حسن العيسى

محنة المعارضة

ضمرت الأغلبية المعارضة، وضاعت في تشتت مواقف رموزها، فما بين مطلب الحكومة البرلمانية وتعديل المادة الثانية من الدستور أو أسلمة القوانين كشرط مسبق قبل الحكومة البرلمانية ضاعت الطاسة، وبين تكتيك "حدس" بمضمون أن الحكومة البرلمانية هي التي ستقر القوانين الإسلامية وتشدد حنبلية محمد هايف في أسلمة التشريعات بداية ونهاية، غرقت أحلام التقدميين في صفوف  المعارضة وانكمشوا على أنفسهم، ونأى الكثير منهم عنها منذ بداية تشكيلها، حين تصوروا أنها معارضة بلحية كثة وعصا طويلة ستلهب ظهورهم غداً، ولهم في ذلك بعض الحق وليس كله.
انتهت الأغلبية المعارضة، لأن عدداً من رجالها وضعوا أعينهم على صناديق الانتخابات ولم يَدُر في وجدانهم وضع برنامج سياسي وتصور كامل للحراك المعارض، كما شخص الزميل محمد الجاسم، فصناديق الأصوات أولى من وضع خطة إصلاح سياسي واقتصادي متكاملة تنهي وتضع حداً لدوران عجلة الفساد المالي والإداري التي تسحق مستقبل الدولة، وتبدد مقدراتها من أجل إشباع نهم الاستهلاك وشراء الولاءات السياسية.
بنظرة- ربما- أشمل يمكن أن نفهم ضمور المعارضة اليوم للأسباب السابقة، ولأسباب أشمل تكمن في واقع الدولة الريعي، حين تهيمن السلطة السياسية الواحدة على المقدرات الاقتصادية للدولة كلها، تهب وتسلب، تعطي وتأخذ، كما تريد وكيفما تشاء… تنفخ جيوب البعض وتسلب حريات الكثيرين، تفتح صنابير المال على الناس، وتحقن أوردتهم بأفيون عطايا دون مناسبة وتغيّب وعيهم عن مستقبل محفوف بمخاطر تمس وجود الدولة، حتى أضحت الكويت مجرد مشاريع من شاكلة أطول عمارة، وأكبر مستشفى، وأضخم مدرج رياضي، وبها كلها تنبض بالحياة كتل ضخمة من الفساد والتسيب، بينما هناك واقع مزرٍ للخدمات الصحية والتعليمية وأزمة مرور خانقة، وإدارات حكومية مكتظة بالموظفين الجالسين بلا عمل ولا إنتاج، وشباب يجوبون الشوارع بسيارات فخمة بلا هدف غير قتل حالة الملل والفراغ الروحي.
في تلك الدولة الريعية المتسلطة، هراوات الأمن تصبح قاسية على المعارضين، وقفازات القانون تتحرك بسرعة للكم مَن يتجرأ على النقد ويمارس حق التعبير، هي قفازات أدمت الكثير من الشباب القابعين اليوم في السجون… لأنهم تكلموا وعبروا عن حلمهم، ربما أساؤوا وسيلة التعبير، لكنهم لم يهددوا الدولة، ولم ينقلبوا على النظام، لكن الرد يأتي سريعاً، بأن هذا هو القانون، الذي لم يحترم، ولا يهم إن كانت القوانين قاسية أو متعجرفة، فالمهم أن تحترم هذا القانون فقط وما على شاكلته، أما بقية القوانين التي تحاسب على النهب المبرمج وجرائم الرشوة الكبرى والمحسوبيات فقد رُكنت جانباً في خزائن النسيان.
المعارضة، ضعفت وتشتتت، ويا فرحة جماعات المطبلين والمهرجين المداحين المتنعمين بخير المكرمات والعطايا، ويبقى السؤال قائماً، هل ستنهض المعارضة من جديد وتأخذ في حسابها أن منهج الإقصاء والتخوين لشرائح من المجتمع لم يعد مجدياً، وأن تدرك يقيناً أنه مادامت أسعار  النفط عالية فستكون مهمتها أصعب وأقسى؟

احمد الصراف

المخدرات والفريق غازي

بسبب منع تناول المشروبات الروحية، وارتفاع مستوى معيشة الفرد نتيجة الزيادة غير المعقولة في رواتب موظفي الدولة، وحالة الكبت والفراغ التي تلف البلاد، فبالتالي لم يكن غريبا انتشار المخدرات وزيادة ضحاياها يوما عن يوم، هذا بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الإدارة العامة لمكافحة تعاطيها وإدارة الجمارك، إلا أن تجار ومهربي هذه السموم، وفي كل العالم، يسبقون رجال الأمن بخطوة، وبالتالي ينحصر طموح أي جهاز مكافحة في تقليل شرورهم، وليس القضاء عليهم، وهذا يمكن أن يتم من خلال تطوير ورفع مستوى خبرة العاملين في مكافحة المخدرات، وتوعية الفئة المستهدفة من خطر الوقوع في فخ هذه السموم! ولكن الواقع يختلف عن التنظير، فما يتم رصده لجهود المكافحة شيء لا يذكر، مقارنة بإمكانات الدولة. كما أن أنشطة المكافحة وتدريب افرادها غالبا ما تكون بجهود محلية فردية، ولا أعتقد أن لهم نشاطا أو علاقات بالمسؤولين الأمنيين في الدول العريقة في المكافحة، أو التي تجلب منها المخدرات، وهي معروفة. كما أن سبل الوقاية الاجتماعية والتعليمية من هذه السموم شبه غائبة، فغالبية «المربين» التقليديين يفضلون عدم التطرق للمخدرات في المناهج، لتجنب لفت النظر إليها، وهؤلاء لا يزالون يعيشون في غير زمنهم! ولا أزال أذكر ما اخبرني به مسؤول قبل أكثر من 30 سنة من أنهم اكتشفوا بطريق المصادفة أنه كلما أغلقت الحدود بين الكويت والعراق، لسبب او لآخر، كانت اسعار المخدرات تقفز لأرقام خيالية، وهذا كشف أن ما يدخل البلاد من مخدرات بالطرق الرسمية أكبر مما يردها من الطرق الأخرى! وأعتقد أن الوضع لا يزال كما هو. كما لفت مسؤول آخر نظري إلى أن غالبية المهربين الذين يقبض عليهم هم عادة من الشباب قليلي التجربة والباحثين عن الثراء السريع، ومنهم من لم يسمع بما سيتعرضون له من احكام مميتة في حال القبض عليهم! وهذا يبين قصورا في توعية القادمين للكويت من دول محددة، فلو عرف بعض المهربين ما ينتظرهم من عقاب لما هربوها، أو لربما تخلصوا منها في الطريق!
***
وفي سابقة شجاعة شن وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر هجوما على من اسماهم منتقدي الوزارة! والقول إن مشكلة هؤلاء انهم ينطلقون في هجومهم من نظريات، وكأن وزارة الداخلية مسؤولة عن كل ما يحدث في البلاد، متناسين ان الوزارة تقوم بمهام تزيد بنسبة %60 تقريبا عما تقوم به الشرطة في الدول المتحضرة! وأضاف في تعقيب على مداخلة في ندوة خاصة أن وزارة الداخلية في الكويت طلب منها، اضافة الى دورها الأمني، القيام بحماية المنشآت الرياضية والمجمعات التجارية! كما طالت اتهاماته جهات حكومية تساهم في انتشار الجريمة، فبيوت جليب الشيوخ التي استملكتها الدولة منذ سنوات لا تزال بعهدة ملاكها السابقين الذين يقومون (في دولة كويتي وأفتخر) بتأجيرها على عشرات آلاف العمال العزاب! ووصف ذلك بالتقاعس الحكومي الذي ادى لانتشار الجريمة. وقال إنه لا يتنصل من مسؤولياته وواجباته، ولكن من الظلم تحميل وزارة الداخلية كل شيء. كما انتقد العمر نقص الامكانات، وكيف أن غالبية مباني الوزارة الداخلية مؤجرة من الغير!
والآن ألا يكفي كلام هذا المسؤول الأمني الكبير، لأن يجعلنا جميعا نشعر بالخجل؟ فكيف يمكن قبول أن دولة بكل هذا الثراء وكل البطالة السافرة والمقنعة بين شبابنا، حيث بلغ العدد الرسمي للباحثين عن عمل 22 ألف مواطن، ومع هذا يشكو أكبر مسؤول امني من مثل هذه العلل؟ ألا يدعو هذا حقا للرثاء؟

أحمد الصراف

سامي النصف

«بلاغة شف» تعطل المرور

في الوقت الذي أثبت فيه عالم النقل الجوي كفاءته فلم يقع حادث واحد العام الماضي ولم تدفع البشرية ضحية واحدة رغم السرعات الهائلة للطائرات وتحديد عملها بمسارات جوية محددة وممرات أرضية، الا ان البشرية والكويت من ضمنها مازالت تدفع أنهارا من الدماء ثمنا لحروب الشوارع اضافة الى عشرات المليارات من الدولارات ثمنا للزحمة المرورية.

* * *

ومادمنا في الزحمة المرورية فلماذا لا يقسم دوام الوزارات الى صباحي ومسائي لتخفيف الزحمة ولإعطاء الفرصة للموظفين الجادين للذهاب مساء لتخليص معاملاتهم بدلا من التغيب، اضافة الى استيعاب الأعداد المتزايدة من الموظفين ممن لم يعد هناك مكان لاستيعابهم في الدوام الصباحي، وكذلك لتشجيع السكن في المناطق الجديدة البعيدة التي يصعب على ساكنيها التواجد مبكرا في الصباح وقد يكون أسهل عليهم الأخذ بالدوام الثاني؟

* * *

ومن أسباب الزحمة وقوف السيارات مع لحظة الاصطدام الخفيف انتظارا لوصول سيارة المرور بينما يفترض ان يتجه الاثنان الى أقرب مخفر لتسجيل القضية والحصول على ورقة التأمين. ومن الأسباب الأخرى الخاصة ببلدنا «بلاغة الشف» وأعني الفضوليين والحشريين ممن لا مانع لديهم من اغلاق الطرق السريعة لمتابعة شخص يبدل عجل سيارته على جانب الطريق او من يعتبر السيارة منزله الأول فيمضي جلّ يومه يتنقل بها دون هدى من مكان الى مكان ويشتكي من الزحمة الذي هو أحد أهم أسبابها.

* * *

ولن تخف المشكلة المرورية ولا نقول تحل لأنها لن تحل قط دون تحسين وسائل النقل البديلة وزيادة أعباء تملك السيارة الخاصة والتنقل بها من زيادة أثمان المواقف والبنزين والتأمين وتجديد الرخص كما هو الحال في الدول المتقدمة حيث نرى الوزراء الانجليز على سبيل المثال يصلون الى مجلس الوزراء في 10 داوننغ ستريت بالتاكسي او مشيا من محطة الاندرغراوند القريبة.

* * *

آخر محطة: من الأمور التي تدعو للتفاؤل قرب ولادة هيئة النقل على يد الوزير الشاب الكفؤ م.سالم الأذينة حيث سيختص عملها بإيجاد حلول للمشاكل المرورية.

احمد الصراف

كلمة في ما قاله عبدالله

يمكن القول، من واقع متابعة مستمرة منذ 33 عاما، إن الخطط العريضة للسياسة الإيرانية منذ ثورة الخميني وحتى اليوم لم تتغير كثيرا! فإيران 1990 هي، وإلى حد كبير، إيران 2013. كما أن موقفي من نظامها الديني لم يتغير يوما، وكلفني ذلك الكثير. وبالتالي فإن قيام أي شخص بالحديث عن إيران شرا، بعد أن كان يتحدث عنها خيرا، أو العكس، يعني بصورة تلقائية أن مصالحه، أو مواقفه هو قد تغيّرت بسبب مستجدات، وليس لأن حكم الملالي وسياساتهم قد أصبحت أفضل أو أسوأ، وأقول ذلك ردا على الكلمة التي ألقاها السيد عبدالله النفيسي في إحدى الديوانيات، التي كانت لها تداعيات سلبية عدة. فقد عرف عن النفيسي لسنوات طويلة تعاطفه مع إيران، التي زارها مرات وتباحث مع مرشدها الخامنئي إلى آخر وزير خارجية فيها، مروراً برؤساء جمهوريات وبرلمان وتبادل معهم «الجلو كباب» وزار مدنهم، وكانت مواقفه متعاطفة معها أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، وبالتالي كان يعرف جيدا، عندما أيد مواقفها أنها كانت أيام الشاه قوة عسكرية تميل للعب دور شرطي الخليج، ولم يأت. الملالي ليخففوا من تلك الفكرة، فمن أحبهم وأعجب بهم في الثمانينات، وهم على ذلك الوضع، يجب ألا يغير اليوم موقفه منهم! كما كانت إيران، حسب قول النفيسي، تحتل منذ 1920 أراضي عربية في الأحواز تبلغ مساحتها 160 ألف كلم2، ولكنه لم يحتجّ عندما كان يضع لقم الكباب في فمه على مآدب المرشد الأعلى، فكيف يأتي الآن ويدين ذلك الاحتلال؟ كما كان النفيسي يعرف أن إسماعيل الصفوي هو الذي أعلن إيران دولة شيعية عام 1501، وليس قبل بضع سنوات عندما كان يزور مدنها ويتجول فيها، فكيف يأتي اليوم، وبعد 522 عاما ليحتج أمام مستمعيه على أفعال الشاه الصفوي؟ كما كان الإيرانيون، حسب قوله، يحتقرون العرب، ويشعرون بغربة ثقافية ومذهبية وحتى دينية في محيطهم، وهنا أيضا لم تكن هذه الأمور خافية عليه عندما كان يزورها ويتسامر مع كبار مسؤوليها، ويفتخر على القنوات الفضائية بصداقاته معهم، فلم ينتقد اليوم مواقفها من هذه الأمور؟ وبالتالي فالإيرانيون لم يتغيروا، حسب علمي، بل من تغير هو النفيسي، أو مواقفه! نقول ذلك ليس في معرض الدفاع عن إيران، فلها من يدافع عنها، وليس لبيان مثالب الرجل وسقطاته «التحليلية والفكرية» التي يعرفها كثيرون، ولكن لكي نبين «حقيقة» الرجل وخطورة ما ألقى من تهم خوّن فيها شريحة كاملة من المجتمع الكويتي، من دون أن يحقق مصلحة لأي طرف غير دغدغة الرخيص من مشاعر بعض الجهلة وأنصاف المتعلمين! لا أتذكر أنني التقيت بالسيد النفيسي، ولكني أعرف ما يكفي من مواقفه المتقلبة والغريبة جدا، من خلال لقاءاته على اليوتيوب، وبالتالي من حقي الاعتراض على النفس الكريه الذي شاب كلمته الأخيرة، والأوصاف التي أطلقها، من دون دليل غالبا، على فئة من المواطنين، الذين ربما تدفع اتهاماته المترددين والمتطرفين منهم للارتماء في أحضان من يعتقدون أنهم سيوفرون لهم حماية أفضل، ونكون هنا قد خلقنا فئة ذات ولاء مزدوج، من دون أن نجني شيئا من كل هذا الكم من الاتهامات. فإن كان لدى النفيسي أو غيره أدلة على «خيانة» البعض وعمالتهم، فما عليه غير اللجوء إلى القضاء، وليس الديوانية، فقد خسرنا جميعا من كلمته ولم يستفد منها غير العنصريين والحاقدين!

أحمد الصراف

سامي النصف

المشروع النهضوي الكويتي

أول أسس مشروع النهضة الكويتي يتأتى عبر تقسيمه لمراحل قصيرة ومتوسطة وطويلة، وأعتقد أن الخطط الطويلة يجب أن تشمل تغييرا جذريا في مناهج التعليم بحيث تكون قريبة مما هو مطبّق في بعض دولنا الخليجية من تعليم أساسي قريب من مناهج وممارسات المدارس الأجنبية ثنائية اللغة، ومعها جامعات شديدة التقدم والرقي مرتبطة بجامعات ومعاهد دولية تخرّج المهنيين والمختصين لا المقاتلين والناشطين السياسيين كما هو الحال لدينا!

***

الفكرة التي طرحها سمو رئيس مجلس الوزراء حول إرسال كشافين للوزارات والإدارات الحكومية فكرة رائعة وستأتيه الأخبار السالبة التي تعكس الواقع الأليم والبيروقراطية القاتلة المتوارثة، فما ينتج لدى الآخرين في يوم يحتاج الى شهر لدينا، المهم أن واقعنا يجب ألا يزخرف بمعسول الكلام بسبب عدم مهنية الكشاف أو معرفته تفاصيل مهمته حين قد يمدح ما يستحق القدح فقط لأن هناك من كرمه شخصيا وقدمه على الآخرين، أو يقدح ما يستحق المدح لأن القائم على الأمر ملتزم بالنظام ولا يقبل الملامة في الحق.

***

والسؤال المهم هو كيف سيتم إصلاح ما سيكتشفه الكشاف؟ ان الحل الأمثل لما سيكتشف والذي سنصل عبره الى أفضل مستويات الأداء في أقصر وقت يكمن في أمرين، أولهما: الاستعانة بما لدى بعض الدول الخليجية من تشريعات وأنظمة قاربت العالمية لا عبر النهج الكويتي التقليدي المتمثل في تشكيل لجان تنفيع من نفس القطاع لحل إشكالاته فمن دمّر لا يمكن له أن يعمّر، والدول الخليجية التي وقفنا معها بالأمس لن تبخل علينا بشيء اليوم، الأمر الثاني: هو الحاجة إلى توافق مجتمعي ـ نيابي ـ حكومي بالتوقف عن التدخل في أعمال الوزارات والإدارات الحكومية متى ما ضمنت الأنظمة المتقدمة سرعة الإنجاز والعدالة في دهاليز تلك الإدارات، كما يجب الحرص على استقرار واستمرار الوزراء في أماكنهم بعيدا عن الاستجوابات والمضايقات كي ينجز ويبدع الوزير.

***

آخر محطة: البحث عن التطوير الإداري يجب أن يتم ضمن المحيط الجغرافي كمرحلة أولى ولنا بعد الوصول لما هو مقارب مما لدى الأشقاء والجيران النظر في التجربة السنغافورية واليابانية والكورية والأوروبية والأميركية.. الخ.

حسن العيسى

حكاية صفية وسيادة الدولة

قبل خمس عشرة سنة تقريباً، كتبت عن محنة صفية، وقصتها باختصار أنها مواطنة كويتية بالتجنيس، وخدمت في وزارة الصحة كرئيسة ممرضات لأكثر من ربع قرن، وبعد التحرير ذهبت لتسلم حقوقها المالية من التأمينات الاجتماعية، فلم يجد الموظفون ملفها، وكانت مهددة قبل ذلك بالطرد من منزلها الحكومي، فمطلقها الكويتي اغتصب البيت عنوة وسجله بالكامل باسمه، وطرقت صفية عدة أبواب جهات إدارية دون جدوى، لتكتشف فجأة أنها غير مواطنة…! كيف حدث ذلك…؟ الجواب أن مطلقها "لا بارك الله فيه"، وعبر واسطاته ونفوذه الإجرامي في دهاليز الدولة، استطاع سحب ملف المسكينة صفية من إدارة الجنسية، وبالتالي تم اعتبارها غير موجودة، كي يستولي بالكامل على بيتها، ليسرح ويمرح فيه مع زوجته الجديدة…! كانت حكاية صفية تنز قرفاً من وضع المحسوبيات والفساد والظلم في الدولة، كتبت عنها، ولم تمض أيام قليلة، وسمعت رنة تلفون المكتب لأجد على الخط صوت الشيخ محمد اليوسف الصباح، مدير إدارة الجنسية ذلك الوقت، يخبرني أنه حقق في موضوع صفية، وتمت إعادة جنسيتها لها…! لولا "مصادفة" وجود محمد اليوسف كمدير للجوازات، وتحقيقه في القضية وهمته الإنسانية، لضاعت صفية من وجودها كمواطنة بفعل فاعل…
لا توجد مؤسسة في الدولة تنصف الناس في قضايا الجنسية، فالقضاء ممنوع من النظر في مسائل الجنسية بحكم قانون يثير الغثيان، ولولا "المصادفة"، في ذلك اليوم، حين كتبت عن محنة صفية بالصحافة، ثم تحرك موظف دولة له ضمير حي لضاعت صفية، وكل ما تمثله قضيتها… ماتت صفية والله يرحمها… ولا علم لي إن تحركت أي إدارة في الدولة لمعاقبة الفاعل عن مأساة صفية، وهو طليقها حسب رواية المرحومة صفية، أم لا… لكني متأكد أنه يسرح ويمرح… مثله مثل الكثيرين في دولة المحسوبيات "السايبة"… الجديد اليوم، هو، الحكم الإداري الذي أعاد الجنسية لمواطن سحبت جنسيته بقرار من مجلس الوزراء، رغم صدور حكم من محكمة التمييز لمصلحته بثبوت نسبه لأبيه الكويتي… المحكمة الإدارية قالت في حكمها العادل: "إن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب صحيح يبرره صدقاً وحقاً، أي في الواقع والقانون، وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تحمل جهة الإدارة على التدخل منفردة بسلطتها الإدارية الآمرة لقصد إحداث أثر قانوني هو محل القرار، ابتغاء تحقيق المصلحة العامة الذي هو غاية القرار…"، بكلام آخر تقول المحكمة إن جهة الإدارة "مو على كيفها" تسحب الجنسية، وتطوح بها بعيداً… لابد أن تكون المصلحة العامة، وحكم الواقع كمقياس للقرار الإداري.
لنسأل أنفسنا كم حالة توجد لدينا في ملفات "عديمي الجنسية" الكويتيين يمكن للقضاء أن ينصفهم لو فتحت أبوابه لهم، ووضعت الضوابط لسلطة الإدارة في منح الجنسية وسحبها…؟! كم مظلوماً سينصف لو تنازل المشرع عن غطرسة "أعمال السيادة" في مسائل الجنسية لمصلحة الحق والإنصاف…؟ أليست تلك قضايا إنسانية نحرت على مذبح الدولة ذات السيادة…؟! سيادة الدولة بهذا المفهوم لا تعني غير استعباد الناس.

احمد الصراف

هل أنت أحدهم.. يا سيدتي؟

ورد في مقال مميز للاقتصادي جاسم السعدون أنه اجاب عن سؤال تلفزيوني بالقول: لولا «بعض عقل» و«بعض حياء» و«بعض تقدير» لأفراد في الحكومة مازال يعتقد أن قلبهم يحترق على بلد يتعرض لمخاطر من الداخل أكثر من أي وقت مضى، لأقام دعوى حجر قضائية على الحكومة ومجلس الأمة، فهما بحكم القُصّر! ويتساءل عن المدى الذي سيصمد فيه بعض هذا العقل والحياء والتقدير؟ ونضيف على كلامه بالقول اننا نتمنى أن تكون وزيرة الشؤون ضمن هؤلاء، وبالتالي نوجه لها هذا المقال متسائلين عن مدى صحة التصريح الذي قالت فيه ان الوزارة تخطط لتخفيض عدد المقيمين بمائة ألف سنويا، ولعشر سنوات مقبلة! وهذا الكلام إن صح فهو أقرب للفراغ منه لأي شيء آخر، فالكويت لا تشكو أساسا من خلل رهيب في التركيبة السكانية، بقدر ما تشكو من قضية أخلاقية تتعلق بــ «السماح» لفئة من المواطنين بتخريب الوطن والمتاجرة بالبشر، فلو كان هناك حزم، وكانت هناك رقابة عادلة وكانت هناك قوانين واضحة تجرم جلب عمالة ورميها بالشارع، ولو كانت هناك خطط تنمية حقيقية لما كان هناك عاطل في الشارع! إضافة لذلك فإن الوزيرة الفاضلة تعتقد، إن صح ما نسب لها، أن حجم القوى العاملة في الكويت ثابت، ولا يحتاج الأمر لغير التخلص سنويا من مائة ألف اجنبي لتتعدل التركيبة من خلال التخلص من مليون عامل خلال عشر سنوات، وهذا خيال، فالدولة تنمو باستمرار والأعمال تزيد والحاجة لليد العاملة الخارجية لن تتوقف، كما أن هناك إحلالا مستمرا، وعودة عمال لأوطانهم، لسبب أو لآخر، وحلول آخرين مكانهم، فمن الذي يقرر من يحل محل من، ومن الذي يسمح له بالنمو في عمله، وحرمان الآخر من احتياجاته، وزارة الشؤون، او هيئة العمل المرتقبة، كإدارة حكومية تقليدية، بكل هذا الخراب والفساد أعجز من وضع ضوابط يمكن التقيد بها؟
ولا شك أن الوزيرة تعرف جيدا أن هناك مئات الشركات النظيفة والمنتجة التي تقوم، مجبرة، بتشغيل عشرات آلاف العمال لديها من دون أن يكونوا على كفالتها، لأنهم عاجزون لسبب أو لآخر أو غير راغبين في دهان سير العاملين في إدارة تقدير الاحتياجات! ويقابل هذه الشركات عدد مماثل من الشركات الرديئة التي تبين سجلات العمل في الشؤون أن عشرات آلاف العمال يعملون لديها، ولكن أصحاب هذه الشركات الوهمية لا يعرفون عن عمالهم شيئا غير مرة في السنة عندما يحل أجل تجديد كفالاتهم لتقبض منهم المقسوم، أو ثمن بقائهم في البلاد!
إن التركيبة السكانية المتخلخلة لا تحتاج لطرد أو التخلص من 100 ألف عامل، وتعرف الوزيرة جيدا أن طاقم وزارة الشؤون عاجز حتى عن القيام بالأعمال الورقية المتعلقة بذلك، بل الخلل بحاجة لمراجعة ما يجري من متاجرة حقيرة بقوت مئات آلاف العمال المساكين الذين لا يصعب أبدا الوصول لمن كفلهم من «المواطنين الفخورين بكونهم كويتيين». كما أن الوزارة تعرف أسماء جميع من سهل لهؤلاء المواطنين جرائمهم، من داخلها. الأمر يحتاج لحزم وتطبيق للقانون وليس لقرار التخلص من مائة الف، نحن أعجز عن تنفيذ شيء منه!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

قانون أعور وأعرج

كنت قد وعدت القارئ الكريم ان اكمل اليوم سلسلة مقالاتي عن تجارب الاسلاميين في الحكم. فبعد ان كتبت عن تجربتهم في المغرب وتونس، كان يفترض ان اكتب اليوم عن مصر وعما يجري فيها من محاولات لإجهاض اول تجربة ديموقراطية فيها. الا ان ما تناولته وسائل الاعلام الكويتية من اعلان اللجنة المالية في مجلس ابو صوت من الانتهاء من تعديل قانون اسقاط فوائد القروض في مداولته الثانية، جعلني أؤجل مقالتي عن الحالة المصرية الى يوم الاربعاء المقبل، واكتب اليوم عن الفضيحة الجديدة من مسلسل فضائح هذا المجلس، المسماة زورا اسقاط فوائد القروض!
يقول وزير المالية في تصريحه، الذي نشرته الصحف صباح الجمعة الماضي، عن مبررات الغاء قروض البنوك الاسلامية، وعدم شمول القانون لها «لان شمولها لن يضيف شيئا سوى التحول من مدين للبنك الى مدين للدولة»! وسؤالي الى معالي الوزير، والى اعضاء اللجنة الذين ايدوه: وهل فلسفة القانون الا نقل مسؤولية تحصيل الدين من البنك الى الحكومة؟! او بمعنى آخر التزام الحكومة بسداد فوائد القروض للبنوك تخفيفا عن كاهل المواطن! عندما يكون المقترض مطلوبا للحكومة تستطيع الحكومة ان تسقط من رصيد الدين المتبقي ما يحقق العدالة مع الاخرين الذين اقترضوا من البنوك الربوية، اذاً اين المشكلة في شمول القانون للبنوك الاسلامية؟! يقول رئيس اللجنة البرلمانية، مبررا سبب هذا الاستبعاد، «بعد ان عرضت الحكومة على اللجنة رأي البنوك الاسلامية، الذي اكد عدم امكانية اسقاط ارباح القروض بعد سداد اصل الدين»! امر عجيب فعلاً! واحد اقترض من بنك اسلامي ما قيمته عشرون الف دينار، وحددت ارباحها بثلاثة الاف دينار، وعند تطبيق القانون كان رصيد الدين المتبقي ثلاثة عشر الف دينار فقط، ما الذي يمنع المشرع ان يقول ان رصيد الدين اصبح عشرة الاف فقط بعد اسقاط الثلاثة الاف دينار قيمة الارباح؟! بمعنى ما الذي يمنع ان اسقط الارباح من اصل الدين المتبقي؟!
ــ هل يعلم السادة اعضاء اللجنة المالية ان اكثر من %60 من المقترضين هم من عملاء البنوك الاسلامية؟! هل يقبل المذكورون ان يستبعدوا كل هؤلاء ثم يقولوا انهم حلوا مشكلة القروض؟!
ــ هل يعلم اعضاء ثلث الامة ان هذا القانون اذا صدر سيكون اعور بعين واحدة واعرج برجل واحدة! حيث نظر الى مصلحة فئة محددة من المجتمع دون الالتفات الى بقية المواطنين ومعاناتهم، ان كانوا فعلا يرون في هذا القانون تخفيفا للمعاناة؟
ــ هل يعلم نواب السراب وبيع السمك بالماء ان هذا القانون بصيغته مخالف لنص المادة السابعة من الدستور «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع»؟! وهل يعلمون ماذا سيحدث للمواطن ان تم الطعن بعدم دستوريته لمخالفته لنص الدستور وروحه وحكم ببطلانه، بعد ان يكون المواطن المسكين رتب اموره على ذلك؟!
انا من المؤيدين وبشدة لتخفيف معاناة المواطنين، ولكن كل المواطنين الذين يعانون وليس مجموعة دون اخرى، فليس مقبولا تفصيل قانون على قياس جماعة، وحرمان بقية المجتمع من فوائد هذا القانون! يقول الدستور الكويتي في المادة 22: «ينظم القانون على اسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية العلاقة بين العمال واصحاب العمل..»، فالعدالة هي روح هذا الدستور في فلسفته ومبادئه.
انني احذر اللجنة المذكورة ونواب مجلس الصوت الواحد من تمرير هذا القانون بهذه الصيغة، لان ذلك سيسبب ضررا للمواطن بعد الغاء القانون من المحكمة الدستورية، ولا عذر لهم بعد اليوم وقد تم تنبيههم. ان لمحة سريعة لبعض اعضاء اللجنة واتجاهاتهم الفكرية والعقائدية ليزيد من احساسي، بان لا امل متوقع في القريب الا اذا جاءتهم التعليمات من الحكومة!

سعيد محمد سعيد

ماركة… «أبو أسد»!

 

على رغم أن ماركة «أبو أسد» هي في الحقيقة من أسوأ الماركات، لكنها – مع شديد الأسف – وجدت لها رواجاً بين من يؤمنون بشريعة الغاب!

هنا، في مجتمعاتنا الخليجية تحديداً، لا يسعك إلا أن تموت هلعاً وأنت ترقب بروز «أسد» كل يوم. وهذه الماركة أصبحت سريعة الانتشار بفضل الاستخدام المذهل لوسائل التواصل الاجتماعي والشبكات وتقنيات الهواتف الذكية وتطبيقاتها، لتجد شخصاً منبوذاً وسوابقه في غاية السوء والخسة، وقد أصبح «أسداً» عند مجموعة من الناس!

من أبرز متطلبات الحصول على هذه الماركة، هي أن يخرج ذلك الشخص المنبوذ، سواء كان خطيباً فاشلاً أو مسئولاً حكوميّاً سيئاً أو فاسداً من عتاة المفسدين في الأرض أو من دعاة الطائفية والكراهية والتحريض على نشر العداء بين الناس، ويجرب نفسه في خطبة ما، أو مقطع فيديو على اليوتيوب أو ندوة أو دعوة يقدمها للتحشيد وإيغار الصدور بوحشية، ليصبح «أسداً». ويعقب هذه الخطوة بروز قائمة طويلة فاشلة من حسابات التواصل الاجتماعي لتمجد في ذلك الأسد، ثم سرعان ما يتحول ذلك الأسد، ومع مرور الأيام، إما إلى فأر نتن، أو إلى «عزيز قوم ذل»، لتبدأ تلك الحسابات في تنظيم حملات فاشلة هي الأخرى، لمساندته ودعمه وتقديم العون المالي والمعنوي له انطلاقاً من عنوان: «ذلك الأسد الذي دافع عن حقوقكم وفضح أعداءكم وأعداء الوطن وجاهد في سبيل الله حق الجهاد. سقط اليوم في حفرةٍ حفرها له أعداء الله… وأعانهم فيها أعداؤكم فهبوا يا شرفاء لمساعدة أسدكم. رقم الحساب المصرفي…………».

منذ أشهر مضت، حاولت الوقوف على أشهر ماركات الأسود التي انتشرت في العالم العربي والإسلامي، ومع شديد الأسف، لم تكن تلك الماركات منتشرة في سائر المجتمعات أكثر من المجتمعات الخليجية. لذلك، فقد ابتلي المجتمع الخليجي بالأسود الشامخة القوية التي تدافع عن دين الله جل وعلا، وتدافع عن الأوطان وعن شعوبها بسلاح هو في حقيقته من أرذل أنواع الأسلحة التي نهى عنها الدين! سلاح البغضاء والتناحر والتأليب والتأجيج الطائفي والنفخ في الصدام المذهبي! لكن من فضل الله ورحمته أن تلك الأسود التي تظهر سريعاً وبقوة… تختفي سريعاً وبخسة!

من بين تلك القائمة: «أسد القادسية. أسد الإسلام. أسد العروبة. أسد خرتيت. أسد الخليج. أسد الرافدين. أسد الحق. أسد الشام. الأسد الكاسر»، وللأسف لم أعثر على «أسد طمبورها»! ولربما عموم تلك الأسود هي في النهاية تندرج تحت هذه التسمية الفكاهية الساخرة المنتشرة بين الناس». ولن يواجه أي من المتابعين لنشاط تلك الأسود وواجهاتهم الإعلامية صعوبة في فهم الفكر الأسود والسلوك العدواني الشرس لكل ما هو جميل في الحياة. فهم ينشطون ويستميتون في إشعال حريق الفتنة والتأجيج لمجرد علمهم مثلاً بوجود لقاء أو نشاط أو برنامج وطني اجتماعي يجمع أبناء السنة والشيعة. هنا، يتطاير الشرر من عيون «الأسد» ليزأر بقبح، مذكراً بالخلافات التاريخية وقائمة العداء من شتم الصحابة وأمهات المؤمنين واستحالة الأخوّة مع الكفار والمشركين والمجوس، ويحذّر من أن كل مشاعر المحبة والأخوة والإنسانية إنما هي المحرمات المشددة في الإسلام (والإسلام منه ومنها بريء)! وأنه لا يجب إطلاقاً أن يكون هناك تلاقٍ وتزاور وتزاوج ومودة بين الطائفتين. وليس ذلك فحسب، بل يسهر الليالي الطوال في إنتاج المقاطع المتلفزة الرديئة شكلاً ومضموناً، وينتج الكتب الإلكترونية سخيفة المحتوى هابطة الأخلاق وينشرها، ويدعو باسم كونه «أسداً» إلى أن يهبَّ الناس: «أيها الناس… أيها القوم. أيها الشرفاء. قوموا إلى المنكر وأحيوه… وواجهوا المعروف ودمروه… عليكم أيها القوم أن تشربوا أكبر قدر من الدماء… ففي ذلك حياتكم». والغريب، أنك لا تجد من العقلاء والشرفاء الحقيقيين من يحذّر من أمثال هؤلاء إلا القلة القليلة، سواء من المشايخ المعتدلين أو من الناشطين السياسيين والمثقفين ذوي الروحية الوطنية الحقيقية. وهم، إن فعلوا ذلك، فتحوا على أنفسهم أبواب جهنم تشهيراً وتسقيطاً وشتماً وازدراءً وتهديداً بسفك الدماء.

وعلى أي حال، فماركة «بو أسد» التي ابتليت بها المجتمعات الخليجية، وإن حظيت ببعض الرواج فترة من الزمن، إلا أنها تنكشف سريعاً ويتحول صاحبها الأسد إلى مرمى (نمور) آخرين من قومه! فلمجرد خلاف يقع بينه وبينهم، حتى ينشق النمور ويبدأون في تنفيذ المسلك الدنيء ذاته، فيستخرجون ما يستخرجون مما يملكون من معلومات وفضائح ومواقف خبيثة سيئة، ليرجموه بها، زأر وإن لم يزأر.

كمحصلة نهائية، وجدت أن أنسب شرح علمي لماركة «بو أسد»، هي نظرية عالم النفس والاجتماع ديفيد كلارك، الذي يصنفهم ضمن الانحراف السيكوباتي العدواني، حيث يتميز هؤلاء بالهياج والعنف والقسوة وكثرة الشجار، وهم في الغالب من غير المستقرين وأصحاب الميول السادية والمجرمين وذوي السجلات الحافلة بالفساد والإجرام ومدمني الخمور والمخدرات، وممن تربوا في بيئة طائفية بغيضة! فبئس للنعاج التي ارتضت مثل هؤلاء أسوداً.

عادل عبدالله المطيري

حوار وطني برعاية أميرية

سنعيد ونزيد في الكتابة عن الحوار مرة أخرى وحتما ليست أخيرة، فالحوار ولا غيره سيحل مشاكلنا المعقدة والمتداخلة، ربما ذهاب المعارضة السياسية إلى الشارع والمظاهرات والخطابات ذات العبارات القاسية مباشرة بعد حل مجلس فبراير ٢٠١٢ كان أمرا متسرعا وخطأ وقعنا فيه جمعيا، فكان على نواب الأغلبية السابقة أن يجمعوا كل القوى السياسية ويضعوا تصورا لمستقبل الحياة الديموقراطية في الكويت ثم يطرقوا أبواب السلطة للتفاوض حولها، لربما كنا قد استطعنا احتواء الأزمة ووفرنا طاقاتنا وكرسناها للإصلاح والتنمية.

الذي يريد الذهاب إلى طاولة الحوار من المفترض أن يأتي دون شروط مسبقة أو تحفظات مسبقة، فلا يحق للتكتل الشعبي مثلا أن يشترط إلغاء مرسوم الصوت الواحد للدخول في الحوار، وفي المقابل يجب أن تأتي الحكومة للحوار بانفتاح دونما تمسك بأي قانون أو مرسوم بما فيها قانون الانتخاب ودون تحفظات على أي فكرة إصلاحية مطروحة بما فيها فكرة الحكومة المنتخبة، هكذا يفترض أن يبدأ الحوار لكي ينجح.

وأيضا لكي ينجح الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة، لابد أن يتواجد الجميع حول طاولة الحوار، كل التجمعات السياسية والمكونات الاجتماعية والطوائف الدينية الرئيسية، حتى غرفة التجارة يجب ان تتمثل في الحوار.

كما نتمنى أن يحظى هذا الحوار الوطني برعاية سامية من قبل صاحب السمو الأمير، فهو الحاكم والحكم بين الجميع، كما أن وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد، رجل سياسي يتمتع بعلاقات جيدة مع كل الفرقاء السياسيين، ويمكنه أن يترأس وبحيادية اجتماعات الحوار الوطني الذي نتمنى أن يبدأ بأسرع وقت.