كنت قد وعدت القارئ الكريم ان اكمل اليوم سلسلة مقالاتي عن تجارب الاسلاميين في الحكم. فبعد ان كتبت عن تجربتهم في المغرب وتونس، كان يفترض ان اكتب اليوم عن مصر وعما يجري فيها من محاولات لإجهاض اول تجربة ديموقراطية فيها. الا ان ما تناولته وسائل الاعلام الكويتية من اعلان اللجنة المالية في مجلس ابو صوت من الانتهاء من تعديل قانون اسقاط فوائد القروض في مداولته الثانية، جعلني أؤجل مقالتي عن الحالة المصرية الى يوم الاربعاء المقبل، واكتب اليوم عن الفضيحة الجديدة من مسلسل فضائح هذا المجلس، المسماة زورا اسقاط فوائد القروض!
يقول وزير المالية في تصريحه، الذي نشرته الصحف صباح الجمعة الماضي، عن مبررات الغاء قروض البنوك الاسلامية، وعدم شمول القانون لها «لان شمولها لن يضيف شيئا سوى التحول من مدين للبنك الى مدين للدولة»! وسؤالي الى معالي الوزير، والى اعضاء اللجنة الذين ايدوه: وهل فلسفة القانون الا نقل مسؤولية تحصيل الدين من البنك الى الحكومة؟! او بمعنى آخر التزام الحكومة بسداد فوائد القروض للبنوك تخفيفا عن كاهل المواطن! عندما يكون المقترض مطلوبا للحكومة تستطيع الحكومة ان تسقط من رصيد الدين المتبقي ما يحقق العدالة مع الاخرين الذين اقترضوا من البنوك الربوية، اذاً اين المشكلة في شمول القانون للبنوك الاسلامية؟! يقول رئيس اللجنة البرلمانية، مبررا سبب هذا الاستبعاد، «بعد ان عرضت الحكومة على اللجنة رأي البنوك الاسلامية، الذي اكد عدم امكانية اسقاط ارباح القروض بعد سداد اصل الدين»! امر عجيب فعلاً! واحد اقترض من بنك اسلامي ما قيمته عشرون الف دينار، وحددت ارباحها بثلاثة الاف دينار، وعند تطبيق القانون كان رصيد الدين المتبقي ثلاثة عشر الف دينار فقط، ما الذي يمنع المشرع ان يقول ان رصيد الدين اصبح عشرة الاف فقط بعد اسقاط الثلاثة الاف دينار قيمة الارباح؟! بمعنى ما الذي يمنع ان اسقط الارباح من اصل الدين المتبقي؟!
ــ هل يعلم السادة اعضاء اللجنة المالية ان اكثر من %60 من المقترضين هم من عملاء البنوك الاسلامية؟! هل يقبل المذكورون ان يستبعدوا كل هؤلاء ثم يقولوا انهم حلوا مشكلة القروض؟!
ــ هل يعلم اعضاء ثلث الامة ان هذا القانون اذا صدر سيكون اعور بعين واحدة واعرج برجل واحدة! حيث نظر الى مصلحة فئة محددة من المجتمع دون الالتفات الى بقية المواطنين ومعاناتهم، ان كانوا فعلا يرون في هذا القانون تخفيفا للمعاناة؟
ــ هل يعلم نواب السراب وبيع السمك بالماء ان هذا القانون بصيغته مخالف لنص المادة السابعة من الدستور «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع»؟! وهل يعلمون ماذا سيحدث للمواطن ان تم الطعن بعدم دستوريته لمخالفته لنص الدستور وروحه وحكم ببطلانه، بعد ان يكون المواطن المسكين رتب اموره على ذلك؟!
انا من المؤيدين وبشدة لتخفيف معاناة المواطنين، ولكن كل المواطنين الذين يعانون وليس مجموعة دون اخرى، فليس مقبولا تفصيل قانون على قياس جماعة، وحرمان بقية المجتمع من فوائد هذا القانون! يقول الدستور الكويتي في المادة 22: «ينظم القانون على اسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية العلاقة بين العمال واصحاب العمل..»، فالعدالة هي روح هذا الدستور في فلسفته ومبادئه.
انني احذر اللجنة المذكورة ونواب مجلس الصوت الواحد من تمرير هذا القانون بهذه الصيغة، لان ذلك سيسبب ضررا للمواطن بعد الغاء القانون من المحكمة الدستورية، ولا عذر لهم بعد اليوم وقد تم تنبيههم. ان لمحة سريعة لبعض اعضاء اللجنة واتجاهاتهم الفكرية والعقائدية ليزيد من احساسي، بان لا امل متوقع في القريب الا اذا جاءتهم التعليمات من الحكومة!
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
تجربة الإسلاميين في تونس
تحدثنا في المقالة السابقة عن تجربة الحركة الاسلامية في ادارة الحكومة في المغرب، وبيّنا كيف ان هذا التيار يستطيع ان يدير الحكومة باقتدار اذا كانت الامور طبيعية وبلا مؤامرات خارجية وداخلية من اعداء الوطن!
واليوم نتحدث عن تجربة حزب آخر محسوب أيضاً على تيار الاخوان المسلمين الا وهو حركة النهضة وادارتها لحكومة تونس. فقد فازت حركة «النهضة» في الانتخابات الاولى التي جرت بعد خلع الطاغية العلماني زين العابدين بن علي وحصلت فيها على المركز الاول من دون منازع، وشكلت حكومة ائتلافية من الاحزاب الرئيسية، سيطرت فيها على معظم المقاعد بالاتفاق مع حلفائها الذين وزعت عليهم منصبي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان. وكانت مهمة هذه الحكومة الاعداد للدستور الجديد، ولأن اعداء الديموقراطية متواجدون في كل مكان، ولأن اتباع النظام المخلوع ما زالوا يتنفسون الهواء الطلق، لذلك لن يهدأ لهم بال حتى يزعزعوا الاوضاع ويثيروا الفتن ما ظهر منها وما بطن، فبادروا الى اغتيال احد رموز المعارضة، ظناً منهم بأنهم سيورطون بذلك حركة النهضة الحاكمة، وفعلا حدثت الاضطرابات، واتُهمت «النهضة» بتصفية بلعيد، وولول غلمان العلمانية عندنا بفشل الحكومة التي تديرها «النهضة». ولكن على الباغي تدور الدوائر، حيث تم القبض على الجناة الذين اعترفوا بجريمتهم، وتبين انهم خصوم «النهضة»، وقد فعلوا ذلك لافشال الحكومة من استكمال مشروع الاصلاح الذي بدأته! وكان من نتائج هذه الازمة التي كادت ان تعصف بالبلاد، لولا رحمة الله، ان استقال رئيس الحكومة، وعينت حركة النهضة شخصاً آخر غيره وشكل حكومة جديدة تنازلت فيها «النهضة» عن وزارات السيادة للمستقلين، كما اختار عددا من وزرائه من التكنوقراط! ومع هذا لم يرض ذلك تيار الاقلية مع اقليتهم! ومن الطرائف التي تدل على طبيعة اعتراضاتهم ان مبررهم لرفض وزير التربية هو انهم شاهدوه يخرج من المسجد بعد احدى الصلوات! أي انه يصلي! مما يؤكد ان العداء للدين وليس للتيار الديني. ويذكر ان التيار العلماني في تونس اعترض على تدريس مادة القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية بحجة ان ذلك يساهم في تخريج ارهابيين وليس طلبة! ولكن هيهات ان يحصلوا على مبتغاهم، وها هي «النهضة» اليوم، بفضل الله، تخطو خطوات راسخة وثابتة نحو الانجاز والتنمية للبلاد حتى شعر الناس بفضل حركة النهضة وحسناتها. وقد اثبتت نتائج الانتخابات التكميلية التي جرت في ثلاث مدن ازدياد شعبية حركة النهضة وتفوقها على خصومها.
ان التيار الاسلامي بعد كل انتخابات حرة ونزيهة يفوز باقتدار غير مسبوق، وعندما يشكل الحكومة فانه يشكلها وفقا لما تقتضيه مصلحة البلد وان اضطر للتنازل عن بعض مكتسباته من اجل التوافق وعدم الاختلاف. ان هذا التيار ليس بيده عصا سحرية ولا يختلف عن غيره من التيارات الاخرى الا بنظافة اليد وسلامة السريرة وحسن السمعة ومعايشة الناس وهمومهم.
وفي المقال المقبل سنتحدث، باذن الله، عن تجربة التيار الاسلامي في مصر وكشف حقيقة ما يجري هناك.
***
بعد الكلام الذي قاله فؤاد الهاشم في قناة الصباح قبل يومين لا بد من ان نتوقع تصرفا سريعا من الجهات المختصة ومعاملته مثل معاملة من تمت احالتهم إلى النيابة! بس المشكلة انه هذه المرة شق الجربة.
تجربة الإسلاميين في المغرب
يدعي بعض غلمان العلمانية ان الاسلاميين فشلوا في اول تجربة لهم في الحكم، حيث عجزوا عن تدبير وادارة شؤون البلاد التي حكموها مثل مصر وتونس! واليوم سنبدأ سلسلة مقالات لتفنيد هذا الادعاء الباطل بالادلة والشواهد، ابتداء من تجربة حكم الاسلاميين في المغرب مرورا بتونس ثم مصر.
يكفي التيار الاسلامي في العالم العربي فخرا انه لم يصل الى الحكم الا عن طريق صناديق الاقتراع بعملية حرة ونزيهة، على الرغم من سيل الاباطيل التي ساقها عليه الاعلام الفاسد المعادي للدين ولكل من يتبناه، وهذا عكس عقود من الزمان حكمت فيها تيارات علمانية الدول العربية بالحديد والنار تارة، وبانتخابات صورية ومزيفة تارة اخرى، كانت نتيجتها مزيدا من التخلف والعيش في ظلام الجهل لعدة اجيال متعاقبة!
عندما بدأت رياح الربيع العربي تهب على المنطقة العربية نتيجة عصور من القهر والظلم عاشتها الشعوب ولم تعد تحتمل المزيد منها، بدأت العروش تتساقط واحدا تلو الاخر، وفرح المخلصون بهذا التغيير واغتاظ المبطلون الذين كانوا يقتاتون على موائد اللئام المنهوبة من اموال الشعب العامة، وارتعد المرجفون من اشباه الظلمة وناهبي مقدرات الامة، خوفا من هبوب هذه الرياح عليهم فتقتلع ما تبقى من ملكهم العضود! عندها توجه الشعب في معظم هذه الدول الى السجون ليخرجوا من كان فيها من مظلومين، تم تقييد حريتهم فقط لانهم قالوا كلمة حق عند سلطان جائر من اجل رفع الظلم عن شعوبهم المقهورة، ونقلتهم شعوبهم الى سدة الحكم عن طريق انتخابات حرة نزيهة شهد بنزاهتها العدو قبل الصديق! ولكن اهل الباطل لم يقبلوا بالنتيجة، لانهم تعودوا على العيش بين ظالم ومظلوم، لذلك سعوا لافشال اول تجربة في مصر عن طريق الاعلام المأجور وبلطجية فلول النظام السابق، وسنعود في مقال آخر للحديث عما يجري في مصر وكشف محاولاتهم اليائسة والفاشلة لاسقاط العملية الديموقراطية واعادة حكم العسكر!
المغرب اول دولة نأخذها كمثال على نجاح الاسلاميين في الحكم، عندما تكون الامور مستقرة ويكون الشعب بكل فئاته يحترم نتائج العملية الديموقراطية، ففي هذه الدولة المطلة على المحيط في اقصى العالم العربي غربا، لم يمنع الموقع البعيد رياح التغيير من الوصول اليها، لكن الملك هناك كان اذكى من غيره ممن سقط امام عينيه ولم ينفعه عسكره ولا معاهداته مع اميركا وولاؤه المطلق لها من السقوط في مهملات التاريخ، حيث بادر باحترام ارادة الامة، واعلن تنازله عن بعض صلاحياته التشريعية والتنفيذية التي اصبحت بيد مجلس نواب يتم انتخابه مباشرة من الشعب، واعطى للشعب اختيار رئيس الحكومة من حزب الاغلبية، بعد ان كان هو من يختار هذا الرئيس، وشيء طبيعي ان يفوز الاسلاميون المحسوبون على تيار الاخوان المسلمين بالانتخابات عندما تكون حرة ونزيهة لانها ارادة الشعوب!
قام الاسلاميون بتشكيل حكومة واشركوا معهم عددا من الاحزاب الاخرى مع قدرتهم بتشكيلها من دونهم، وعالجوا من اليوم الاول مشكلة الميزانية وحرية الصحافة وتنظيم حق التظاهر والاعتصامات ووضعوا آليات لتنشيط الاقتصاد، بدأت نتائجها الايجابية بالظهور، ووضعوا حلولا لمدن الصفيح التي تشوه جمال العاصمة، وبنوا مساكن لهم ووضعوا اللبنة الاولى لعلاج مشاكلهم مع جيرانهم الاسبان والجزائر وموريتانيا، وامور كثيرة لا يسع المجال لذكرها، وهم في بداية عامهم الثاني.
خلاصة القول ان الاسلاميين عندما يجدون ارضا خصبة ينجحون بالعمل الجاد المثمر الذي يؤكد مصداقيتهم ووعودهم لشعوبهم، ولكن عندما يجدون خصومهم حولوا ارضهم الى ارض «صبخة»، فانهم يحتاجون وقتاً لعلاج الصبخ واستصلاح الارض ثم زراعتها، الملك محمد السادس بعد الاصلاحات التي جاءت بالاسلاميين اصبح مجمعا عليه بعد ان كانت التظاهرات الاولى في الرباط تنادي «الشعب يريد اسقاط النظام»، والاسلاميون بدأوا بعلاج المشاكل الكبرى التي يئن منها المجتمع، واجلوا القضايا الاخرى الى ما بعد استقرار الامور، واصبح الناس يثنون على ادائهم ويتباشرون خيرا بهم، ولقد قدر الله لي ان اجلس مع وزراء الاعلام والمالية والتربية، واستمع الى خططهم المستقبلية لدفع التنمية في بلادهم، فأدركت ان هذا التيار لو يعطى الفرصة لفعل الاعاجيب، ولكن قدر الله فوق كل قدرة.
المعارضة: من يعلّق الجرس؟
عندما تم الاعلان عن تكوين ائتلاف المعارضة فرحت لظني بان المعارضة بكل اطيافها انضوت تحت مظلة واحدة، ولكن عندما علمت ان نصف هذه المعارضة شكل طيفا جديدا وفُرز الحراك الى مجموعتين، قلت لعله «خير». فالتعدد، احيانا، يثمر تنوعا في الافكار والرؤى. وتبددت آمالي عندما شاهدت «كل حزب بما لديهم فرحون»، وأصبحنا نقرأ تغريدات تضرب تحت الحزام، ولا تدل إلا على تصفية حسابات بين الرموز الذين كانوا يتنافسون انتخابيا قبل تشكيل تكتل الاغلبية! ثم انتقل الصراع الى الندوات والمحاضرات، وكانت النتيجة استياء القاعدة الشعبية الداعمة للحراك من هذا الوضع، وشعور غالبية المنتمين إلى المعارضة والمؤيدين لها بالإحباط مما وصلت اليه الامور، في الوقت الذي بدأت فيه قوى الفساد وحلب البلاد باعادة ترتيب صفوفها واستخدمت الوسائل المشروعة وغير المشروعة لاستغلال هذا الوضع غير المشجع للحراك الشعبي. فبدأت تحسن صورة مجلس بوصوت واحد، واستعملت المال السياسي من جديد لشراء المزيد من الولاءات للسلطة والعداءات للمعارضة، وصرنا نشاهد كل يوم يدخل لاعب جديد لفريق السلطة ليضرب احد اطياف المعارضة بقصد اضعافها والتشكيك في قدراتها. ولان الحراك لم يصل الى امكانات الحزب الواحد وقدراته التنظيمية نجد ان مواجهة هذا التحرك الحكومي لم تكن ناجحة، بل مشتتة ومبعثرة، وبدأ الحراك ينشغل بنفسه، وبدأت السلطة تتطمش عليه، وبدأ مخطط نهب البلد ينفذ على اعلى مستوى، وفقد الاصلاحيون الامل في الاصلاح، ويئس الحكماء من سيطرة الرأي الحكيم او حتى الاستماع اليه، وصرنا نسمع عن ندوة يقيمها هذا الطرف تتبعها ندوة اخرى يقيمها الطرف الآخر!
المشكلة التي تواجهنا اننا ان تحدثنا من باب النصح وانتقدنا احد الرموز نُعتنا باننا نثبط الحراك ونعوقه! وما اكثر ما سمعنا مقولة: «مو وقته الحين تنتقد الحراك، اجّ.ل رايك بعدين»! حتى عندما كتب الزميل مبارك صنيدح مقالته الرائعة في «الوطن»، قالوا عنه انه يبحث عن خط رجعة مع السلطة! لذلك، نشاهد كثيرا من العقلاء يحتفظ برأيه لنفسه حتى لا يصنف مع الحكوميين او المتخاذلين او المثبطين!
أنا أقولها الآن بالصوت العالي وليقولوا عني مايشاؤون، لا بد للمعارضة من ان تتحد تحت راية واحدة وهدف واحد متفق عليه واسلوب واحد للوصول إلى الهدف، لا بد للطرفين أن يتنازلا عن بعض ما يُظن انه مكاسب لهما ويعيدا ترتيب صفوفهما من جديد ويطهراها من الاعداد «اللي ما لها لازم» ويلغيا سياسة تخوين الآخر وإقصائه. لا بد من رأس واحد للمعارضة وراية واحدة، وما يجري اليوم على الساحة السياسية هو لعب ومضيعة للوقت.
كنت ارغب في الحديث عن دور الحركة الدستورية الاسلامية في رأب الصدع ومساهمتها في تقليل الفجوة بين طرفي الصراع بعدم الدخول في السجالات التي تدور على الساحة، لكن كلمة الاستاذ محمد الجاسم عنها صدمتني عندما قال إنها فاقدة للهوية في هذا الحراك! وشعوري بانه تجنٍ على الحركة ودورها العاقل في هذا الحراك، خصوصاً انه شاهد عن قرب مشاركة «حدس» وقواعدها في كل الانشطة، وتصدروا لكل ما من شأنه دعم الحراك الشعبي، وتجاوزوا في الوقت نفسه كل المطبات التي مرت في طريق هذه المسيرة، وكان لرموزهم، الحربش والدلال والمطر والشاهين، السبق في تسجيل الحضور والمشاركة الفاعلة ناهيك عن الصواغ اسد «الخامسة» وزيزومها!
السؤال الآن: من يعلق الجرس اولا ويبادر بالتنازل عن مكاسبه الضيقة ويسعى لجمع الكلمة ويتسبب في التفاف اهل الكويت من جديد على المعارضة السياسية، بعد ان تبين لهم ان القادم اسوأ بكثير مما نحن فيه اليوم؟!
الليبراليون في الكويت… ماذا يريدون؟
يبدي بعض الزملاء الليبراليين عندنا بين فترة واخرى امتعاضهم من مظاهر ضيقة الخلق في الكويت! والذي يعيش في الكويت ويشاهد طبيعة الحياة الاجتماعية يشعر بان هؤلاء الليبراليين يتحدثون عن مجتمع آخر وليس الكويت. ألا يشاهد هؤلاء الاختلاط المخجل في الشوارع والاسواق والاماكن العامة؟! الا يشاهدون التبرج الفاضح في لباس كثير من النساء في هذه الاماكن؟! الا يسمعون عن الحفلات الغنائية التي تعلن عنها الفنادق والمتنزهات بين الحين والآخر؟! الا يلاحظون غض الطرف عما يمارس في بعض الشاليهات والجواخير والمزارع من منكرات بحجة المحافظة على خصوصيات الناس؟! الا يشاهدون القنوات الفضائية بكل ما فيها من جميل وقبيح تدخل في كل بيت من دون رقيب او حسيب؟! الا… والا… والا….؟!! اذن ماذا يريد هؤلاء الليبراليون؟! انا شخصيا استمعت الى الاجابة من احدهم والذي دائما يفتخر بعلمانيته وليبراليته في مقالته قبل يومين، عندما ابدى استياءه من احتفالنا بالكويت بعيدي الاضحى والفطر، ولا نحتفل باعياد الهندوس والبوذيين والمجوس؟! هل يوجد اكثر من هذا التطرف في التفكير؟ ألم يكتف. صاحبنا الليبرالي باحتفالنا كل عام بعيد الحب وعيد الكريسمس وعيد رأس السنة وما يصاحب هذه الاحتفالات من خروج عن المألوف؟! احد هؤلاء طالب في احدى مقالاته بعدم التفرقة بين انتظار النساء وانتظار الرجال في المستوصفات، واعتبر هذا مظهرا من مظاهر التخلف! وين بيوصلونا الجماعة؟ تلاعبوا بقضية المرأة وزجوها في كل الميادين وحشروها حشرا مع الرجال بحجة انتزاع حقوق المرأة! وعندما تأتي الجمعيات النسائية الاسلامية تطالب بحقوق المرأة المدنية والاجتماعية يعترضون عليها، ويعتبرون هذه ردة وتخلفا وعودة بالمرأة الى العصور الوسطى!
ايها الليبراليون… قولوها ولا تختشوا (فاللي اختشوا ماتوا) نريدها سمردحه! لا حسيب ولا رقيب!
* * *
استقالة وزير التربية غريبة عجيبة…!
انا اعرف المسؤول يستقيل اذا شعر بانه يتحمل مسؤولية ما حدث، لكن جميع المؤشرات تقول ان الوفاة قضاء وقدر، وانها سكتة قلبية مفاجئة، اذن اين الشعور بالمسؤولية؟ واين الجانب السياسي بالموضوع؟!
رحم الله الفتاة وغفر لها واعان اهلها على الصبر والاحتساب.
* * *
• عندما يكتب الصحافي لفكره ومبدأ يؤمن به، فانه سيكون محترما ومقدرا عند قرائه، ولكن عندما يكتب وفقا لما يطلب منه، ووفقا للتدفقات النقدية فان «طقته ببيزه»!
اللهم لا شماتة ورحم الله بن شريم:
«كنك سراجن في اوسط الحوش شبوك
ولما قضى اللازم حدا الربع طفاك».
يا غافلين لكم الله
نراقب – بشيء من الحيرة – السلوك السياسي لحكومات دول الخليج العربي تجاه السياسة الايرانية في المنطقة، واللامبالاة للتحرك الايراني المشبوه في السنوات الاخيرة. وكأن قرارا قد اتخذ بالاكتفاء بصيغة التنديد الواردة في البيان الختامي لجميع مؤتمرات القمة الخليجية حول احتلال ايران للجزر الاماراتية والتدخل في شؤون دول المنطقة!
ولأن التحرك الايراني اصبح مكشوفا للعيان ولا يحتاج الى توضيح، فقد يجوز لنا القول ان الشكوك تحولت الى الدول الخليجية نفسها من ان ترتيبات تحضر مع الجمهورية الاسلامية، بل لم يعد مستبعدا ان تنتقل الشكوك الى السياسة الاميركية لنقول ان هذه الترتيبات برعاية اميركية.
إيران الخميني لم تعد هي ايران اليوم! اليوم نشاهد الاخطبوط الايراني يضرب في عدة اتجاهات. فذراعه وصلت الى اليمن عن طريق الحوثيين، وها هي الانباء تصلنا كل يوم عن القبض على سفينة ايرانية ممتلئة بالاسلحة لتوصيلها الى صعدة في الشمال. وها هي الاحزاب العراقية اصبحت ميليشيات ايرانية، تنفذ الاجندة لطهران، وظهرت هذه الحقيقة بعد التدخل العراقي في الحرب السورية نيابة عن ايران! ولم تكن الكويت بعيدة عن هذا المخطط الفارسي، فالخلايا الجاسوسية الايرانية يتم اكتشافها على التوالي، والذي لا يتم الاعلان عنه اكثر مما يعلن عنه! والعمالة الايرانية اغلبها سائبة في الشوارع من دون حسيب او رقيب! ولا يغرنك ما يقال عن ضبط «الداخلية» للعمالة السائبة بين فترة واخرى، فهذه العمالة، المقبوض عليها، لا تكاد تجد فيها ايرانيا واحدا، لان العملية المخطط لها تتم باتقان شديد. واليوم لدينا في شوارعنا جيش شعبي ايراني جاهز للتسليح الكامل خلال ساعات قليلة. ولا اظن عاقلا يعترض علينا عندما ندعي ان المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية جاهزة للانفجار في اي لحظة بانتظار ساعة الصفر! وهم على امل ان تتحرك بقية المناطق بمطالبها المشروعة كي يتحركوا بنواياهم الانفصالية. من هذا الباب جاء تخوفنا على الشقيقة السعودية من ان تؤتى من حيث لا تحتسب. اما الاخوة في الامارات فهم مشغولون بالاسلاميين السنة وهي الاولوية عندهم اليوم، ويعتقدون ان ايران لا يمكنها ان تعمل اكثر من احتلالها للجزر، بينما المراقب يعلم ان الوضع السياسي والاجتماعي والديموغرافي للامارات يؤهلها لان تكون الضحية الاسهل للاطماع الاجنبية. واعتقد ان الوضع في السلطنة وقطر والبحرين مشابه ان لم يكن اشد لبقية دول الخليج.
اذاً ما الذي يجري؟! ولماذا لا تتحرك هذه الدول لمنع وقوع الكارثه؟!
يعتقد المراقبون ان الاستراتيجية الايرانية تقتضي تطمين دول الخليج والتعهد لها بعدم الاعتداء عليها! وهذا مثل تعهد الثعلب للديك «مخطئ من ظن يوما ان للثعلب دينا»، كما تقتضي ان يكون لها ترتيب مع اميركا تتعهد ايران خلاله بمنع وصول الاسلاميين السنة الى الحكم في اليمن وسوريا والعراق، كما تساهم في المحافظة على استقرار جبهة الجولان مع اسرائيل كل ذلك مقابل ثلاثة امور:
ــــ عدم دعم الجيش السوري الحر من قبل حلف الناتو.
ــــ التخفيف من الضغط على البرنامج النووي الايراني.
ــــ اطلاق يد ايران في دعم اتباعها في دول المنطقة.
اغلب دول الخليج اليوم مشغولة بالتضييق على النشطاء السياسيين والحريات العامة ومحاربة التوجهات الدينية المنفتحة وتقريب اهل البدع والخرافات والدراويش وإلباسهم للعمائم واظهارهم بمظهر المصلحين وهم في حقيقتهم «مساحو جوخ للبلاط السلطاني»! واصبح هم اجهزة الاستخبارات في هذه الدول رصد تحرك التيارات الاسلامية وتشويه عملها في نظر العامة باستخدام وسائل الاعلام المتنوعة وتسخير الاقلام الليبرالية للتفرغ لهذه التيارات بالسخرية وتلفيق القصص والاتهامات والافتراء عليها من دون رادع من اخلاق او احترام للمهنة.
كل هذا يحدث وحكوماتنا «اذن من طين وأخرى من عجين»! وان لم تنتبه وتضع حدا لهذه التحركات الفارسية المشبوهة والا يا غافلين لكم الله.
***
اتصل بي الدكتور عواد الظفيري ليخبرني بانه ومجموعته الممثلون الشرعيون لحزب الامة، وانهم مع ائتلاف المعارضة وليس كما ورد في مقالتي الاخيرة.
د. حاكم نريد بالمكث… ما تريد بالحث
استمعت الى المحاضرة القيمة التي ألقاها الدكتور حاكم عبيسان رئيس حزب الامة يوم الخميس الماضي والتي برر فيها اسباب رفضهم الدخول مع ائتلاف المعارضة الجديد. ومن يستمع الى حديث الدكتور حاكم وتنظيره للقضايا والمواقف من ناحية شرعية وربطها بواقع الحال الذي نعيشه اليوم، لايملك الا ان يكبر في هذا الرجل سعة افقه وعلمه في الجوانب الشرعية والتأصيل الشرعي. ولقد بين الدكتور في خطابه ان السبب الرئيسي في رفض المشاركة بالائتلاف هو ان منهج الائتلاف يدعو الى الرجوع الى النظام السياسي السابق اي العمل بدستور 62، وهذا مرفوض لأنه عودة الى الوراء وتراجع عن المكتسبات التي حققها الحراك السياسي حتى الآن والمدعومة بتداعيات الربيع العربي!
أنا اعتقد ان كلام الدكتور حاكم سليم في توجهه العام باعتبار ان المفروض بعد كل هذه التضحيات ان يتمخض الحراك عن ديناصور وليس فأراً! ولكن ألا تعتقد يا دكتور ان المفاهيم الشرعية التي ذكرتها تحتاج الى وقت لتهيئة الناس وتقبلهم لها؟ ألا يمكن ان نصل الى المفاهيم التي ذكرتها وطالبت بها من خلال التطبيق السليم لدستور 62؟! خذ مثلا مفهوم «نرفض ان تكون السلطة اقوى من الشعب ووصية عليه»، الا يدعو الدستور الحالي الى هذا المفهوم «الامة مصدر السلطات – مادة 6؟!»، خذ مثالا لمفهوم آخر بعد ان ذكرت رفضك للدستور الحالي بحجة انه «يشترط موافقة الامير لتعديله»، الا تعتقد ان الدستور الحالي يعطي للشعب سلطة اقوى من سلطة الامير نفسه؟ من الذي يختار الامير؟ أليس هو الشعب الذي يشتAرط الدستور موافقة ممثليه على تعيينه ولياً للعهد؟! واذا اقر نواب الشعب قانونا ورفضه الامير، الا يملك ممثلو الشعب ان يمرروه باغلبية خاصة دون موافقة الامير؟! وفي حالة عدم توافر هذه الاغلبية الخاصة أليس في وسع المجلس ان يصبر عدة اشهر ثم يمرر القانون بأغلبية بسيطة ويصبح القانون نافذا منذ التصويت عليه دون الحاجة الى موافقة الامير؟!
عزيزي الدكتور حاكم، المشكلة ليست في الدستور، المشكلة في من يطبق الدستور! وانا اعتقد باننا نستطيع ان نحقق كل ما نريد من خلال هذا الدستور ان اردنا وعرفنا الطريق الى تحقيقه، حتى تطبيق الشريعة نستطيع ان نتمكن من الوصول الى حالة الكمال فيها ان اردنا! فالدستور يقول: «دين الدولة الاسلام والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، ومعنى رئيسي اي لا أذهب الى المصادر الثانوية الا ان تعذر علي الحصول على حكم بالمصدر الرئيسي! ثم لنفرض ان الشعب من خلال ممثليه بالمجلس قرر اصدار قانون اسلامي او تعديل قانون غير اسلامي، من يستطيع ان يمنعه؟! اثبتنا ان الدستور يعطي المجلس صلاحيات اقرار ما يريد حتى لو رفضت السلطة ذلك، اذن اين الخلل؟!
الخلل يا دكتور في قانون الانتخاب الذي يفصل بطريقة تتمكن فيه الحكومة من السيطرة على الاغلبية داخل مجلس الامة! لذلك الاولوية يجب ان تكون في تغيير هذا القانون حتى يصل الى المجلس من يمثل الشعب حقيقة وليس من يمثل عليه!! ولهذا السبب استماتت السلطة كي يأتي مجلس بوصوت واحد من خلال تغيير آلية التصويت في قانون الانتخاب.
دكتور حاكم.. المعركة المقبلة بين تيارين: تيار يريد ان يلغي هذا الدستور، الذي يعطي للشعب صلاحيات اقوى من السلطة، ويأتي بدستور مقلم الاظافر يجعل السلطة صاحبة الكلمة الاخيرة تحت قبة عبدالله السالم! وتيار آخر يريد ما تريده انت، يريد تطوير العمل البرلماني والسياسي من خلال المحافظة على وجود اغلبية واعية تحقق هذا الهدف! لكن اليوم اصبح الهدف ليس التطوير بل اولا المحافظة على الموجود الذي من خلاله اطور واقفز للامام. لذلك اعتقد ان خروج حزب الامة من الائتلاف سيضعفه ويضعف الائتلاف! وسيؤخر تحقيق الهدف الذي تريده انت بالحث والعجلة ويريده الائتلاف بالمكث والتأني! ارجع الى الجماعة ومن داخلها، حاول ان تقنع الآخرين بافكارك فهم اقرب الناس للتوافق معك وان عجزت عن اقناعهم فلن تتمكن من اقناع غيرهم، فاصبر واحتسب فلعل في رأيهم الحق الذي لم يظهر لك بعد! انا اعلم ان الدستور الحالي ليس هو الطموح الذي ننشد، لكن الظروف اليوم تستلزم علينا المحافظة عليه باعتباره الحد الادنى المقبول.
خطاب مفتوح إلى محمد بن نايف
والمقصود هنا هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، وحتى لا يستغل المرجفون في المدينة هذه الخطوة في تشويه المقصد، ويعتبرونه تدخلا فيما لا يعنيني، أؤكد أن الدافع لتوجيه هذا الخطاب إلى سمو الأمير هو حبي وعشقي للمملكة العربية السعودية، وحرصي على استقرار الأوضاع فيها، ودعمي وتأييدي لعملية التطوير والتنمية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين، والتي أدرك جيدا أن أي زعزعة للأوضاع الأمنية ستكون على حساب هذه العملية التنموية! كما أن استقرار المملكة هو من دون شك استقرار لبقية دول الخليج والعكس صحيح! وقد يسأل سائل لماذا توجه كتابك إلى وزير الداخلية عبر الصحافة المقروءة؟ لماذا لا تنصحه في السر؟ فأقول إن وزير الداخلية لا يتحمل مسؤولية ما يجري منفردا! بل الحكم بكل مؤسساته، والشعب بكل فئاته، مطالبون بقراءة ما يكتب وما يقال! والجميع مطالب بتدارك الأمور قبل استفحالها، وكلهم مسؤولون عن تجاوز الأزمات التي تحيط بالبلد، والوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان ! لكنني اخترت سمو الأمير محمد بن نايف لأوجه إليه خطابي هذا، وذلك لسببين:
– الأول أن الموضوع الذي تدور حوله الأحداث موضوع أمني! وهو الوزير المختص به.
– الثاني أنه تسلم وزارة الداخلية، أخيراً، أي أنه لا يتحمل إلا مسؤولية ما حدث أثناء ولايته، وهذا مشجع لنا لنصحه، عل وعسى أن يتجاوب مع ما يتناسب وظروف القضية.
ياصاحب السمو…
مع توافر وسائل التواصل الاجتماعي في متناول يد الجميع، أصبح العالم الكبير قرية صغيرة، لو تعثرت بغلة في العراق لسمع عنها من يتسكع في الأرجنتين! ولذلك لم يعد هناك شيء اسمه أسرار! إلا ما انحصر بين اثنين! ولكن أن تُعتقل مجموعة من الناس بتهم مختلفة ويساقوا إلى السجون جماعات وأفرادا، فهذا يعني في زمان العولمة قضية عامة وحدثا عاما! ويكفي طفل صغير لأحد هؤلاء أن يضغط على زر جواله عما حصل لوالده، ليكون معلوما عند آلاف المتابعين لهذا الشأن!
يا صاحب السمو….
إن هيبة الدولة وهيبة الأنظمة هي أولى ضحايا هذا العصر، فقد انكسر حاجز الخوف في نفوس الناس، والأحداث أثبتت أن العيش الرغيد والحياة المترفة لم يعودا يكفيان كي يقول صاحبهما «الله لا يغير علينا»، فشعور الإنسان بأنه حر في التعبير عما يختلج في نفسه أصبح أهم من جريان الدرهم والدينار في يده! فكيف إذا كان هذا الإنسان يشعر بأنه فقد عزيزا عليه، أو معيلا له من دون سبب مستحق؟! اليوم تواجهون يا صاحب السمو مطلبا واحدا من كل هؤلاء الناس، وهو إحالة المعتقلين إلى المحاكم الشرعية، بتهم محددة وإطلاق سراح من لا توجد عليه تهمة! وهو، كما ترى، مطلب منطقي، وخذها نصيحة من محب لكم أن تتقبلوا هذا المطلب المشروع ما دام أنه في هذه الحدود، قبل أن تتكرر عندكم تجارب غيركم، وتبدأ المطالبات بالارتفاع، لتتجاوز هذا السقف إلى ما هو أكثر! وعندها نصل إلى نقطة اللاعودة، حيث تختفي الحكمة ويغيب العقل! فلا الناس يتنازلون ولا النظام يضحي خوفا على هيبته!
أما إن كان لكم رأي وموقف يمنعكم من تنفيذ هذه المطالب، فقولوه للأمة كي تعرف، وقد تعذر! وسياسة السكوت وعدم التعليق على الأحداث أثبتت الأيام فشلها، فالناس تحركهم مشاعرهم وقناعاتهم، ولم يعد للحل الأمني والعصا الغليظة مكانا في عصر فرض علينا أعرافا جديدة وغيّر ثوابت عريقة!
ياصاحب السمو…
اليوم الناس يعترضون ويتظاهرون، لكنهم يحبونكم ولا يتمنون إلا وجودكم، لأنهم مؤمنون بأنه عنصر استقرار للوطن ووحدة المملكة، فاستغلوا هذه المشاعر، قبل أن تتغير في زمان أصبح التغيير فيه عنوانا!
حفظ الله المملكة ومليكها وشعبها من كل مكروه.
نفرح أم نحزن؟
يعيش الكويتيون هذه الأيام أعيادهم الوطنية بمشاعر متفاوته، فالأغلبية قررت أن تعيش اللحظات السعيدة لهذه المناسبة، ولا يتذكرون إلا كل ما يضفي البهجة والسرور عليهم فهم يتذكرون الاستقلال عن الانتداب البريطاني، ويتذكرون تحرير الكويت من احتلال صدام الغاشم، ولذلك يحق لهم أن يفرحوا.
البعض له رأي آخر في هذه المناسبة ومشاعر مختلفة! فهو يرى أن فرحة الاستقلال أصبحت فاترة بعد أن تحول الاستقلال إلى مجاراتها لقوى خارجية تريد فرض أجندتها على الكويت وفقا لمصالحها وليس لمصالحنا، والتي كانت نتيجتها هذا العداء المستحكم بين الكويت الصغيرة، وبين أكبر جارتين، وهما العراق وإيران! ناهيك عن علاقة ربما تشوبها الريبة والشكوك مع السعودية وبعض دول الخليج! أما التحرير فهذا البعض يرى أنه فرحة تحققت في مرحلة من المراحل، تم على أثرها طرد المحتل الغاشم من أرض الكويت، ورجعت للكويتيين حريتهم بعد أن قرروا مصيرهم بإرادتهم، إلا أن هذه المرحلة لم تكتمل! فمنذ عدة سنوات أصبح الكويتي يشعر بأنه مقيد في حريته، مكبوت في مشاعره، محاسب على أنفاسه! فلم تعد الكويت هي الكويت التي يعرفها، ولم تعد الدار هي الدار نفسها التي كان يسكنها بوجدانه ومشاعره! أصبح الكويتي يعيش تحت هاجس الاعتقال في أي لحظة نتيجة رأي ذكره أو همس فيه أو تلفظ به! أصبح الكويتي يشعر بأنه تحت احتلال من نوع آخر.. احتلال للفكر والرأي! أصبح يشعر بأنه مقيد من جديد، ولكن ليس من قيود صدام وسجانيه، ولكن من قيود قوانين وقرارات جائرة تسببت في تقييد حريته على التعبير عما يختلج في نفسه! هذا الشعور أصبح عند العديد من الكويتيين في السنوات الأخيرة بعد أن كانوا يتفاخرون بالحرية عند أشقائهم من دول الخليج!
اليوم صرنا نسمع عبارة «احمد ربك انت في حال أحسن من غيرك»! وهي بلا شك كلمة حق أريد بها باطل! فغيري في حال تعيسة، فلا يجوز أن تقارنني فيه، وهناك من يقول «انظر إلى قطر، كيف تدافعون عنها وهي تسجن ابن الذيب»! ونسي أننا نثني على قطر في بعض مواقفها السياسية ودفاعها عن حقوق العرب والمسلمين في المحافل الدولية، ولا يعنينا ما تفعله قطر مع مواطنيها، فهم أدرى بحالهم، وكما أننا لن نقبل من الآخرين التدخل في شؤوننا الداخلية، فهم كذلك لن يقبلوا ما يكتبه الآخرون عنها!
إذن الكويتيون اليوم أمام مفترق طرق في موضوع الاحتفالات بهذه الأعياد في هذه الأيام بالذات، فهناك من يرى أن المسيرات التي تقام في الشوارع هي أسوأ تعبير عن الفرح بالاستقلال والتحرير! فأنت لا تشاهد إلا إغلاقا للشوارع الرئيسية، وتصرفات صبيانية، وتحرّش بالبنات، وتسكّع قبيح، وهناك من يرى أنها حرية تعبير عن فرحة مكبوتة منذ زمن! ووسيلة للترفيه!
> تغريدة أعجبتني من «سمو»: أيهما أصدق وأقوى تعبيراً عن حبك يا وطن: ما نراه الآن من مسيرات الرقص والغناء أم هؤلاء الذين خرجوا لتشرق شمسك من جديد (صورة مسيرة كرامة وطن)؟!
كما أعجبتني تغريدة من الدكتور المبدع نايف العجمي يقول فيها، موجها كلامه عمن أنكر مسيرة كرامة وطن: «أيها أولى بالإنكار، هذه المسيرات وما فيها من منكرات أم تلك؟!».
أما نحن فنقول: حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
لا تزعلين… خذي عندك
يبدو ان مقالاتي التي انتقد فيها مجلس الصوت الواحد وتصرفات اعضائه قد ازعجت بعض الزملاء من المقاتلين بشراسة من اجل انجاح هذا المجلس، وبالتالي انجاح مخططهم لتقليم اظافر المؤسسة التشريعية والغاء دورها الرقابي، ولقد كانت الزميلة اقبال الاحمد من اشد الناقدين لي بسبب مقالتي «مجلس تلاحقه اللعنات»، وحاولت تفنيد وجهة نظري دفاعا عن مجلس الصوت الواحد، وتزامنت مع مقالة للزميلة عزيزة المفرج في «الوطن» في الاتجاه نفسه، وحتى لاتكون المسألة بيننا سجالا من دون فائدة يضيع معه وقت القارئ الكريم، فانني سأذكر اليوم بعض ما قاله نواب هذا المجلس انفسهم عن مجلسهم وردده الاعلام! وخذي عندك بعضا منها:
ــــ نواف الفزيع لتلفزيون الراي: للاسف عدد كبير من النواب بات في جيب الحكومة!
ــــ حسين القلاف: ان ما قام به الراشد شديد القبح، ودمر البلاد ولم يبعد التأزيم! وقال في تصريح اخر: على رئيس مجلس الامة ان يطلع على ردة فعل الناس عليه وعلى الاعضاء الذين اتت بهم الحكومة!.
ــــ حسين القلاف اثناء خروجه من المجلس: لا يشرفني التواجد في هذا المجلس ولا مع نوابه! وقال: هذا المجلس خرطي!.
ــــ سعدون حماد للصحافة: اناشد سمو الامير حل مجلس الامة الحالي لتردي اوضاعه بعد ان فقد هيبته من خلال تأجيل الاستجوابات!.
ــــ عسكر العنزي: الحكومة ماسحة فينا البلاط!.
ــــ فيصل الدويسان: مجلسنا هذا مو بس ما يشمخ هذا حتى ما يدلدغ!.
عدا عن التصريحات المتكررة لبعض نواب هذا المجلس، مثل قول احدهم: الحكومة ما تعبرنا! وقول اخر: ما يفيد فيكم الا المجلس المبطل!.
اما المقالات فحدث ولا حرج! حتى ان اكثر الصحف دعما لمجلس الصوت الواحد، والتي سخّرت صفحاتها لانجاح مرسوم الضرورة خذي عندك ايتها الزميلة ماكتبه الزميل راشد الردعان عن مجلس «بو سوط!» وكيف انه خيب ظن المؤيدين له! اما الزميل احمد الدعيج فيكفي عنوان مقالته «خوش برلمان ياحليله»!.
اذن لم يكن مبارك الدويله هو الوحيد الذي انتقد مجلس بوصوت واحد او انتقد بعض النواب الطارئين على العمل السياسي، فتصرفات الاعضاء والحكومة تجعل الحليم حيران! حتى ان المؤيدين لهذه التركيبة وهذا التشكيل يجدون حرجا كبيرا في دعمهم لهم، ويضطرون احيانا الى انتقادهم بعنف، كما ذكر الزميل علي البغلي في مقالته صباح امس السبت في القبس، عندما قال عن تشكيل الحكومة «… اصبنا بخيبة امل»، ويسترسل «.. فالحكومة من اول نظرة لنا عليها كانت من فئة «شوف وجه العنز واحلب لبن»! انتهى كلام البغلي عن الحكومة، لكنه ينتقد اعضاء مجلس بوصوت بقوله «تأتي حكومة وجه العنز وتتعامل مع اعضاء المجلس الذي لا يملك معظم اعضائه اي خبرة وحنكة سياسية سابقة»!.
على كل حال: «ستبدي لك الايام ماكنت جاهلا.. ويأتيك بالأخبار من لم تزود».. والوعد جدام!
***
في مقالة سابقة الغى مقص الرقيب في القبس عبارة تدل تلميحا لا تصريحا عن كاتب زميل وجهت له عتابا على الادعاء ان النائب العام المصري الحالي من الاخوان المسلمين! واصبح سياق الحديث ان عاشق سمية هو من ادعى ذلك، والحقيقة ان الذي ذكر هذه المعلومة زميل اخر سقط اسمه من الرقيب سهوا!؟.
***
الاخوة في الحراك الشبابي والمعارضة السياسية يعملون من غير ترتيب اجندات متفق عليها من الجميع، مما يضعف النشاط وبالتالي يشوه العمل السياسي ويفقد ثقة الناس فيهم! لذلك لابد من التنسيق والاتفاق على الانشطة، ان كنا فعلا نريد النجاح لهذا التحرك، والا سيقول الناس انكم تتحركون وفقا لاهواء وطموح وتصفية حسابات بين القوى السياسية.
***
اعلنت احدى الصحف عن القبض على خلية ارهابية من بعض المصريين تخطط للانقلاب على الحكم، وان هذه الخلية مرتبطة بالاخوان المسلمين! ثم جاء النفي من الجهات الرسمية لتقول ان هذا الخبر مختلق وغير صحيح!؟ اتمنى من الزميلة التي نشرت هذا الخبر الملفق ان تحترم ميثاق المهنة، ومن اهم بنوده مصداقية نقل الخبر واحترام عقول القراء.