محمد الوشيحي

خام ورخام

من مدينة عربية تعتبر الحجاب إشاعة، لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، أو على أحسن الأحوال هو كالغول والعنقاء والخل الوفي… ومن مقهى صغير على جبل يطل على البحر المتوسط، أمعنت النظر باتجاه الشرق، حيث الكويت، البلد الذي رفعته الديموقراطية على كتفيها عاليا، ثم وبحركة سريعة أزاحت كتفيها من تحت قدميه فوقع على الأرض مضرجا بالتناحر والتخلف، وأحدث سقوطه دويا وفجوة كبيرة في الأرض تساقط فيها المارة البسطاء ( لثراء اللغة العربية، استعضت بكلمة «البسطاء» بدلا من «الأغبياء». شكرا لغة الضاد، نردها لك في الأفراح).
هناك، في المقهى، نهضَت من كرسيّها وجاءتني مسرعة … وجهها رخامي حاد التقاطيع، يذكرك بالاتحاد السوفياتي، كل عضو فيه مستقل بذاته، أنفها، عيناها، فمها، خداها، ذقنها، كل عضو في وجهها يرفع علما مختلفا بألوانه عن غيره، يجمعها كلها ذلك الوجه الرخامي في اتحاد كونفيدرالي على وشك التفكك… لوهلة، خشيت أن تنطلق شرارة حرب حدودية في وجهها… بغنج قالت دون أن تحصل على تفويض من المرآة: «لم أشاهدك فى الكويت، فالتقيتك هنا، مصادفة سعيدة». فابتسمت لها وتمتمتُ بصمت: «السعادة ليست لكلينا بالتأكيد». ثم بدأت حديثها الطويل… عن برنامجي الذي قدمته على تلفزيون «الراي» تحدثت، عن نتائج الانتخابات تحدثت، عن كل ما له علاقة في السياسة الكويتية تحدثت، عن توجهها الليبرالي أيضا تحدثت وأسهبت، وكيف أن البلدان لا يمكن أن تنهض بغير الليبرالية… كانت تتحدث وكنت أسرح في خيالي: صوتها لله دره، يرش الملل النقي في أرجاء المكان، امرأة تقدم الملل «على أصوله»، بلا شوائب. يبدو أن ضميرها التجاري حي. هو الحي الوحيد فيها، على أي حال. البقية من الرخام. متابعة قراءة خام ورخام

سامي النصف

المكلمة البرلمانية والمحاكم الاقتصادية والتجربة الناصرية

للتحول لكويت الاستثمار والمركز المالي استحقاقات عدة منها ضرورة انشاء «محاكم اقتصادية» كالتي اقرها البرلمان المصري قبل ايام وصدر على اثرها كتاب للدكتور شمس مرغني مختص بها كونه اول من تقدم بهذا المقترح المهم الذي لا غنى لنا عنه في الكويت خاصة بعد ما جرى في العام الماضي من فسخ عقود وتحييد اسهم.. الخ.

وإنشاء تلك المحاكم الاقتصادية يجب ان يكون ضمن برنامج عمل الحكومة وانجازات المجلس الحالي لجذب الاستثمارات المحلية والاجنبية.

الدستور الكويتي والدستور المصري الحالي مستمدان من نبع واحد هو الدستور المصري لعام 1923 وقد صدر قبل مدة كتاب «المكلمة البرلمانية» للدكتور زين فراج (دكتوراه في القانون من فرنسا) حول ضوابط الكلام تحت قبة البرلمان عبر دراسة معمقة في 400 صفحة وكنا نود ان يكون ذلك الكتاب ومؤلفه ضمن المحاضرين لدورات «التعرفة البرلمانية» للنواب والوزراء الجدد في الكويت.

عمل النواب الذي يستحقون عليه المناصب والمكافآت هو الكلام في المواضيع التي تطرح تحت قبة البرلمان فهل هناك عقوبة للنائب الذي تمضي 4 سنوات دون ان يتحدث قط كما يحدث مع بعض نوابنا؟!

ويشير د.زين فراج في كتابه الى عدة ضوابط للكلام نجدها غير مطبقة لدينا حيث لا يجوز للنائب ان يرد على نائب آخر او يعقب على ما يأتي في الصحف او حتى يشير لأسماء الموظفين الحكوميين، ويرى المؤلف ان يكون كلام النائب ارتجالا لا تلاوة من ورقة كما لا يجوز التكرار او الحديث اكثر من مرة في الموضوع الواحد كما لا يجوز الحديث فيما هو خارج اختصاص عمل المجلس (راجع ضوابط مجالسنا) ولا تسمح الاعراف للنائب بالحديث ثم ترك الجلسة مباشرة، حيث يجب ان يستمع لزملائه كما استمعوا له.

ويفرد المؤلف فصلا كاملا لعقوبات الاعضاء ولبنود واجراءات لجنة القيم في البرلمان المصري وان أخطأ المؤلف بالقول بعدم وجود لجنة قيم في الكونغرس الاميركي والبرلمان البريطاني (ص 289) فالحقيقة ان هناك لجنة قيم في مجلس العموم البريطاني صدر بها تشريع عام 1994 تسمى «لجنة نولان للقيم» كما توجد لجنة قيم فاعلة في الكونغرس الاميركي حسب المادة 338 المعدلة لعام 63.

وفي هذا السياق يحدثني العم المرحوم جاسم الصقر عن تجربته الاولى لدى زيارته مجلس النواب العراقي في الثلاثينيات ومشاهدته لوزير الدفاع جعفر العسكري وهو لا يتحدث بل «يعفط» بصوت عال كلما تحدث نائب من المعارضة، وقد رويت في مقال سابق حقيقة ان العسكري كان يتحدث 8 لغات حية وتعتبره مس بيل في مذكراتها اكثر العراقيين ثقافة وعلما وقد قتله بكر صدقي ما جعل نسيبه نوري السعيد لا يكتفي بقتل صدقي انتقاما بل يستهدف الملك غازي بالقتل كما يروى.

آخر محطة:
صدر عام 92 كتاب ذكريات الوزير ورئيس الحزب الناصري ضياء الدين داود وضمنه يروي تجربته كعضو مجلس الشعب منتصف الستينيات، حيث يقول انه لاحظ ان وكيل المجلس لا يعطيه الدور بالكلام، ما احرجه امام ابناء قريته وقد اكتشف بعد ذلك ان الوكيل يجتمع في الصباح مع بعض الاعضاء للاتفاق معهم عما سيقولونه في الجلسة عند رفع ايديهم ثم توزع الادوار «المسرحية» بينهم، وقد استطاع باعترافه ان يصبح في النهاية ضمن هؤلاء الممثلين على الشعب، وخوش ديموقراطية يا استاذ ضياء.. يا ناصري!

احمد الصراف

غزوة أبوزيد العليمي

تقوم الكثير من الجهات المحسوبة على التيارات الدينية باطلاق اشنع الاوصاف والتسميات على البنوك الوطنية التي لا يتسم عملها مع رؤاهم الحزبية الضيقة، حيث تصفها تارة بالربوية وتارة اخرى بغير الاسلامية.
ولو قمنا حقيقة بالتدقيق في عمل هذه المصارف، وادوارها الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية طوال اكثر من نصف قرن، لوجدنا ان انشطتها كانت تتسم بقدر كبير من الاخلاقية والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع ككل.
اقول ذلك من خلال تجربة مصرفية شخصية بدأت من منتصف ستينات القرن الماضي وحتى ما قبل سنوات، حيث يمكنني القول ان المصارف الوطنية، غير المرتبطة بأي جهات حزبية دينية او ما شابه ذلك، قامت بدور فعال في تنمية الاقتصاد وفي النشاط الاجتماعي، وكانت سياساتها بشكل عام متسامحة مع المدينين، وكان لا يخلو اجتماع لمجلس ادارتها من طلب لالغاء دين هنا او التساهل في السداد مع مدين هناك، كما كانت تصرف مبالغ كبيرة على العديد من الانشطة الاجتماعية الفعالة، ودور البنك الوطني بالذات في تقديم ودعم العديد من الانشطة التعليمية والصحية والاجتماعية يستحق الاشادة حقا.
ولو قمنا بشكل عام بجرد ما قامت هذه البنوك بصرفه على الصحة والتعليم والمساعدات الاجتماعية، لوجدناه يفوق بمراحل الهدف الاصلي الذي هدفت الجمعيات الخيرية الى القيام به، فليست هناك حقيقة على ارض الواقع، وبعد مرور اكثر من 60 عاماً على انشاء جمعية الارشاد، (الفرع المحلي لـ«الاخوان المسلمين» التابع لاخوان مصر وقتها، التي تم تغيير اسمها الى «جمعية الاصلاح الاجتماعي» في مرحلة تالية والتي تطور نشاطها بعد التحرير وتمت تسمية فرعها السياسي بـ«الحركة الدستورية»، نأيا بها عن التنظيم العالمي للاخوان المسلمين وموقفهم المسيء والمخجل من تحرير الكويت من الاحتلال العراقي)، فليس هناك ما يثبت ان نسبة ملموسة، او حتى غير ذلك، من مليارات الدولارات التي تمكنت هذه الجمعيات من جمعها من خلال فروعها القانونية وغير القانونية التي تجاوز عددها المائة والخمسين جمعية ولجنة، قد صرف داخل الكويت بشكل يستحق الذكر او الاشادة، ان كان في المجالات الصحية او التعليم او الخدمة الاجتماعية، فكل ما سمعناه طوال عقود هو القول ان هذه الجمعيات تقوم بتقديم مساعدات مالية لبعض الاسر المتعففة، وما اكثر ما اقترف من جرم باسم هذه الاسر المتعففة!
نقول ذلك لمواجهة الحملة غير العادلة التي تتعرض لها مصارفنا الوطنية من قبل بعض الكتاب المنتمين الى جهات معروفة بتطرفها الديني، علما بانه ليست لنا اي مصلحة مادية او غير ذلك، ولو بسهم واحد، مع اي مصرف كان في الكويت.

• ملاحظة: في العالم الخارجي، حيث لكل شيء قيمة، يعتبر الانترنت، بمحركات بحثه، العقل الثاني لملايين مستخدمي هذه الخدمة، فعن طريق محركات «غوغل» و «ياهو» تمكن معرفة اي شيء وقراءة اي بحث أو كتاب والاستزادة من اي موضوع او سلعة او شخصية خلال دقائق معدودة من خلال شاشة الكمبيوتر البيضاء، وحيث ان بياض الشاشة ناتج عن طاقة كهربائية محددة، ومن اجل توفير الطاقة المستهلكة من خلال مئات ملايين الشاشات المستخدمة في اي ساعة من اليوم، قامت شركة غوغل بتطوير شاشة سوداء بديلة اقل استهلاكا للطاقة بشكل كبير، التي سينتج عند انتشار استخدامها توفير ملايين ساعات الميغاوات سنويا.
يمكن الوصول الى هذه الخدمة عن طريق www.blackle.com.
اما نحن فقد قمنا باختيار مجموعة كبيرة للقيام بالتشريع لنا، وكلفنا احدهم بترشيد الكهرباء فقام بصرف عشرات ملايين الدنانير على حملة ترشيد، نتج عنها توفير ملايين مماثلة في تكلفة الطاقة، وكأنك يا بوزيد ما غزيت!

أحمد الصراف
habibi [email protected]