يبدو مما هو قائم، ورغم الاهتمام الأميركي الجديد، أن تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي لن تصنع بسهولة وقبل مرور مزيد من الصعوبات والمواجهات والتعثرات. ما وقع في غزة من مجزرة وما سيقع في المستقبل من ردود فعل يشير إلى بُعد التسوية، وما يقع من اعتقالات واغتيالات في الضفة الغربية يؤكد أن الصراع لن ينتهي في المدى القريب. فهناك في الساحة الفلسطينية ضعف واضح: حركة «فتح» تتراجع نسبة لما كانت عليه من حركة وطنية جامعة لا تقل في حجمها للفلسطينيين عن حجم جبهة التحرير الجزائرية في زمن الثورة. أما حركة «حماس» فهي الأخرى تتراجع في قوتها وزخمها وشعبيتها بالطريقة نفسها: انتشار الفساد، سياسات القمع بحق المعارضين تأجيج للصراع الداخلي، خطف شخصيات وطنية وتخوين شخصيات مناضلة. في أجواء كهذه لن يستطيع الرئيس الفلسطيني أبو مازن أخذ قرارات كبرى تقرر مصير السلام. ففي فلسطين لا توجد حتى الآن شخصية جامعة تستطيع أخذ قرارات تاريخية كشخصية ياسر عرفات. فبغيابه يزداد تفكك الحركة التي أسسها، بل ربما علم الإسرائيليون وعلم شارون أن التخلص منه كان سيؤدي إلى هذه النتيجة. متابعة قراءة هل هناك تسوية للصراع العربي – الإسرائيلي؟
الوسم: الكويت
بوش وجولة العالم العربي في دائرة التقييم
تعكس زيارة الرئيس بوش الأخيرة، وهو في عامه الأخير في الرئاسة مدى اهتمامه بالأوضاع العربية المؤثرة على الحرب والسلام العالميين. ففي هذه الزيارة التي تعكس مزيداً من العمل الديبلوماسي ما ينبئ منطقتنا ببعض المفاجآت سواء كانت سلبية أو إيجابية وسواء كانت لصالحنا أو لغير صالحنا. فالإدارة الأميركية تعاملت مع الشرق الأوسط على مدى الأعوام الثمانية الماضية بطرق مختلفة مستخدمة الوسائل المسلحة والضغوط والديبلوماسية في الوقت نفسه. إن الولايات المتحدة في حالة حرب في منطقة الشرق الأوسط، فقواتها في العراق وأفغانستان تعد بمئات الآلاف، وهي في حالة مواجهة مع الجمهورية الإسلامية في ايران، ومع سورية ومع «حزب الله» ومع الحركات الإسلامية ومع «حماس» وفوق هذا كله مع «القاعدة». متابعة قراءة بوش وجولة العالم العربي في دائرة التقييم
هل بدأ التغيير في الكويت؟
كيفما فكرنا في الوضع الراهن في الكويت، فهو بالتأكيد لن يبقى على هذه الصورة التي عرفناها على مدى زمن طويل. ومن الواضح أن الصورة ازدادت تراجعاً في الأعوام القليلة الماضية أولاً بفضل الصدام الدائم بين المجلس والحكومة، وبسبب غياب التصورات الحكومية القادرة على الدفع بأجندتها الوطنية في المجلس والإطار الوطني العام. ورغم التوقع بأن الوضع قد يزداد سوءاً قبل أن يتحسن، إلا أن بوادر التطور الإيجابي وقعت من خلال إقرار القوانين الجديدة ومن خلال مقدرة الوزيرة الصبيح على مواجهة الاستجواب بوضوح وجرأة. ومع ذلك تعيش الكويت بين أكثر من احتمال وسيناريو.
السيناريو الأول: أن يستمر التدهور وتزداد الدولة فقداناً للقدرة على التأثير، بينما تزداد الفوضى السياسية في البلاد. في هذا المجال ستكون حالة من الشلل والتأخر هي المسيطرة على البلاد. في أجواء كهذه يسيطر الضعف على المؤسسات، وتتأخر الإصلاحات وتتزايد المشكلات، وسط غضب لا حدود له في الشارع السياسي وفي مجلس الأمة. في ظل هذا السيناريو تستمر البلاد في الاختلاف على أبسط القضايا وأقلها أهمية، وتستمر حالة الصراع بين القوى المختلفة وسط الاتهامات المتبادلة. في أجواء كهذه يتضاعف التسيب الحكومي وتزداد المشكلة الاقتصادية لدى صغار الموظفين ولدى الخريجين الباحثين عن العمل. خطورة هذا السيناريو أنه يدمر البلاد على مراحل. في هذا السيناريو تتأخر الكويت ويزداد الوضع توتراً وتفشل البلاد في المجالات كافة. ولكن تفادي هذا السيناريو ممكن، ولكنه يتطلب وعياً خاصاً على الصعيد العام والحكومي والسياسي. متابعة قراءة هل بدأ التغيير في الكويت؟
احتفالات رأس السنة والضجة المثارة؟
رأس السنة ليس احتفالاً مسيحياً، أو بوذياً أو هندوسياً أو يهودياً أو غيره، بل هو احتفال عالمي تحتفل فيه كل أمة وحضارة وكل دولة ومجتمع. الاحتفال في جوهره إعلان لنهاية عام وإعلان في الوقت نفسه لبداية عام جديد، فهو إعلان إيجابي بالتفاؤل بالمستقبل وبالجديد وتوديع للماضي مهما كانت حصيلته، فهو عيد تحتفل فيه الشعوب على ألوانها ودياناتها وعقائدها. إن التقويم الذي يبدأ في الأول من يناير من كل عام أصبح أساساً لإصدار الكتب والصحف وأساساً لبرامج الحكومات والانتخابات وأساساً لكل توقيت وكل عمل في العالم. لهذا نجد أن الشعوب كلها تجد في هذا اليوم بالتحديد يوماً للتعبير عن الفرح في المجال العائلي أو الشخصي تجمعاً واحتفالاً. ولكن تعبير الناس عن فرحتهم في هذا اليوم يختلف من أسرة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر ومن فئة إلى أخرى، فهناك من يحتفل بهدوء، وهو محق في هذا، وهناك من يحتفل في أجواء راقصة وغناء لا يتوقف وهو محق في هذا، وهناك من يحتفل سفراً وهناك من يجلس في منزله للاستمتاع بمتابعة الاحتفالات في العالم من خلال جهاز التلفاز وهو محق أيضاً في هذا، وهناك من يحتفل من خلال الخروج إلى الشارع والوقوف مع تجمعات تنتظر لحظة بداية العام الجديد. أنواع التعبير تختلف وإن كانت في الجوهر تعبير عن الإقبال على العام الجديد بتفاؤل وسعادة. لهذا من الصعب أن يقتصر الاحتفال على شكل محدد، على طريقة واحدة وعلى تعبير واحد، فالمحاولة في تحديد شكل الاحتفال تفسد من أجواء البهجة والشعور بالحرية المصاحب له، كما أنها في الوقت نفسه تفشل في إيقاف هذا الوضع، فعلى مر الأزمان تفوقت أجواء البهجة، خصوصاً عندما واجهت محاولات للتحكم من أقطاب حزبية وسياسية وعقائدية ودينية. فالتحكم يأتي مع نسبة كبيرة من القمع والبوليسية، وهو ما ترفضه فئات المجتمع وأفراده، وينتج عادة عن ذلك المزيد من التمرد والتمترس والرفض لهذا الأسلوب. متابعة قراءة احتفالات رأس السنة والضجة المثارة؟
اختفاء الوسط العربي الإسلامي
مع نهاية العام السابق الذي ختم باغتيال بنازير بوتو يبرز السؤال الأكبر: هل الشرق الإسلامي لا يحتمل إلا نمطين من الأشخاص والحكومات: إما أن تكون بن لادنياً تسعى إلى تفجير كل محيط وإما أن تـــكون صــــدامـــياً تـــغرق معارضيك بحروب وصراعات واغتيالات؟ عالمنا الإسلامي يعيش إما الديكتاتورية وإما التطرف في مواجهتها. أما النماذج التي تــــمارس الســـياسة ذات الطابع الوسطي، والتي تؤمن بالديـــموقراطية وتعدد الآراء، فهي تنتهي حتى الآن في دولنا إما في السجن أو الإبعاد وإما في ما هو أسوأ، أي الاغتيال. متابعة قراءة اختفاء الوسط العربي الإسلامي
الكويت من الإمارة إلى الدولة (15)
كان النظام يعتقد أننا باستقالتنا لن نعود ثانية إلى المجلس، فإما أن نقاطع الانتخابات وإما لو رشحنا أنفسنا فلن يقبلنا الناس بعد أن خذلناهم بالاستقالة، فبدوا واثقين من النتيجة. إلا أن توقعاتهم خابت بعد بدء الحملة الانتخابية، فالحماسة التي وجدناها كانت جارفة، وكانت وسيلتنا الفعالة هي زيارة الدواوين وإقامة الندوات من خلالها. لم نعرف بعد المهرجانات الخطابية ولا توزيع البرامج الانتخابية ولا الإعلانات والملصقات المكثفة، كان اعتمادنا الكلي على ندوات الدواوين والاتصالات الشخصية وبعض الصحف المحلية ذات التوجه الوطني، وغني عن القول أن وسائل الإعلام رسمية ولم تكن بمتناول يدنا بل كانت معادية لنا. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (15)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (14)
اتفاقية تنفيق العوائد والاستقالة والتزوير
في 26 يناير 1965 فاجأ مجلس الأمة الكويتي العالم عندما أسقط بالإجماع اتفاقية تنفيق العائدات التي عرضتها شركات النفط الكبرى المهيمنة على إنتاج النفط في العالم ونقله وصناعته. واللافت للنظر هنا أن المجلس كان قد أسقطها بعد أن أقرتها ثلاث دول نفطية هي إيران والسعودية وقطر. وكانت موافقة الكويت كدولة رابعة ضرورية لسريان الاتفاقية على جميع دول الشرق الأوسـط، وتشمـل العـراق الذي رفـض الاتفاقية وليبيا التي لم تبت في أمرها.
كانت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الناشئة، التي ناضل من أجل قيامها الخبير النفطي العربي الفذ عبدالله الطريقي، قد توصلت مع الشركات إلى الاعتراف بحقوق الدول المنتجة في كامل «العوائد» التي كانت تحصل على نصفها. وأعدت المنظمة النموذج الموحد للاتفاقية، إلا أن الشركات استطاعت أخذ موافقة إيران على صيغة معدلة أعدتها الشركات بعد تقديم رشوة لها بإقراضها 22 مليون جنيه استرليني لمدة عشرين عاماً من دون فوائد ووعدها برفع إنتاجها من النفط بحيث تصبح الدولة الأولى في تصديره، مما اضطر أوبك إلى إلغاء الموضوع من جدول أعمالها إذ إن ميثاق المنظمة يلزم بجماعية القرار. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (14)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (13)
مرض عبدالله السالم ووفاته
انقلاب عارف
عندما أطاح عبدالسلام عارف، بالتحالف مع البعث، حُكمَ عبدالكريم قاسم عام 1963 استبشرنا خيراً. وعندما أعلنت التشكيلة الوزارية كان فيها نحو ستة وزراء كانوا زملاء لي في جمعية العروة الوثقى في بيروت، فقررت الذهاب إلى بغداد لتهنئتهم، وأثناء حفلة عشاء أقيمت على شرفي من قبل هؤلاء الأصدقاء، أسرّ لي أحدهم بأن علي صالح السعدي موجود في المطعم وهو يرغب في التعرّف إليّ. أنا لا أعرفه شخصياً ولكنني أعلم أنه الشخصية الأولى في الحكم الجديد، فقلت: أهلاً به.
انضم إلينا على مائدة العشاء وصرنا نتحدث عن همومنا القومية وكان جالساً بقربي، فقلت له: لماذا لا تنهون مشكلتكم معنا وتعترفون بالكويت، فقال: أنتم لستم دولة مستقلة، فأنتم حسب وثيقة الاستقلال لا تزالون تحت الحماية البريطانية، ونحن مستعدون للاعتراف بالكويت حالما تلغون هذه الحماية، وليست هناك شروط أخرى. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (13)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (12)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)
عقدت لجنة الدستور جلستها الأولى بتاريخ 1962/3/17 وبحضور الخبير القانوني للحكومة محسن حافظ، الذي طلب إليه أن يضع مسودة للدستور تتم مناقشاتها بعد أن يتم الاتفاق على طبيعة نظام الحكم هل هو رئاسي أو برلماني.
وفي الجلسة الثانية أبدى الخبير رأيه بأن يكون نظام الحكم برلمانياً لا رئاسياً، لأن طبيعة النظام ملكي وراثي وبالتالي لا يجوز أن يرأس الأمير الوزارة فيعرض نفسه للنقد والمحاسبة داخل المجلس وربما لنزع الثقة. ولاقى هذا الاقتراح معارضة شديدة من الشيخ سعد العبدالله، إلا أنه تراجع لاحقاً عن ذلك، وجرى جدل طويل ومرير حول الوزارة، ولما اقترح بأن يكون نصف الوزارة من مجلس الأمة أكد سعد العبدالله رفضه لذلك مكرراً قوله إن هذا الاقتراح يقصد منه منع أعضاء الأسرة الحاكمة من دخول الوزارة، وأيده في ذلك القانوني محسن حافظ وهدد الشيخ سعد العبدالله بالانسحاب من اللجنة إن أصرت على ذلك، وكان موقفاًًً غريباًً فالأمير هو الذي يعين رئيس الوزراء ورئيس الوزارة يعرض الوزارة على الأمير ونصف الأعضاء من خارج المجلس ويمكن أن يكونوا كلهم من الشيوخ، ومع ذلك يرى سعد العبدالله أن هذا الاقتراح هو ضد الصباح ويهدد بالانسحاب. والحقيقة أن ذلك نابع من المفهوم السائد قبل وضع الدستور عند أسرة الصباح بأنهم وحدهم فقط من يجب أن يكون في الحكم، فأول وزارة شكلت مع المجلس التأسيسي كان فيها 11 وزيراً من الصباح وثلاثة فقط من غير الأسرة، ولعله كان يبدي استياءه من وجود حتى ثلاثة من غير الصباح! ويريد أن يكون جميع الوزراء من الأسرة. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)