محمد الوشيحي

جمهورية الفحص الفني

النتيجة تعادل: أحمر مقابل أحمر… تتحدث قوافل الركبان القادمة من أوروبا، وتحديدا سويسرا وفرنسا وهولندا، عن الأرباح الخيالية التي حققتها محلات بيع الورود والهدايا هناك بمناسبة عيد الحب (فالانتاين دي)، وعن «انتشار» اللون الأحمر في الشوارع وواجهات الفنادق والمطاعم والمباني الرسمية. وفي مقابل القوافل، ينقل لنا الحمام الزاجل القادم من «خيمة العروبة» أو «خيبة العروبة» سورية، أخبارا عن «انتثار» اللون الأحمر في أحد الشوارع السورية باغتيال «سيد الخطف والقطف» عماد مغنية، في لحظات الحب وأعياده… الفرق واضح في استخدام اللون الأحمر، هناك «انتشار» وهنا «انتثار». وليس على أوروبا «عار» إن هي خسرت أمام العرب في «الحَمار». فلا «أحمر» منا عليّ الطلاق، أو على الإطلاق.
في سورية (الدولة التي تخصصت في الفحص الفني للسيارات. نحن نتحدث عن عدد السلندرات في كل سيارة، وهم يتحدثون عن عدد الكيلو غرامات من المتفجرات اللازمة لنسف كل سيارة. اختلاف وجهات نظر)، المهم، في أحد شوارع سورية تم قتل عماد مغنية، فاهتزت بنايات إيران وخنادق لبنان وسراديب الكويت.
لم يمت عماد مغنية لوحده، بل ماتت معه «التقيا الوطنية» لأتباعه وأذنابه في الكويت. فانظروا لكاتب هنا ونائب هناك وهم يحاولون الآن البحث في قش الأعذار عن إبرة ينفذون من خلالها. تارة يتكلمون بصوت متقطع وهم يفركون خدودهم وينظرون في كل الاتجاهات: «لا ندري عما في الصدور، فقد يكون «الحاج المجاهد» قد تاب بعد اختطافه طائرة الجابرية، وخير الخطائين التوابون». وتارة أخرى: «من قال بأن مغنية هو مختطف طائرة الجابرية؟ هل هناك دليل أو اتهام من حكومة الكويت له؟»، ليأتي وزير الداخلية الكويتي ويتحدث عن مغنية بجملة مختصرة، صريحة مريحة لنا، فضيحة قبيحة لهم: «هذا مجرم»… فما الذي يريدونه من الحكومة أكثر من ذلك؟ هل يريدون إعراب الجملة؟
وإن كان وكيل المراجع محمد باقر المهري يدفن رأسه الآن في رمال خلف جدران الصمت الصاخب، معتقدا بأننا لا نرى جسمه، تماما كالنعامة الفتخاء، ينتظر سكون العاصفة ليخرج لنا من جديد، فإن آخرين (ومنهم النائب عدنان عبد الصمد) قد تحدوا مشاعرنا وداسوا على دمائنا وكرامتنا بعدما أقاموا، بكل صفاقة، يوم أمس مجلس تأبين «للشهيد» عماد مغنية (أكتب المقال وساعة يدي تشير إلى السابعة إلا الربع، أي قبل بدء مجلس التأبين بربع ساعة، والمعلومات التي وصلتني تفيد بأن حضور مجلس التأبين تجاوز السبعمئة شخص). وباعتقادي، لم يعد أمام وزارة الداخلية، أو إدارة أمن الدولة تحديدا، سوى أن تعلّم هؤلاء الصفاقة على أصولها وبألوانها السبعة. سواء من حضر منهم مجلس التأبين أو من صرّح أو كتب مقالة جرّحت العلم الكويتي… وإن كان لهذه الدولة من أمن، فهو على المحك بلا شك.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *