سامي النصف

شئ من السياسة

هل تذكرون ما كنا نسمعه قبل أقل من خمسة أعوام من إخوتنا العراقيين من استحالة تحولهم إلى «اللبننة» أو «الأفغنة» وان العراق لم يشهد حسب قولهم في تاريخه خلافا سنيا – شيعيا، وان عمليات الزواج المشترك متفشية هناك لدرجة يصعب معها معرفة ابن لهذه الطائفة من تلك.

ما حدث بعد ذلك هو عمليات قتل وإبادة وتهجير طالت الملايين من أبناء الطائفتين كونهم خدعوا أنفسهم بمعسول الكلام بدلا من إطفاء مستصغر الشرر الذي كبر وأحرق البلد معه وحول أمن الناس الى خوف.

أواصر الوحدة الوطنية تقطّع هذه الأيام بسبب تكبير الدوائر التي بدلا من ان تصبح وسيلة للوحدة أصبحت أداة للفرقة غير المسبوقة بين أبناء الوطن الواحد مما جعل كل محب للوطن يترحم على الدوائر الـ 25 المفترى عليها، فالقبائل تتكتل ضد الآخرين وضد بعضها البعض، والآخرون يتكتلون ضدها والحال كذلك مع الطوائف، اضافة الى بعض المرشحين ممن نُزعت الوطنية من ضمائرهم فلم يجدوا وسيلة للوصول الى الكراسي الخضراء الوثيرة إلا إشعال الحرائق الحمراء في الوطن عبر ترديد الأكاذيب وتحريض بعض الكويتيين على بعضهم الآخر.

هناك دائما فارق كبير بين النظرية والتطبيق، فكما ان المجتمعات الإنسانية هي كالكائن الحي تبدأ في عملية نمو متدرج لا تستطيع معها ان تخرق مراحل التطور الطبيعي، فكذلك لا نستطيع ان نستخدم أدوات قد تكون مجربة ومناسبة عند مجتمعات أكثر منا رقيا وخبرة وعلما وثقافة، ان التحول الى الدائرة الواحدة والأحزاب وشعبية الوزارة هي خيارات سابقة لأوانها، وتطبيقها – كحال تطبيق خيار الدوائر الخمس – سيؤدي الى نتائج عكسية تماما ومثل ذلك ما حدث عند تحول لبنان المبكر للحزبية أو العراق للديموقراطية الكاملة وهو ما عاق التنمية السياسية الحقيقية في البلدين.
 
ان السكين والبندقية أداتان مفيدتان للكبار إلا أنهما مضرتان كل الضرر بمن لا يحسن استخدامهما ومازالت مجتمعاتنا وتجاربنا السياسية، رغم كل ما يقال، تحبو عند مقارنتها بتجارب الدول الأخرى.

دروس من مصر:
(1) أتى في جريدة «المصري اليوم» ان المحكمة الدستورية المصرية أصدرت مئات الأحكام التي تلغي بها تشريعات صدرت من مجلس الشعب لعدم دستوريتها، وهو أمر شبيه بما تقوم به المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة، نحن في حاجة ماسة لتعديل دستورنا الذي أوصله البعض لمرحلة القدسية، لاخراج محكمتنا الدستورية من بطالتها المقنعة التي وضعناها فيها.

(2) شاهدت ابان تجوالي في مصر مكاتب «مؤجرة» من قبل النواب تسمى مكاتب خدمة المواطن للنائب فلان، ولدينا حاول البعض الاستيلاء على الأراضي العامة للدولة التي يمتلكها الشعب بحجة انها مقار لخدمة المواطنين وليست دواوين، لماذا لا يؤجر هذا البعض مكاتب من ثروته التي تجاوزت الثمانية أرقام ودخلت في التسعة أصفار؟!
 
(3) اغتصب ضابط مصري لاجئة سودانية فصدر عليه حكم بالسجن المؤبد ولم تنفعه واسطة أحد، كم خادمة آسيوية اغتصبها بعض رجال الأمن المنحرفين في سجن الإبعاد ووصلت الى بلدها ونطفة الحرام في أحشائها دون محاسبة الفاعلين بسبب واسطات بعض النواب السابقين ممن نرجو سقوطهم في الانتخابات القادمة بسبب ظلمهم لأولئك النساء المستضعفات.

احمد الصراف

روكفلر والمرور

توقف الملياردير الأميركي ديفيد روكفلر عند مدخل بورصة نيويورك، عند ماسح أحذية ليزيل ما علق بحذائه من وحل. فسأله هذا عن حظ سهم معين في الارتفاع!! وعندما كشف ذلك السؤال لروكفلر ان مساح الاحذية ورفاقاً له يتعاملون بالأسهم، وكانت أسعارها في القمة يومها، قام ببيع كل ما يملك. وما لبث السوق ان انهار بعدها بأيام، وكان واحدا من القلة التي نفذت بجلدها. وعندما سئل عمن اوحى له بالخروج في الوقت المناسب اشار من نافذة مكتبه، الى ماسح الاحذية وقال: عندما يدخل هؤلاء، فعلينا نحن الخروج!!
ملاحظة روكفلر لم تكن طبقية بقدر ما كانت مهنية بحتة!!

بتشجيع من وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور قمت، وبعض الاصدقاء، وعلى مدى سنة تقريبا، بتصوير كم كبير من مخالفات المرور وطباعتها، وارسالها بالحفظ والصون، لأحد مساعديه ليقوم باتخاذ اللازم. تبين بعد فترة اننا كنا نحرث في البحر، فكمّ المخالفات كان يزداد، وفي الاماكن نفسها ومع الاطراف نفسها تقريباً، مما يعني ان الادارة المعنية إما لم تكن تأخذ عملنا في ضبط المخالفات مأخذ الجد، او ان الناس لم يعودوا يهتمون، وإما يخافون من الغرامات المالية!!
كما وجدنا ان نسبة من يستغل كتف الطريق، او حارة الطوارئ، من الوافدين هي الاعلى، ومن مستويات مادية بسيطة، مما يعني ان الكل اصبح يشعر بان القانون بشكل عام، وليس المرور فقط، لا يطبق بشكل كامل، وهنا مكمن الخطورة. فعندما يبدأ الضعيف والصغير بارتكاب المخالفات، ففي الامر ما يستحق التساؤل!
كما تبين لنا ايضاً ان «مبدأ التعاون» بين المواطن الذي يود ان يساهم في ترسيخ النظام والامن، وبين ضابط الشرطة معدوم تماما. وهذا يعود إما لاعتياد هؤلاء على التعامل مع طبقة معينة من المواطنين او المقيمين! وإما لنقص ثقافة الكثير من منفذي القانون والقائمين عليه، لكي لا نقول نقص تعليم غالبيتهم! ولا يعني هذا اننا اكثر ثقافة وعلما من احد.
فعندما يتجرأ هذا الوافد البسيط على مخالفة القانون جهارا، فهذا يعني ان في الامر خللاً خطيراً. وعندما تتكرر المخالفة نفسها وفي المكان نفسه المرة تلو الاخرى، فهذا يعني ان هناك من يقول «طز» لسبب او لآخر، وعندما يتجاهل رجل الامن ما يبديه المواطن من رغبة في حفظ الامن معه والمساعدة على تطبيق القانون، فكل هذا يعني ان قضية الدواوين المخالفة ستتكرر بأشكال واحجام مختلفة اخرى.
اما قرار وزارة الداخلية الاخير والمتعلق بانهاء اقامة الوافد في حال تكرر تجاوزه للاشارة الحمراء، فلا يمكن وصفه الا بالمجحف وعدم الانساني، وقد يفتح الباب لاستغلاله بطريقة غير قانونية من ضعاف النفوس في السلك الامني.
نحن لسنا بحاجة الى تشديد القوانين بقدر حاجتنا الى تطبيق الموجود منها.
كما ان الامر يتطلب قيام رجال الشرطة بعملهم بأمانة، وهذا غير متوافر الآن لدى نسبة لا بأس بها من المناط بهم تنظيم حركة السير، دع عنك الانشطة الامنية والتنظيمية الاخرى.
نأمل ان نرى تغييرات كبيرة على يد وكيل الوزارة الجديد.

أحمد الصراف