حسن العيسى

«جو سوي آدمي»

تباينت كثير من ردود الفعل هنا بالكويت والخليج على مظاهرة باريس، أمس الأول، بين نوع من الانبهار للحشد المليوني السريع لهمة الشعب الفرنسي وتحفزه لقضية الحرية، أو الشماتة على جريمة “شارلي إيبدو” وتذكير الفرنسيين والغربيين بأنه لولا السخرية  الكاريكاتورية من الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، ولولا العدوان المتواصل على الأمة العربية الإسلامية، لما حدثت الجريمة، وكأن الثقافة العربية ثقافة سماحة ملائكية! ولكن… ولولا… ولولا… و”لولات” متواصلة دائماً تجد في الغرب “المتآمر” المشجب الجاهز لتعلّق عليه وزر المأساة العربية، والسبب الأول للكرب العربي الإسلامي.

وبهذا الفكر الضحل والإجابات السهلة لمأزقنا التاريخي، نريح أنفسنا من لوم واقع التخلف، وتجذر الإرهاب، ورفض قيم التسامح الإنساني، وكالعادة يصبح التاريخ الاستعماري، وسياسات الدول الغربية وأميركا وعميلتها إسرائيل وراء كل الشرور التي نعانيها اليوم.

متابعة قراءة «جو سوي آدمي»

حسن العيسى

النتيجة واحدة

الاستنتاج واحد لا يختلف لكاريكاتور غلاف الإيكونومست عن كف تمسك بقلم وتنزف دماً، النتيجة واحدة سواء كانت تلك اليد تمثل كتاب ورسامي مجلة شارلي إيبدو، الذين حصدهم رصاص إرهابيين مسلمين اعتقدا أنهما يقيمان حدود الله، أو كانت هذه اليد تطبع على “كي بورد” تغريدة يعبر صاحبها بالكلمة عن رأي ما، مثل النائب السابق صالح الملا المسجون حالياً على سبيل الاحتياط. متابعة قراءة النتيجة واحدة

حسن العيسى

تذكّروا المخلصين

خبر قرار السلطات القضائية السويسرية السماح للنيابة العامة الكويتية بالاطلاع على حسابات فهد الرجعان (المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات العامة)، الذي بلغت أرصدته الخاصة، وفق ما جاء في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، نحو 395 مليون دولار، وقيمة 81 عقاراً بالكويت، لا يصح أن يكون مثل هذا الخبر مصدراً للتشفي والإدانة المسبقة للرجعان. متابعة قراءة تذكّروا المخلصين

حسن العيسى

سيادة العدالة… كل عام وأنتِ بخير!

في المؤتمر الأوروبي الذي وضع ميثاق المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1949، وقف ممثل فرنسا بيير هنري تتجن، وقال: «لا سيادة إلا لسيادة العدالة، وهي السيادة الوحيدة التي تستحق أن نموت من أجلها». متابعة قراءة سيادة العدالة… كل عام وأنتِ بخير!

حسن العيسى

قصة «صيته»

كلمة “ينبغي” هي التي يدخل منها شيطان الظلم، وأصل الموضوع أن عدداً من المغردين عرضوا بالأمس مأساة الصغيرة “صيته” وهي ابنة الزميل سعد العجمي الذي سُحِبت منه الجنسية، حسب القانون، أي المادة 21 مكرر (أ)، التي توجب سحب الجنسية “إذا أعطيت بغير حق بناءً على غشٍّ أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة”، مثلما صورت لنا السلطة في سندها لسحب الجنسية عن عائلة سعد وعدد من أفرادها، بينما قد يكون الواقع أن سحب الجنسية في مثل حالة سعد العجمي عقوبة سياسية، في فعل انتقائي كردِّ فعل على مواقفه السياسية باعتباره أحد الناشطين السياسيين. متابعة قراءة قصة «صيته»

حسن العيسى

المصيبة حين نكرر: لا جدوى!

ثلاثة من نجوم الاقتصاد والهمّ السياسي التابع له يحاولون أن يسلطوا حزمة الضوء على ظلام اليوم والغد، ويقرعوا أجراس الخطر من وضع الدولة المتردي، ولا يبدو أن هناك مَن يستشعر تحذيراتهم أو يكترث بما يقولون، فالسلطة مازالت تغط في نوم عميق وتسرح في عالم الأحلام، وأكثرية الناس، مازالوا ضحايا أوهام الأمس، ويرددون بلا وعي أغنية مصطفى أحمد “ترا احنا ما نتغير… ويارب لا تغير علينا”. متابعة قراءة المصيبة حين نكرر: لا جدوى!

حسن العيسى

علموهم ركوب الجمال

«خلال جيل واحد ركبنا الجمال، واليوم نركب سيارات الكاديلاك، وأخشى أن يركب الجيل القادم الجمال، طالما ظل الهدر المالي على حاله». كانت تلك العبارة للراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز، ذكرها وزير النفط السعودي الأسبق أحمد زكي يماني في لقاء صحافي في جريدة الأوبزرفر نشر عام 2000، لم يطل العمر بالملك الراحل ليشاهد اليوم بشوارع دول الخليج، وأيضاً بعض العواصم الأوروبية، تفاخر أبناء هذه الدول بمظاهر الثراء الخاوي، واستعراضات الجهل الاستهلاكي بسيارات المازاراتي، وبورشه، والفراري. متابعة قراءة علموهم ركوب الجمال

حسن العيسى

«اللي انتم خابرينهم» طبعاً!

يمثل مركز صباح الأحمد لأمراض الكلى والمسالك البولية وجهاً مشرقاً للكويت في نوعية الخدمة الصحية التي تقدم للمرضى، وفيه أسلوب إدارة حضاري لمتابعة الحالات المرضية وتنظيم مواعيد المراجعة، فمبنى المركز، الذي تطل غرفه على الشاطئ، يبعث بعض البهجة في روح المريض، مادامت شبابيك الغرف مغلقة، حتى لا تشتم منها روائح العطن (الصيانة) بسبب مياه المجاري الملوثة التي ظلت ترمى في بحرنا الجريح لعقود ممتدة من الإهمال واللامبالاة، لكن يبقى المركز نقطة مضيئة في عالم الرعاية الصحية بالدولة. متابعة قراءة «اللي انتم خابرينهم» طبعاً!

حسن العيسى

فرسان المناخ اليوم

يتحدث صديق لي مهتم ومتكدر من أوضاع الدولة قائلاً: ما أكثر ما تتلاعب السلطة بالألفاظ، فعوضاً عن التصريح بالكلمات الدالة على المعنى المباشر الذي ينصرف إلى الذهن، تلجأ إلى تمويه الكلمة حتى تضيع "الطاسة"، فمثلاً بدلاً من أن تقول كلمة "بوق" (سرقة) من أموال الدولة، أو عبارة إهمال جسيم سبَّب أضراراً لأملاك الدولة، أو تكسب من الوظيفة العامة أو رشوة، نجدها تضع كلمة "تجاوزات"، وكأن الذين سرقوا أو تلاعبوا بالأموال العامة، "تجاوزوا" حدودهم فقط، "تجاوزات" غير كلمة "سرقات"، وغير مليارات أهدرت، وغير ثراء غير مشروع لمسؤول كبير أو متنفذ متحالف مع المسؤول على "بلع" الأموال العامة التي "كانت" يوماً ما وفيرة، ولم تعد اليوم.
ولكم أن تقيسوا على ذلك التمويه بالألفاظ، أو قد تتذرع السلطة، في أحايين أخرى، بأعذار شتى، مثل غياب التشريع المجرِّم للفعل على سبيل المثال، فنحن لا نعرف شيئاً عن المسؤولين لكارثة محطة مشرف للمجاري، غير ربما كلمة "تجاوز" بسيطة لموظف أو موظفين عامين لواجبات الوظيفة، ولا نعرف شيئاً، بأمثلة لا تحصى عن حكاية استاد جابر أو مستشفى جديد، أو المدينة الجامعية تم تناسي أوضاعها، غير "تجاوزات" أو أخطاء عادية دون وجود المخطئين، وماذا حدث لنكتة القرية التراثية؟ التي تُركت كأطلال مدينة سورية كانت ضحية من ضحايا حرب نظام مجرم ضد جماعات إرهابية تعادله جرماً ورعباً، وكذلك إن لم ينس الناس قضية الإيداعات المليونية لشباب "كبت امي" حين غاب التشريع المؤثِم.
ويستطرد صديقي حديثه المهموم، عن الحكاية الأخيرة، ويضرب مثلاً بأن الشرطة الأميركية كادت تعجز عن ضبط رجل العصابات الشهير آل كابون بجرائمه الكثيرة، فتم ضبطه ومحاكمته عام 1931 بجريمة التهرب الضريبي، فهو لم يدفع الضريبة المفروضة على أموال… لا يعرف مصدرها.
ويضيف صديقي مستشهداً ببرنامج لمحطة "بي بي سي" لما سمي بعبارة "willful blindness"، أي التَّعامي المقصود وتمويه الألفاظ، مثلما لجأت إلى هذا الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة مثل "إنرون" وغيرها في تبرير سوء إدارتها التي كانت من أسباب أزمة عام 2008 المالية، وتذرعت بأن إعسارها كان لظروف استثنائية اقتصادية لا شأن للإدارة بها، فهنا يلجأ المتلاعب إلى "التلاعب" بالألفاظ ليحجب تدفق المعلومات عن الجمهور، ويتم تضليل وعي الناس بتلك الهرطقات… وعادة يسرع كبار المديرين إلى تلك الشركات لإلقاء اللوم على الصغار في الإدارة.
هنا قاطعت صديقي، قائلاً: "عندنا وعندهم خير"، لكن بأي حال ليتنا مثلهم، فإذا كانت هناك شركة إنرون واحدة، فعندنا هنا "إنرونات" لا حصر لها، ومازالت تعمل وتتسابق على مناقصات الدولة، وهي معسرة، حتى نقفز من فشل إلى فشل ومن مصيبة إلى مصائب في المشروعات العامة وعقودها الكارثية… وإذا كانت أمور "التجاوزات" قد مرت بسلام على المتجاوزين أيام العز، حين كان سعر البرميل 120 دولاراً، فماذا عن أيام "الطّز" الآن، وسعر البرميل ينجذب كل لحظة إلى الأسفل بفعل قانون نيوتن للجاذبية الاقتصادية… وإذا كان عندهم "آل كابون" فعندنا الـ "كابونات"… من غير عدد، و"آل كابونهم" أودع السجن أما آل "كابوناتنا" فهم مازالوا يركبون "الرولزرويسيات والبنتليات"، ويتصدرون المناسبات العامة، وكأن شيئاً لم يحدث غير أعمدة وأبنية أسمنتية منسيّة، تركت لتتربع في زوايا النسيان والإهمال، وتبقى قضيتنا أولاً وأخيراً هي قضية إدارة فاشلة، يمتطيها فرسان فاشلون، هم صورة حديثة وأكثر مأساوية لفرسان المناخ عام 1982… الله يذكرهم بالخير.

حسن العيسى

داء جيش الأشباح المزمن

وصفهم بيتر بيرن، في مقال بـ"رويترز"، بأنهم "جيش من الأشباح"، كشفهم رئيس الوزراء العراقي العبادي مؤخراً، ويبلغ عددهم خمسين ألفاً من جنود وضباط الوهم، هؤلاء لا يوجدون حقيقة، لكن المسؤولين في الجيش هناك كانوا يقبضون رواتب جيش الأشباح، "وتكييشها" في ما بينهم. مؤسسة الجيش أيضاً كانت تبيع معدات وكهرباء بالسوق السوداء، وتأخذ مخصصات من الحكومة لشراء معدات وهمية لجيش الأشباح، جيش الأشباح هذا لم يستطع مقاومة إرهابيي داعش، وسلم لهم أرض المعركة دون قتال، المناصب العسكرية أيضاً للبيع، فمنصب عقيد كان يكلف 20 ألف دولار عام 2009، والآن يكلف نحو 200 ألف، أما منصب قائد فرقة فتكلفته تبلغ مليوني دولار، يسأل المحلل بيتر عن جدوى مليارات الدولارات صرفتها الإدارة الأميركية لتدريب وتأهيل الجيش العراقي أخذت من دافعي الضرائب لتذهب هباء منثوراً على جيش الأشباح.
أثيرت أسئلة كبيرة مثل: لماذا حلت إدارة الاحتلال بقيادة بريمر مؤسسة الجيش العراقي السابقة، وتركت أفراد الجيش الصدامي، وهم جنود محترفون، غنيمة سهلة لتغذية الحالة الطائفية بالعراق، وكي ينقلوا خبراتهم القتالية لداعش وجماعات الإرهاب، الذي يدفع العراق اليوم ثمنه من دماء الأبرياء، قبل ذلك، لماذا تمت تصفية الإدارة البعثية كلها بسياسة اجتثاث البعث، وكأن الاستراتيجيين الأميركان غير مدركين أنه في مثل دولنا تذوب الدولة تماماً في مؤسسة الحكم وبيروقراطيته؟! حين احتلت أميركا اليابان، وأيضاً حين احتل الحلفاء ألمانيا، لم تتم تصفية البيروقراطية اليابانية أو الألمانية، وإنما تمت إزاحة قياداتها ومحاكمة المسؤولين منهم، وإحلال آخرين صغار مكانهم من الإدارات السابقة ذاتها، فبقيت عروق الدولتين تنبض بالحياة لما بعد الاحتلال، أما كان من باب أولى أن يصنع مثل ذلك في العراق المحتل بعد عام 2003، ويجنب هذا القطر ويلات التفجيرات والتفكك الطائفي وخلق جماعات الإرهاب من شاكلة داعش؟!
لنترك محاسبة الماضي، والثمن الباهظ الذي دفع بالأمس ويدفع اليوم في العراق، ونتساءل الآن ما إذا كان مرض "جيش الأشباح" حالة عراقية خاصة، أم انه مرض ووباء منتشر في معظم الدول التي فشلت في الانتقال من الزمن الاستعماري للدولة المستقلة الحديثة؟! يمكن تصور جيش الأشباح متمدداً في معظم مؤسسات الدولة وإداراتها، فكم موظفاً وكم مسؤولاً كبيراً يقبضون من المال العام دون عمل منتج ودون مقابل، وكان تعيينهم وخلق وظيفتهم تكريساً لداء المحسوبيات والزبائنية، هم، وحتى غيرهم من الصغار الذين يسيرون على هدي كبارهم، تعلموا أداء التحية لجنرالات جيش الأشباح الرسمي، وصارت دولهم في حالة عطالة اقتصادية وإدارية ممتدة، وكم من جرائم النهب والتكسب من المال العام وسوء إدارة المرفق العام حدثت، وقيدت القضايا ضد مجهول يعمل بوظيفة قائد سرب، وهو وسراب في جيش الأشباح.
اليوم نعلم أنه لا مستقبل ولا ضمان للمواطنين بعد أن طارت وطاويط جيوش الأشباح بأرزاقها… تذكروا أن جيش الأشباح ليس حالة عراقية، وإنما حالة عامة لدولنا المفتتة، والعراق كان أحد تجليات المأساة.