سعيد محمد سعيد

اضرب واهرب!

 

إذا تمكنا من وصف ما يحدث أمام المدارس، منذ بداية العام الدراسي حتى نهايته، من ناحية التوتر المروري والتشنج والشجار الواقع بسبب الازدحام، فليس لدينا إلا أن نقول: «كان الله في عون الجميع»، وأولهم طبعا رجال المرور ومعهم حراس المدارس، والآن، عناصر شرطة المجتمع.

لكن، هل كل هذا الثقل يقع على عاتق المسئولين عن تنظيم الحركة المرورية، سواء من رجال المرور أم حراس المدارس أم مشاركة شرطة المجتمع معهم؟ هذا السؤال كان مدار نقاش مع بعض الزملاء، وكانت القسمة على اثنين فقط: الأول جلس مرتخيا مؤكدا أنه لا يعاني من هذه المشكلة، والثاني جلس متوترا مكذبا الأول معلنا أن كل الناس تعاني، فلماذا لا تعاني أنت وكيف؟ أجابه ببساطة: «متى تحترق أعصابك؟ بالتأكيد حينما تتأخر عن إيصال الأطفال إلى المدارس وبالتالي عن العمل؟ وتزداد أعصابك احتراقا كلما دخلت في شارع أو طريق تكدست فيه السيارات على بعضها بعضا في طابور طويل… أليس كذلك؟ قال الآخر: نعم. فأجابه زميله بأنه كان يعاني من المشكلة ذاتها، ولم يحمِ أعصابه إلا عندما بكر في الخروج من المنزل مع أطفاله بفارق عشر دقائق عن السابق! إذ كان يخرج من المنزل في السادسة والنصف، فصار يغادره الآن في السادسة والربع، ومع احتمال وجود تأخير، فإن مدة الوصول إلى مكان العمل ستكون أقصر.

وكنت قد تابعت فعلا استعدادات الإدارة العامة للمرور، وتحدثت مباشرة إلى مدير إدارة التوعية المرورية الرائد موسى الدوسري، الذي كان واضحا ومباشرا في تحديد أهم المشكلات المرورية المرتبطة بالعام الدراسي الجديد، وبالتالي، صوغ البرامج والأنشطة وإصدار المطبوعات وتنظيم المحاضرات ضمن حملات التوعية السنوية، لكن يبقى من الطرف الآخر، الذي هو أنا وأنتم ونحن وهم وهؤلاء وأولئك، الالتزام بما يجعلنا في هدوء وراحة أعصاب، ولا يمكن ذلك من دون التعاون مع بعضنا بعضا…

فبدلا من التشاجر وإلقاء الكلمات النابية واستخدام أسلوب «اضرب واهرب»! وجد الكثير من الناس أنفسهم في اتجاه صحيح وآمن، وهو الخروج مبكرا، ثم الخروج مبكرا إذا صار التبكير تأخيرا، لأننا أصبحنا محاصرين بأشد أنواع الحصار وهو: «إنشاءات الطرق والتحويلات والاختناق الحقيقي والمفتعل»، وليس أمامنا إلا الصبر حوالي سنتين كاملتين لحين انتهاء المشروعات، وبعد هاتين السنتين، وإن لم تنته المشكلة، سيكون شعار الجميع: «دودهو من دودهك من طقك»… على ما يبدو.