محطّات من العمل القومي والوطني
منذ عودتي إلى الكويت كان لي برنامج يومي تقريباً التزمته لفترة من الزمن، فحالما أنتهي من دوامي بوزارة الصحة، أتوقف في سوق التجار ثم أمرّ على الشيخ سعد العبدالله الصباح في مكتبه قبل الذهاب إلى البيت للغداء، ثم أعود إلى الدوام في الصحة يلي ذلك اجتماعات تنظيمية وزيارات للدواوين. كانت الصرامة في استخدام الوقت أفضل استخدام عنصراً مهماً في العمل السياسي والاجتماعي، فمن ممارسة ملتزمة للطب وتكريس وقت للعلاقات الاجتماعية والعمل التنظيمي، وهكذا كان هناك تواصل دائم مع التجار، إضافة إلى وجود علاقة منفتحة وخالية من العقد مع الأسرة الحاكمة. ولعل أحد الأمثلة الدالة على ذلك أنه حينما أنشأنا لجنة شعبية لجمع التبرعات اتصل بنا الشيخ سعد العبدالله الصباح طالباً الانضمام إلى تلك اللجنة. ويتجلى المثال الآخر من خلال حادثة إغلاق جريدة «الفجر»، التي كانت قد أغلقت بأمر من دائرة المطبوعات التي كان يرأسها الشيخ صباح الأحمد الصباح، وقد تصادف خارج البلاد بعد ذلك القرار فكان أن ذهب يعقوب الحميضي للحديث مع الشيخ جابر الأحمد الصباح في مدينة الأحمدي مطالباً إياه بالسماح للفجر بالعودة إلى الصدور، وقد أمر بإعادة صدورها فوراً، وطلب منا أن نلتقي عنده في «الجوهرة»، وأفصح لنا عن رغبته في وجود دستور للكويت عندما ذهبنا إليه أنا ويوسف إبراهيم الغانم وجاسم القطامي، وبدأنا منذ ذلك الوقت نعمل معاً لتحقيق هذا الهدف، وعقدنا عدة اجتماعات في بيته «الجوهرة» لبحث مجمل الأوضاع في الكويت. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (5)