د. شفيق ناظم الغبرا

انفجار لبنان والوضع الإقليمي

أن يتقاتل اللبنانيون هو تأكيد لحال التآكل التي يعيشها لبنان ومعه العالم العربي الذي يزداد انغماساً بصراعات أهلية، بينما تحتفل إسرائيل بذكراها الستين، وتعود الأمور إلى نقطة الصفر. فما وقع في لبنان يعكس القضية الأكبر التي تسيطر على تفكير القياديين في «حزب الله» وسورية وإيران: آفاق حرب جديدة في المنطقة بين إسرائيل و«حزب الله» وسورية وآفاق مواجهة أميركية إيرانية. وتعيش القيادات في هذه البلدان مع توقيت هذه الحرب في هذا الصيف. مقتل عماد مغنية، الذي تشير حادثة الاغتيال إلى دور إسرائيلي في اغتياله، ربما كان البداية الهادئة لهذه الحرب الجديدة. فمغنية كان مسؤولاً عن تحضير «حزب الله» في الجنوب وفي البقاع وفي لبنان للحرب المقبلة مع إسرائيل. هل يمكن أن نقول إن الحرب قد بدأت بتحرك من «حزب الله» على أزمة الكابلات وشبكة الاتصالات التي يقوم «حزب الله» ببنائها بمعزل عن الدولة؟ ولكن «حزب الله» كان يبني ما يبني في إطار الاستعداد للحرب المتوقعة هذا الصيف(بمعزل عن الدولة) وبمعزل أن أي قرار عربي، فاعتبر أن ما تقوم به الدولة إضعاف له في معركة يستعد لها؟ بطبيعة الحال سيقول الكثيرون من اللبنانيين: وما دخلنا في حرب إقليمية؟ هذا التساؤل في مكانه، ولكن من جهة أخرى، ان ضعف لبنان وانقسام مجتمعه بهذه الحدة واكتشاف كل من سورية وإيران لحلفاء في لبنان في المواجهة مع إسرائيل ومع القوى اللبنانية السيادية يجعل لبنان متورطاً بما يحصل.  متابعة قراءة انفجار لبنان والوضع الإقليمي

احمد الصراف

عمالة وحشيش

قامت الدول الغربية، واميركا بشكل خاص، بدفع مليارات الدولارات كتعويضات لمزارعي المخدرات في اميركا الجنوبية وتركيا وافغانستان، وحتى ايران ايام الشاه، لتشجعيهم على التخلي عن زراعتها واستبدالها بزراعات بديلة كبذرة عباد الشمس، وقد تم اللجوء إلى هذه الطرق الوقائية المكلفة بعد ان تبين ان الصرف عليها مهما كان كبيرا فانه لا يقارن بتكلفة معالجة مشاكل الادمان في الدول الغربية.
توجد في الكويت مشكلة رهيبة تتعلق باتجار بعض المتنفذين، ويقال ان من بينهم افرادا نافذين، باقامات العمالة البسيطة، خصوصا الهندية والبنغالية الذين لا يتجاوز راتب الحاصلين منهم على عمل، التسعين دينارا شهريا!
لهذه المشكلة جانب انساني يتعلق بحقوق الانسان، فغالبية هؤلاء العمال السيئي الحظ باعوا كل ما يملكون في اوطانهم لدفع ثمن دخولهم جنة الكويت، وبقاء نسبة كبيرة منهم من دون عمل فيه هدر لأبسط حقوقهم كبشر.
كما ان قيام كفلائهم من المواطنين برميهم في الشارع من دون مساعدة، دفع الكثيرين منهم إلى حضن الجريمة المغري، خصوصا ان الجوع لا يعرف الرحمة ولا المنطق.
ان تجارة الاقامات، كما ورد في افتتاحية «القبس» قبل ايام، وفي التحقيق الرائع للزميلة ليلى الصراف، هي من المشاكل القليلة التي لا يمكن لوم اي طرف على وجودها غير الحكومة المدارة من قبل السلطة! وبالتالي فهي السبب وبيدها وحدها الحل، والحل معروف وموجود.
لقد سبق ان شكل احد مجالس الامة لجنة برلمانية للتحقيق في تجارة الاقامات، وترأس اللجنة وقتها النائب السابق عبدالمحسن جمال، بيد انها لم تفشل فقط في وضع يدها على لب المشكلة، بل وانتهت الى ان لا مشكلة! نعود لبداية المقال، ونقول أن من الواضح ان الحكومة اما انها غير قادرة على وضع حد للمشكلة، وهذا غير معقول، وإما انها ربما غير راغبة في وضع حد لها لكي لا تنقطع ارزاق البعض!
وحيث ان هذه الحكومة، وكل الحكومات السابقة، وجميع وزراء ووكلاء الشؤون وكبار موظفي الوزارة على علم بأسماء غالبية المتاجرين بالاقامات من المواطنين، وتعلم كذلك مدى التكلفة المالية والامنية والاجتماعية والاخلاقية الباهظة التي تتكلفها الدولة والمجتمع جراء وجود هذا العدد الضخم من العمالة العاطلة والسائبة في الشوارع دون مورد مالي، او ضمان صحي او امل، وحيث ان الحكومة غير راغبة في وضع حد لاستغلال هؤلاء، فإن من الافضل اللجوء لسياسات الوقاية نفسها التي لجأت اليها الدول الغربية التي تمثلت في تقديم اغراءات مالية لمزارعي الحشيش لدفعهم إلى ترك زراعتهم المحرمة، وذلك عن طريق حصر اعداد المتعاملين في تجارة الاقامات ودفع تعويضات نقدية لهم مقابل تعهدهم بالتخلي عن زراعة الحشيش، آسف اقصد بالتخلي عن المتاجرة بالبشر، فمهما دفع لهؤلاء فإنه لا يشكل نقطة في بحر ما سيستفيده المجتمع من التقليل من حجم هذه المشكلة الانسانية البائسة.
اعلن انه اقتراح غير عملي وغير معقول، ولكن هل هناك ما هو افضل منه؟

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

«العداوة»… بين الدولة و «الوفاق»!

 

يبدو «العداء» بين الدولة، كسلطة، وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبيرا جدا جدا… لكنه «عداء» يحتمل أكثر من وجه وصورة وممارسة، غير أن الحقيقي منه… أي ذلك «العداء» أنه غير حقيقي!

ليس ذلك لغزا، لكن لنبدأ من حيث انتهينا… وأقصد هنا، انتهاء شكل من أشكال «العداء» المفترض بين الدولة و «الوفاق»، مع الاحترام للآراء التي تجعله عداء بين الجمعية و «شخصيات ذات نفوذ في الدولة» وليس مع القيادة أو السلطة… أي إسدال الستار على أشهر استجواب، وهو استجواب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة، وتبرئته على رغم تقديم الجمعية مذكرة عاجلة بشأن تفاصيل الاستجواب.

فـ «الوفاق» كجمعية تمثل الثقل الأكبر للطائفة الشيعية في البلد – وأنا شخصيا لست عضوا فيها لكنني أتشرف بها – تتلقى الآن، بعد تبرئة الشيخ وقبله، الطعنات تلو الطعنات، ومن الجهات الأربع الرئيسية والفرعية، باعتبارها في نظر الموالاة خنجرا في خاصرة الدولة، وفي نظر من يطلق عليهم «المحسوبون على الحكومة» هي جمعية ذات مآرب وأهداف مشبوهة بالتنسيق مع دولة أجنبية، هي إيران بلا لف ولا دوران، وفي نظر نواب التصريحات الصحافية النارية هي «عصا في دولاب نهضة البلد وتطوره»، وهي في نظر مخالفيها «جمعية نفاق»، وفي أنظار آخرين: هي متآمرة، طائفية، صفوية، عميلة وأوصاف أخرى قد لا أستطيع عدَّها… وبعد، هي في نظر القلة القليلة من المعتدلين، جمعية تمثل صورة من صور الحراك السياسي والديمقراطي في البلد وفقا للقوانين ووفقا لمتطلبات ومنطلقات المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، واتباع هذا الرأي، يرفضون كل الأوصاف والنعوت السابقة الذكر.

الآن، هل العداوة بين الدولة و «الوفاق» حقيقية أم لا؟

إذا قدر لنا أن نستعيد حضور الجمعية السياسي ومنهجها على مدى سنوات المشروع الإصلاحي السبع، بعيدا عن تقييم الأداء ونوعيته، وبعيدا عما إذا كانت من القوة بحيث تمثل الطائفة الشيعية، أو من الضعف بحيث تخيب آمالهم، لن نجد دليلا واحدا على أن هناك عداء بين الدولة وهذه الجمعية! مع وجود قائمة الاتهامات التي تمتلئ بها ملفات «الآخرين» والتي هي كفيلة قانونيا – لو كانت صحيحة – بأن تضع «الوفاق» وراء القضبان… أقلها تهمة التحريض على كراهية الدولة التي ما فتئ يرفعها أولئك «الآخرون»، وأكبرها التآمر مع دولة أجنبية.

العداء ليس حقيقيا! إذا، هل يمكن تحديد محركات ومولدات ذلك الاتهام؟ بالتأكيد هو أمر سهل، فمصادر الاتهام هي كالآتي:

– صحيفتان فقط في البلد، لا يخرج خطابهما عن كيل الاتهامات تلو الاتهامات للجمعية، وطوال السنوات الماضية، لم تتمكن هاتان الصحيفتان من إثبات جملة الاتهامات التي لاتزال قائمة!

– نواب، بل كتل نيابية بأسرها، لها مسار واحد في التعامل مع الجمعية، من دون اكتراث بالمصلحة العليا للوطن والمواطن، أو الاعتبار للسلم والاستقرار الاجتماعي والدفع في اتجاه تعزيز الممارسة الديمقراطية، لتصبح تلك الكتل بنوابها ندا قويا في صف «الموالاة» في وجه «المعارضة»… ذلك المسار باختصار: عداء «الوفاق» وحقدها على الدولة.

– منتديات إلكترونية مليئة بالأسماء المستعارة طبعا، وكأنها أنشئت فقط للنيل من الجمعية، فيصبح عملها في مواجهة الفساد وتقديم المقترحات وتنفيذ برامج عمل أو فعاليات، كلها طائفية بغيضة، ولا يجب أن ننسى كتابات بعض الزملاء الأعزاء من كتاب الأعمدة، وكأنه لا همَّ لهم، ولا قضية كبرى في حياتهم إلا جمعية الوفاق.

قد تكون هناك عوامل أخرى لا تحضرني، أو ربما أجهلها، لكن ما أعلمه يقينا، أن الدولة لا تعادي «الوفاق» والجمعية لا تعادي الدولة! ولعل هذا القول في حاجة الى برهان، والبرهان الذي لدي واستند إليه في انعدام ذلك العداء، هو اللقاءات التي عقدت بين «الوفاق» وجلالة الملك ورئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة والتي اعقبتها تصريحات من القيادة ليس فيها شيء من التخوين والتشكيك الممارس علنا ويوميا ضد «الوفاق»، فيما تعقد الجمعية لقاءات مستمرة مع كبار المسئولين في الدولة، ولقاءاتها مع وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في مناسبات متعددة وفي اطار قضايا كثيرة مهمة، ليست خافية على أحد.

نعم، قد يكون هناك «أقطاب» في الدولة وفي السلطة التشريعية، وفي الخفاء، شخصيات، لديها عداء مع الجمعية، لكنه في نظري ليس عداء دولة، ولربما بدا واضحا أنني من المدافعين عن «الوفاق» هنا، لكن، بالنسبة إلى من يعتقد جازما بأن الوفاق (المتآمرة الطائفية التي تعمل على «تدمير البلد وتأخيره» بأدلتهم وبراهينهم الساطعة)… عليهم مقاضاة الوفاق بالقانون في المحاكم، حتى يتسنى لنا أن نوقف شكلا من أشكال الممارسة الطائفية الطافية في البلد، لأن شعب البحرين لم يعد يحتمل ذلك التهريج.

حتى لو كان «خربط بربط».