كتاب لا غنى للمكتبة عنه، أصدره د.خليفة الوقيان وأسماه «الثقافة في الكويت»، تناول فيه عبر 350 صــفحة و4 فصول عوامل ومظاهر الاهتمام المبكر بالثقافة والاتجاهات الفكرية والريادات الابداعية في الكويت منذ ايامها الاولى.
ومما اظهره د.الوقيان ان الكويت لم تكن كما يشيع البعض عنها جاهلة لا علم فيها وجائعة مدقعة الفقر قبل اكتشاف النفط، بل على العكس، فنشأتها الاولى تمت على يد ميسورين ممن يمتلكون زمام الثقافة والادب والاهتمام بالعلوم من القاطنين في جزيرة العرب وامارات الخليج الممتدة على ساحليه الشرقي والغربي.
ويدلل على ثرائها المبكر غزو الشاه طهماز لها عام 1742، مما يظهر ان فيها ما يغري الطامعين، كما اشتهر الاقتصاد الكويتي النشط باعتماده على الصناعة المتقدمة للسفن والزراعة والتجارة مع دول الجوار وآسيا وافريقيا، كما اشار الباحث الى تقارير الرحالة والزوار والكتاب الاجانب التي كشفت عن طبيعة الحياة اليومية للسكان وانهم اهل مدنية وسلوك متحضر.
كما يفصح الكتاب عن بعثات علمية وتجارية مبكرة من الكويت لمصر والعراق والشام، بل وحتى اوروبا واميركا، عمر البعض منها مئات السنين تقابلها زيارات لعلماء وادباء ورحالة عرب واجانب للكويت، حيث استقر البعض منهم فيها لأزمان طويلة، كما نسخت فيها الكتب والمخطوطات، ومنها موطأ الامام مالك الذي خط في فيلكا على يد مسيعيد بن سالم عام 1682.
وكان الوضع السياسي في الكويت متقدما جدا منذ يوم نشأتها الاول، حيث تم فصل الحكم (السلطة التنفيذية) عن القضاة (السلطة القضائية)، وكانت الشورى والديموقراطية قائمتين على احسن ما يكون في علاقة الحاكم والمحكوم، حتى سمى اكثر من رحالة وزائر الكويت بـ «جمهورية الكويت» إبعادا لها عن سياسة الطغيان القائمة حينها في ممالك الشرق والغرب، مما خلق ارضية صالحة لاصدار دستور مبكر لها في عام 1921 مؤهل رغم بساطته لأن يكون احد اوائل الدساتير العربية المعاصرة.
وقد اهدانا كذلك د.عادل العبدالمغني نسخة من اصداره الجديد حول الكتب والمطبوعات النادرة الموجودة في مكتبته العامرة، وتأتي ضمنها مجموعة من المخطوطات النادرة كمخطوط الملا مرشد، كما اهدتنا ابان زيارتنا لرابطة الادباء الزميلة منى الشافعي كتابها الشائق «للكتابة لون آخر»، فلهم الشكر جميعا.