كان النظام يعتقد أننا باستقالتنا لن نعود ثانية إلى المجلس، فإما أن نقاطع الانتخابات وإما لو رشحنا أنفسنا فلن يقبلنا الناس بعد أن خذلناهم بالاستقالة، فبدوا واثقين من النتيجة. إلا أن توقعاتهم خابت بعد بدء الحملة الانتخابية، فالحماسة التي وجدناها كانت جارفة، وكانت وسيلتنا الفعالة هي زيارة الدواوين وإقامة الندوات من خلالها. لم نعرف بعد المهرجانات الخطابية ولا توزيع البرامج الانتخابية ولا الإعلانات والملصقات المكثفة، كان اعتمادنا الكلي على ندوات الدواوين والاتصالات الشخصية وبعض الصحف المحلية ذات التوجه الوطني، وغني عن القول أن وسائل الإعلام رسمية ولم تكن بمتناول يدنا بل كانت معادية لنا. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (15)
الوسم: الكويت من الإمارة إلى الدولة
الكويت من الإمارة إلى الدولة (14)
اتفاقية تنفيق العوائد والاستقالة والتزوير
في 26 يناير 1965 فاجأ مجلس الأمة الكويتي العالم عندما أسقط بالإجماع اتفاقية تنفيق العائدات التي عرضتها شركات النفط الكبرى المهيمنة على إنتاج النفط في العالم ونقله وصناعته. واللافت للنظر هنا أن المجلس كان قد أسقطها بعد أن أقرتها ثلاث دول نفطية هي إيران والسعودية وقطر. وكانت موافقة الكويت كدولة رابعة ضرورية لسريان الاتفاقية على جميع دول الشرق الأوسـط، وتشمـل العـراق الذي رفـض الاتفاقية وليبيا التي لم تبت في أمرها.
كانت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الناشئة، التي ناضل من أجل قيامها الخبير النفطي العربي الفذ عبدالله الطريقي، قد توصلت مع الشركات إلى الاعتراف بحقوق الدول المنتجة في كامل «العوائد» التي كانت تحصل على نصفها. وأعدت المنظمة النموذج الموحد للاتفاقية، إلا أن الشركات استطاعت أخذ موافقة إيران على صيغة معدلة أعدتها الشركات بعد تقديم رشوة لها بإقراضها 22 مليون جنيه استرليني لمدة عشرين عاماً من دون فوائد ووعدها برفع إنتاجها من النفط بحيث تصبح الدولة الأولى في تصديره، مما اضطر أوبك إلى إلغاء الموضوع من جدول أعمالها إذ إن ميثاق المنظمة يلزم بجماعية القرار. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (14)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (13)
مرض عبدالله السالم ووفاته
انقلاب عارف
عندما أطاح عبدالسلام عارف، بالتحالف مع البعث، حُكمَ عبدالكريم قاسم عام 1963 استبشرنا خيراً. وعندما أعلنت التشكيلة الوزارية كان فيها نحو ستة وزراء كانوا زملاء لي في جمعية العروة الوثقى في بيروت، فقررت الذهاب إلى بغداد لتهنئتهم، وأثناء حفلة عشاء أقيمت على شرفي من قبل هؤلاء الأصدقاء، أسرّ لي أحدهم بأن علي صالح السعدي موجود في المطعم وهو يرغب في التعرّف إليّ. أنا لا أعرفه شخصياً ولكنني أعلم أنه الشخصية الأولى في الحكم الجديد، فقلت: أهلاً به.
انضم إلينا على مائدة العشاء وصرنا نتحدث عن همومنا القومية وكان جالساً بقربي، فقلت له: لماذا لا تنهون مشكلتكم معنا وتعترفون بالكويت، فقال: أنتم لستم دولة مستقلة، فأنتم حسب وثيقة الاستقلال لا تزالون تحت الحماية البريطانية، ونحن مستعدون للاعتراف بالكويت حالما تلغون هذه الحماية، وليست هناك شروط أخرى. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (13)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (12)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)
عقدت لجنة الدستور جلستها الأولى بتاريخ 1962/3/17 وبحضور الخبير القانوني للحكومة محسن حافظ، الذي طلب إليه أن يضع مسودة للدستور تتم مناقشاتها بعد أن يتم الاتفاق على طبيعة نظام الحكم هل هو رئاسي أو برلماني.
وفي الجلسة الثانية أبدى الخبير رأيه بأن يكون نظام الحكم برلمانياً لا رئاسياً، لأن طبيعة النظام ملكي وراثي وبالتالي لا يجوز أن يرأس الأمير الوزارة فيعرض نفسه للنقد والمحاسبة داخل المجلس وربما لنزع الثقة. ولاقى هذا الاقتراح معارضة شديدة من الشيخ سعد العبدالله، إلا أنه تراجع لاحقاً عن ذلك، وجرى جدل طويل ومرير حول الوزارة، ولما اقترح بأن يكون نصف الوزارة من مجلس الأمة أكد سعد العبدالله رفضه لذلك مكرراً قوله إن هذا الاقتراح يقصد منه منع أعضاء الأسرة الحاكمة من دخول الوزارة، وأيده في ذلك القانوني محسن حافظ وهدد الشيخ سعد العبدالله بالانسحاب من اللجنة إن أصرت على ذلك، وكان موقفاًًً غريباًً فالأمير هو الذي يعين رئيس الوزراء ورئيس الوزارة يعرض الوزارة على الأمير ونصف الأعضاء من خارج المجلس ويمكن أن يكونوا كلهم من الشيوخ، ومع ذلك يرى سعد العبدالله أن هذا الاقتراح هو ضد الصباح ويهدد بالانسحاب. والحقيقة أن ذلك نابع من المفهوم السائد قبل وضع الدستور عند أسرة الصباح بأنهم وحدهم فقط من يجب أن يكون في الحكم، فأول وزارة شكلت مع المجلس التأسيسي كان فيها 11 وزيراً من الصباح وثلاثة فقط من غير الأسرة، ولعله كان يبدي استياءه من وجود حتى ثلاثة من غير الصباح! ويريد أن يكون جميع الوزراء من الأسرة. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (10)
الاسـتـقـلال والإنجليز والمجلس التأسيسي
الكويت من الإمارة إلى الدولة (9)
الوحدة: محطة قومية ووطنية… ومهرجان الشويخ
ليلة إعلان الوحدة بين مصر وسورية تجمّعنا في النادي الثقافي القومي في «كشك معرفي»، نستمع إلى خطاب كل من جمال عبدالناصر وشكري القوتلي، ثم التوقيع على اتفاق الوحدة بين مصر وسورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبدالناصر.
كان يوماً تاريخياً بكل معنى الكلمة بالنسبة إلى طموحاتنا. لم نكن نتصور أن مصر سوف تلقي بكل ثقلها في معركة الوحدة ومواجهة العدو الصهيوني، لأننـا كنا نستبعدها في مخططاتنا لغيابها عن همومنا القومية، وكنا نؤمـن بأن علينـا أن نكتفي بالعمل لوحدة سورية والعراق، لمجابهة العدو الصهيونـي، مما سوف يستغرق عشر سنوات على الأقل من العمل القومي الجاد، أما أن نحقق الوحدة مع مصر عام 1958 فقد كنا نرى ذلك ضرباً من المستحيل!
الكويت من الإمارة إلى الدولة (8)
أزمة المياه… وتكوّن النظام السياسي في الخمسينيات
في هذه الفترة وبعد أن بدأت مرحلة إعمار البلد مع تدفق أموال النفط برزت مشكلة المياه في الكويت. جرت مفاوضات مع العراق أسفرت عن إعداد مشروع اتفاقية لجلب المياه من شط العرب ، مئة مليون غالون يومياً مقابل تأجير ميناء أم قصر الكويتي للعراق، وسميت الاتفاقية باتفاقية أم قصر، خلاصتها أن تستأجـر الكويت الأراضي العراقية التي يمر بها أنبوب الماء بمبلغ دينار واحد سنوياً ولمدة 99 عاماً، ويستأجر العراق ميناء أم قصر لمدة 99 عاماً بدينار واحد سنوياً.
وكلف الشيخ عبدالله السالم الشيخ يوسف بن عيسى بدعوة مجموعة من الشخصيات الكويتية لأخذ رأيها في الاتفاقية. اجتمعت هذه المجموعة بمدرسة الصديق في منطقة أم صدة داخل مدينة الكويت وبحثوا الاتفاقية وكانت النتيجة أن صوتت الأغلبية لصالح الاتفاقية. بعدها اجتمع المجلس الأعلى وأصدر قراراً برفض الاتفاقية، وقرر بدلاً عنها التوسع في إنشاء محطات التقطير مدعياً أن تلك هي رغبة الشعب الكويتي، والغريب أنه لأول مرة يوقع الأعضاء في المجلس الأعلى على المحضر على غير عادة. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (8)
الكويت من الإمارة إلى الدولة (7)
الصحافة الكويتية والحركة العمالية
بعد تولي عبدالله السالم الحكم عام 1950 بدأت الصحافة المحلية بالعودة إلى الصدور وبشكل سريع ومتواصل، وتصدت هذه الصحف وهي صحف شهرية أو أسبوعية للمشكلات الداخلية والقضايا العربية بشكل حيوي ولافت للنظر على الرغم من القيود المفروضة عليها آنذاك. ففي البداية كانت الصحافة تابعة للأمن العام، أي تحت رقابة الشيخ عبدالله المبارك أو الشيخ عبدالله الأحمد الجابر أثناء غياب الأول، وفرضت الرقابة المسبقة على كل ما ينشر، وبعد إنشاء اللجنة التنفيذية العليا أصبحت الصحافة تابعة لإدارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وألغيت الرقابة المسبقة وطلب من الصحافة التي تصدر باسم الأندية والجمعيات آنذاك بأن يكون لها رئيس تحرير مسؤول، وبعدها اشترط بأن لا يكون رئيس التحرير موظفاً حكومياً مما أربك الصحافة وتسبب في تعطيل معظم الصحف لفترات طويلة. وبعد أحداث ثانوية الشويخ في فبراير 1959 تم إغلاق جميع الصحف الكويتية وسحب امتيازها.
الكويت من الإمارة إلى الدولة (6)
مهرجان الشويخ المصغر
إثر تلك الأحداث الدامية التي عرضناها في حلقة الأمس نظمنا مهرجاناً في إحدى قاعات ثانوية الشويخ حضره كل من عبدالله المبارك وعبدالله الجابر، وألقيت فيه كلمة حماسية إشادة بالمظاهرات المنددة بالعدوان الثلاثي ومنددة بالإجراءات القمعية التي تعرض لها المتظاهرون من قوى الأمن مما شكل استفزازاً لعبدالله المبارك، فمد يده إلى مسدسه الموجود في جيبه ليطلق النار عليّ فأمسك عبدالله الجابر يده، ويبدو أنه أفهمه خطورة تصرّفه فأعاد المسدس إلى جيبه، أو أنها كانت تمثيلية مثلما حدث معي في الأمن العام سابقاً، ولكونهما في الصف الأول من القاعة فلم ينتبه الحاضرون لما حصل. وأكملت كلمتي وانتهى المهرجان بسلام. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (6)