قضيت إجازة العيد في لندن عاصمة الضباب الطبيعي وغير الطبيعي الذي يكمن في أن الإنكليز استخدموا الخشب كمصدر للطاقة قبل الثورة الصناعية؛ مما أدى إلى ضباب قاتم، دفع الكاتب الإنكليزي شكسبير ليقول “لا شيء كضوء الشمس”، إلا أنني على يقين لو أجلسنا شكسبير تحت نيران شمسنا في “الظهاري” لتغنى بضباب لندن كنعمة، وأنا كحال أفواج العرب الذين رأيتهم في لندن ظننت أن إجازة عيد الأضحى لن تكون طويلة؛ لذلك لن تكون لندن مكتظة كعادتها بالصيف، إلا أن ظني خاب، ولم أر سوى عرب أو عاملين من جنسيات كثيرة غير الإنكليز هجروا العاصمة بسبب ارتفاع الأسعار.
والحقيقة أن أكثر ما لفت انتباهي هو الارتفاع غير المسبوق في أسعار المقاهي المكتظة بالعرب، التي تقدم قهوة عربية ورطباً وتمراً بقيمة 100 جنيه إسترليني للفرد! والأغرب أن من ينتظرون طاولة ليحظوا بالقهوة والتمر أضعاف الجالسين، والذين هم بدورهم ينظرون يمينا وشمالا بنظرات متعالية، وطبعاً تبدو مواقف السيارات الفارهة وأصواتها المزعجة من جهة أخرى أمام هذه المقاهي التي أهنئ أصحابها على ذكائهم في دراسة الشخصيات العربية، وكيف يتم استقطابها. متابعة قراءة الحل لـ(برمنجهام)
التصنيف: عبدالوهاب النصف
صراع البارود والأسمنت
من يدعم طاغية القرن في سورية بالسلاح والخبراء والجنود في الميدان؟ ومن يدعم متمردي اليمن وشركاءهم والطاغية “حزب الله”، وفروعه في البحرين والكويت؟ ومن تبنى تفجير سفارات، واغتيال ساسة، ولجم شعوب؟ ومن أعدم عشرة آلاف شخص في سنة واحدة عام ١٩٨٨؟ إن من فعل كل هذا وأكثر هو دولة واحدة، وكل هذا تم في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، التي سترفع بعد مصادقة الاتفاق النووي.
الحقيقة أنني لم أسمع عن دعم إيراني لأي بلد سوى دعم بالسلاح (البارود)، فالإيرانيون وعلى لسان “يونسي” مستشار الرئيس روحاني، يزعمون أن الإمبرطورية الإيرانية باتت تضم أربع عواصم عربية، والحقيقة أن هذه العواصم التي يزعم “يونسي” أنها تابعة للإمبراطورية، جميعها ينطبق عليها مفهوم “الدولة الفاشلة”، بفضل الإيرانيين الذين دسوا أنوفهم في كل “شاردة وواردة” في بلدان المنطقة التي ترفض شعوبها تدخلاتهم. متابعة قراءة صراع البارود والأسمنت
يا من أضعك تحت رحمتي
آتي بك إلى بلدي لتعمل عندي لا عند غيري، وليس من حقك أن تبحث عما هو أفضل لك، ولن تتنقل إلا بموافقتي، وليس لك أي حق عندي سوى راتبك، فأنت تسمع قصص أصدقائك المؤلمة الذين تعرضوا لأبشع صور الاستغلال، عن طريق شركات وهمية تاجرت بهم وأخذت من كل منهم 4000 دولار تقريباً مقابل تأشيرته و2000 دولار سنوياً مقابل تجديد الكفالة.
فاعلم أن أجور معظمهم لا توفر احتياجاتهم، وعليك وعليهم أن تتحملوا هذا لا أنا، ولن أجاملك فأنت رهينة تحت رحمتي، ولن أتنازل عنك إلا لمن يُقنعني بدفع «ثمنك» لي، هذه شروطي إن لم تنفعك فانتظر حتى تنتهي مدة الكفالة ثم عُد إلى بلدك، نعم هذا كله أفعله أنا بموافقة بلدي. متابعة قراءة يا من أضعك تحت رحمتي
الاتفاقية الأمنية
بعد الغزو العراقي الغاشم ونشوة التحرير أعلنت الحكومة إعادة الحياة للمجلس الوطني، ضاربة عرض الحائط بمخرجات مؤتمر جدة وتعهداتها فيه، وهنا استشعرت الإدارة الأميركية خطورة ما يحدث، حيث سيفضح ادعاؤها لشعبها بأنها حررت دولة ديمقراطية مستقلة لا مشيخة قبلية، وبالفعل دعت الإدارة الأميركية حكومة الكويت لإجراء انتخابات مجلس الأمة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية وهذا ما تم فعلاً.
متابعة قراءة الاتفاقية الأمنية
الفاتحون صاروا لاجئين
نُسب إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تصريح أنها قالت: “إن الألمان سيقولون لأطفالهم إن المسلمين طلبوا اللجوء إلى ألمانيا في وقت كانت مكة أقرب إليهم”… وتبعت هذا التصريح مناوشات على مواقع التواصل حول صحته، وتبين لي لاحقاً أنه لا يوجد مصدر موثوق نقل هذا التصريح، كما تبين أن من نقله هو شاب سوري وضعه على صفحته في “فيسبوك”.
وأياً كان ناقل هذا التصريح الذي لقي صدى واسعاً، فإنني أعتقد أنه لو كان خرج من المستشارة لكان أهون علينا من أن يخرج من شاب سوري، نسبه إليها كي يعبر عن حرقته التي وصلت إلى أبعد مدى، وكيف لا؟ ونحن لم نستوعب معاناة اللاجئين من إخوتنا السوريين، وقبلهم العراقيون، الذين أصبحت أجساد الكثير منهم غذاءً يومياً لأسماك البحر، فأصبحت أوروبا حاضنة للناجين من حرب بلدانهم أو من كُتِبت له النجاة من أهوال البحر وأخطار البر، وأعطتهم الحق في الحياة، بعيداً عن براثن المخيمات.
فأحفاد طارق بن زياد، الذي نزل عام ٧١١هـ، إلى “جبل طارق”، وهزم ملك القوط الإسباني رودريك هزيمة ساحقة، وقام بفتوحات واسعة في إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا، ليحكمها المسلمون ٧٠٠ سنة، وكان سر بقائهم الطويل هو سلاحَي العدل والعلم، هؤلاء الأحفاد لم يجدوا اليوم أحداً يستوعب معاناتهم ولا مصائبهم سوى دول أوروبا التي ترحب بهم كي يعيشوا في ظلها، في وقت يمثل بقاء مآسيهم عاراً على المجتمع الدولي، وعدم استيعابهم عاراً على إخوتهم العرب والمسلمين.
الحقيقة المرة أن من حق الألمان أن يصرحوا بما يشاءون، أما نحن فعلينا احترام الحقائق التاريخية كفتوحاتنا، واحترام الحقائق الحالية، وأولاها ضعفنا ومآسينا التي يصعب علينا استيعابها، وهنا أستذكر قصيدة أبي البقاء الرندي (في رثاء الأندلس) التي يقول في مطلعها:
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصان فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ من سَرُّهُ زَمنٌ ساءتهُ أزمانُ
فسبحان مَن حوّل الفاتحين إلى لاجئين…
حقل الدرة والاطماع لا تتغير
ورث حكام ايران الحاليون البرنامج النووي و ٥٠٠٠ الاف خبير طاقة نووية،عن محمد رضا البهلوي،شاه ايران السابق التي اسقطته الثورة الايرانيه والتي صعد من خلالها الملالي الى الحكم في ايران،الشاه محمد رضا كان يعرف بالبطر والاسراف و تعرف الدولة البهلويه بالعلمنه،ولم يخفي الشاه اطماعه بالمنطقه وطالب بالبحرين واعلن انه ايران هي الحاميه للدول الخليج بعد انسحاب البريطانيين وهذا ما اصاب حكام الخليج بالذعر،نظراً لأنه الدولة البهلويه كانت حليف استراتيجي للأمريكان،وهي التي تتكفل بمصالح ايران بالمنطقه،فأتت الثورة التي ظن البعض منا انها “مباركه”،ولكن سرعان ماتبدد كل شيء فأتو بمبدأ”تصدير الثورة” وريادة العالم الاسلامي،وقدموا انفسهم كدولة حاميه للشيعه،بهدف دغدغة عواطف الشيعه في البلدان التي يسيل لعاب الايرانين لأبتلاعها وضمها للأمبرطوريه الحلم،وهذا يتضح جلياً من خلال التسليح وتكوين الميلشيات هنا او هناك،فتغير الحكام ولم تتغير الاطماع الايرانيه بينما تغيرت استراتيجية التنفيذ،محمد رضا البهلوي الذي يعتمد على القوه وعلى الامريكان حلفاءه،بينما الملالي يعتمدون على التفكيك الداخلي للبلدان وتكوين ذراع تسيطر على الدولة بمفهومها العميق.
متابعة قراءة حقل الدرة والاطماع لا تتغير
طريق جهنم مفروش بطيب النوايا
كُل دولة مهما كان يبلغ حجم مساحتها او عدد سكانها لها الحق ان تجول في الافاق ولكن الاهم ان تحدد هذه الافاق، فالسياسة الخارجية الكويتيه حددت هذه الافاق منذ اكثر من عقدين من الزمن، وبتحديد بعد الغزو العراقي الغاشم، حيث تتمحور السياسة الخارجية الكويتية حول دعم الشعوب ومساندتها اياً كانت طبيعة الحكم فيها، او ايدلوجيتها ففي مصر على سبيل المثال دعمت الكويت مبارك ثم المجلس العسكري ثم مرسي ثم السيسي، اختلفت الايدلوجيات ولكن لم تكف الكويت عن دعم مصر في سبيل دعم المصريين شعباً، واستضافت مؤتمر المانحيين لسوريا وقدمت الدعم الاكبر للشعب السوري وللاجئين السوريين دون النظر لتوجهاتهم السياسيه او انتماءاتهم العرقيه، فالسياسة الكويتيه الخارجية الكويتيه “النبيلة”، التي تدعم تدعم الشعوب وتدعم عمليات السلام بالمنطقة وضعت الكويت في مكانة مرموقة لدى المنظمات الحقوقية وتوجت مؤخراً بدولة الرائدة للعمل الانساني، الدبلوماسي الكويتي، يحمل وظيفيتين لا واحده بالإضافة الى انه دبلوماسي فهو حقوقي. متابعة قراءة طريق جهنم مفروش بطيب النوايا
مبدأ الحيطة والحذر
الحل الامني فوري ومؤقت ومطلوب ويستحق الثناء ولكنه لم يكن يوماً جذري، فالقضية اشمل من انها تكون اكتشاف خلية مُسلحة او اخرى مُجنده، باعتقادي اخطر ما وصلت اليه التحقيقات هو مُبرر المتهمين لحيازة الاسلحة انه جاء من باب «الحيطة والحذر».وهنا ارى تفرع مهم بالقضية يتعلق بمفهوم العدالة الاجتماعية «الغائب» في الكويت، وإحلال مكانه مفهوم الجماعات التي تُحفظ حقوقها عن طريق نوابها بالبرلمان او نفوذها الاجتماعي، مما ادى بطيب او سوء نية من الدوله الى غياب المبدأ الثابت الذي يسير عليه الجميع، وظهور الفوضى، وخلق شعور عام بالانتماء للقبيلة او الجماعه او الطائفة لا الدولة، فمجتمع بهذه العقلية يسهل جداً اختراقه، فلا يوجد اسهل من اختراق مجتمع فوضوي، الانتماء العرقي فيه هو السبيل للتوظيف وللترقي بالمناصب، وللعلاج بالخارج، هذا الواقع المؤلم ادى الى فقدان الثقة بالدولة، ودافع رئيسي لأي جماعة ان تخشى على مستقبلها وتحفظ حقوقها من خلال مبدأ «الحيطة والحذر».
جميعنا نقف خلف الدولة بإجراءاتها للتصدي لتلك الخلايا ولكن لا يجب ان يكون الحل الامنى هو الوحيد، فهذا يعني ان نبقى في حالة طوارئ مستمره، فالجذور يجب ان تقطع، والمبررات لجمع السلاح اول الطُرق لهذه الحلول، فيجب ترسيخ مفهوم المبدأ الثابت على الجميع في التوظيف والترقي والعلاج، وقطع دابر المحسوبية، فهو الجزء الاصعب والاهم للتصدي على مفهوم الجماعات وإحلال مكانه مفهوم الوطن.
متفائل
طبيعة الانسان كالعملة ذات وجهين متفائل واخر متشائم،وتبقى المعطيات هي من تحدد الوجه الذي ينساق خلفه الانسان،ففي بداية ثورات الربيع العربي كان التفائل هو الوجه الذي انساق خلفه غالبية العرب من مثقفين ومفكرين وسياسيين،الا انه المتغيرات التي حصلت بعد الربيع،والفراغ السياسي،وقلة الوعي حال دون ذلك،وحول نار بشار غاية للسوريين،واستبداد القذافي مطلب الليبيين،وقمع مبارك اصبح ايامً يتحسر عليها المصريين،كشف الربيع انه الخطوط الحمراء التي وضعهتها الانظمه القمعيه،كانت ستار يغطي الكثير من الدمويه والجهل ولاوعي،تحول كل شيء،وانقلب السحر،وتغيرت المعطيات سريعاً،فأصبح يتغنى العرب بمقولة “رب يوماً بكيت منه فلما صرت بغيره بكيت عليه”.
متابعة قراءة متفائل
اجتزنا الاختبار ولكن؟
دعونا نعترف اولاً اجتزنا الاختبار دون مذاكره…
حين سمعت بالفاجعة، ورأيت الصور الأولية للجريمة «الخائبة»، كان شعور القلق هو الطاغي، وبدأت الشكوك تتساقط على رأسي، فهل ستنتقل الطائفية من قنوات الفتن ومواقع التواصل، ومنابر التكريه الى الميدان؟وظننت انه البلد على مرمى حجر من ذلك.
المناخ العام في الكويت، والوضع الاقليمي، من خلالهما تبلور القلق والتشاؤم في وجداني، ولكن سرعان ما تبدد كل شيء، زال القلق والتشاؤم، مع رؤية القيادة السياسية في موقع الحدث بدقائق، والصور التي وصلت من بنك الدم، منظر المتبرعين من جميع اطياف المجتمع وفئاته، نار الفتنه لم تشتعل حتى تطفئ، رموز التطرف الديني يسيرون في طريق، والقيادة والشعب الذي اثبت تلاحمه في آخر.
***
مر الاسبوع الاول للجريمة النكراء، والآن علينا اعادت حساباتنا من جديد، ضربة هيروشيما وناكازاكي كانت مخرجاً لليابانيون، لتصحيح المسار الذي حول اليابان بعد ١٥ سنة من بلد مُدمر، الى امة وقف العالم اجلالً لها، التفكير بالمؤامرة ، والانتقام لم يكن له وجود ولا اساس عند اليابانيون، ولكن التعلم من الاخطاء ماقبل الحرب وتصحيحها كان هو المخرج.
درس الغزو لم نخرج منه باستفاده، فهل دروس هذه الجريمة انطلاقة جديدة، ام هو «قطو وطقيناه»، فالارهاب الاسود هو ثعبان خبيث يدخل حجره ويخرج لفظ سمومه ثم يعود لجحره مجدداً، ومعالجته لم ولن تكون امنية فقط، ولكن على اصعدة مختلفة تبدأ، بترسيخ قيم التسامح، وتجفيف منابع الارهاب، وإحلال مفهوم التعايش بين الافراد.
بالأخير، نسأل الله بالرحمة والمغفرة، لكوكبة اسماء جديدة تسطع من شهداء الوطن.