغط عبر أدواتها على سمو رئيس الحكومة لتوزيرها والانتقام من الوزير السابق الدكتور عادل الطبطبائي الذي أصدر أمرا بنقلها من منصبها إلى منصب آخر، كانت كلمة نورية الصبيح في وزارة التربية تؤخذ ولا تُرَد، ولم يكن يجرؤ كائن من كان من الوزراء المتعاقبين على مجرد خدش كلمتها، دع عنك كسرها! كان كل منهم (أي الوزراء المتعاقبون) بدرجة «وزير الست»، فلا يرون إلا ما تُريهم هي، ولا يسمعون إلا ما تُسمعهم هي. ولن تتساقط حسناتي لو قلت بأنها كانت احد أهم أسباب انهيار التعليم العام عندما كانت وكيلة مساعدة لشؤون التعليم العام، لكنها اليوم هي السبب الوحيد لتدهور حالة التعليم الصحية.
بعد توزيرها، وضعت نورية الصبيح صلاحياتها كلها في غرفة المخزن، واحتضنت صلاحياتها الإدارية فقط، وراحت تقلّبها بين يديها: «انقلوا هذا، جمدوا ذاك»! ولكثرة استخدامها، انتهى العمر الافتراضي لبطاريات الشؤون الإدارية.
هذه الأيام يرتب النائب الدكتور حسن جوهر صفوف جيشه لاستجواب الوزيرة الصبيح بعدما أرسل سرايا الأسئلة لتستطلع الميدان، وإن لم يبرز على السطح ما يعيقه عن الوصول إلى المنصة فسيسمع سكان أفريقيا دوي سقوط الوزيرة. فالنائب حسن جوهر يختلف في اللون والطعم والرائحة عن النائب السابق الدكتور سعد الشريع الذي استجوبها ولم ينجح في طرح الثقة فيها، وخبرة جوهر البرلمانية تفوق وبمراحل خبرة الشريع، أما من ناحية المصداقية فلا مجال للمقارنة، وليعذرنا الشريع.
الصبيح تدرك ذلك جيدا، أي تدرك بأن وضعها سيكون مأساويا في حال صعدت المنصة، وتدرك أيضا بأن حليفها الاستراتيجي الدكتور فيصل المسلم قد لا يمدها هذه المرة بالجنود والعتاد، إلا إذا كان يفكر بترك العمل السياسي والتفرغ لكتابة مذكراته. بل ولا نستبعد أن يتحدث المسلم كمؤيد للاستجواب بعدما سمعنا كلامه الذي قاله في برنامج «مانشيت» عن شعوره بالضيق للتلاعب في كشوفات الابتعاث في التعليم العالي. وما يزيد من صعوبة موقف الوزيرة هو توصيتها لمجلس الوزراء بعدم تأجيل العام الدراسي بعد انتظار لمدة شهرين، طبعا إضافة إلى انهيار التعليم العام أمام التعليم الخاص، وفساد جامعة الكويت الوحيدة وهيئة التعليم التطبيقي، وتعامل الوزيرة الفوقي مع النواب، أو بعض النواب بالأحرى، وغيرها وغيرها وغيرها من مواطن الخلل.
وأظن بأن النائب جمعان الحربش سيدفع حدس لتأييد الاستجواب، بينما سيوقع التكتل الشعبي لحسن جوهر على بياض، في حين سيصطف نواب الدائرتين الرابعة والخامسة أوتوماتيكيا خلف النائب حسن جوهر، وسيزاحمون النواب الشيعة على المواقع المتقدمة، وسيجد النائب مخلد العازمي موقعا له من بين العشرة الموقعين على طرح الثقة… من بقي؟ السلف وورثة التكتل الوطني؟ فلنكن كرماء ولنقل بأنهم أربعة عشر نائبا، وهو رقم مع الأسف الحارق لن ينقذ الوزيرة من العطش. ولهذا، أعتقد بأن على وزيرة التربية والتعليم العالي حمل ما خف وزنه وغلا ثمنه والخروج من المبنى بإرادتها قبل انهياره.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *