على الرغم من اختلاف مواقف السياسيين حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم جميعا اتفقوا على أنه استفتاء وخيار البريطانيين الذي يجب ان يحترم.
بعد هذا الاستفتاء الديموقراطي الأكثر من رائع والذي يشير إلى مشاركة الشعب البريطاني في تحديد مصيره بشأن البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي، وجدت آراء كويتية كثيرة معظمها من مدعي المعارضة والتي
تشير إلى هذا الاستفتاء، وكانت تمنياتهم بأن يستخدم هذا الاستفتاء في الكويت بشأن قضايانا المحلية رغم وجود البرلمان، لكن ما أريد أن أشير إليه بتجرد هو أن الثقافة السياسية لدى الشعب البريطاني لا يمكن مقارنتها مع ثقافتنا السياسية، التي للأسف تعتمد على الولاء القبلي والطائفي والفئوي، وهذا واضح ومكشوف في المخرجات التي يختارها الشعب على مستوى كافة الانتخابات المختلفة.
أي استفتاء كويتي يريدونه هؤلاء بالضبط؟! هل يريدون حكومة منتخبة؟! وما زالت العقول تدعو للاصطفاف القبلي والطائفي والفئوي إبان أي انتخابات تحدث وكأن الكرسي ملك خاص لفئات دون غيرها لقضاء الحوائج ولو على حساب القانون!
*هل هؤلاء يريدون استفتاء بهدف إقصاء من يختلف معهم فكريا أو عقائديا؟! ما دام الطرح الطائفي اصبح وسيلة للوصول للكراسي بسبب وجود التعصب والجهل بوجود حرية غير مسؤولة، وهل سنرى استفتاء يسعى لإلغاء الحقوق السياسية والاجتماعية بحجة أن هؤلاء المواطنين ليسوا مواطنين درجة أولى؟! حتى يتسع قلب كل عنصري بالراحة ولو كان على حساب الدستور الذي يمنح الحقوق للجميع!
*هل نحتاج الى استفتاء لرحيل فئة البدون إلى جزر القمر أو المريخ أو عطارد؟! وننسى تضحياتهم في الحروب العربية وتحرير الكويت، وبذلك نجعلهم يستخرجون جنسياتهم رغم تواجد بعضهم في الكويت قبل الاستقلال، بحجة الحفاظ على النسيج الاجتماعي!
الحقيقة التي أدركها تماما أن الاستفتاء لا يمنح إلا لشعوب تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، نعم الاستفتاء يمنح لشعوب لا تسأل عن أصلك وفصلك وعرقك ودينك ومذهبك ورقم جنسيتك، وللأسف فإن الإجابة على هذه الأسئلة أصبحت لدى البعض هي أساس تقييمك بين الناس، لكن في بريطانيا يسألونك عن إنجازاتك وقدراتك وشهادتك العلمية وخبراتك في تحقيق الصالح العام للبلد.
الاستفتاء.. يا من تضربون الأمثال ببريطانيا وتريدون أن يطبق في ساحتكم التي انزعجت من اختياراتكم مرارا، أقولها بصراحة هي بحاجة إلى ثقافة كثقافة الشعب البريطاني، الذي لا يقدم العرق والدين والعائلة على المصلحة العامة للدولة.
لذا علينا ان نطلب حاجاتنا على قدر إمكانياتنا العقلية والثقافية والاجتماعية من غير أن نقفز الى المجهول نتيجة تنظير غير مدروس من محبي الفلسفة الإنشائية في ضرب الأمثلة.