تقول عمشة بنت مطلق، التي تعمل ممرضة في المستشفى الأميري، إنها دونت أمنيات بعض كبار السن الذين قامت بالإشراف على علاجهم أثناء تواجدهم في المستشفى، والذين تحسروا على انقضاء سنين العمر من دون تحقيقها، ومنها:
الأول.. تمنى لو انه استغل شبابه في عمل الخير ومساعدة المحتاجين والتطوع في الأعمال الخيرية التي تتيحها اليوم اللجان الخيرية المنتشرة في البلاد، حيث انه من جيل الثلاثينات، ولم يكن المجال متاحا كما هو اليوم، حيث كان البحث عن الرزق همّ الناس في ذلك الوقت.
الثاني.. تمنى لو انه استغل صحته وعافيته في طاعة الله والإكثار من الحج والعمرة والصلاة مع المسلمين في المساجد بدلا من الشعور بالكسل واهمال الجماعة وعدم دخول المسجد الا يوم الجمعة.
والثالث.. تمنى لو انه استغل الفراغ الكبير الذي كان يعانيه في قراءة الكتب الدينية ومعرفة أحكام الدين في شؤون الحياة بدلا من الاستماع الى آراء آثار الحكيم في الحجاب وفتاوى «الدين يسر ما هو عسر» التي ضللت الناس وجعلت الدين مائعا كميوعة اللبن الخاثر!
أما الرابع فتمنى لو انه استغل الوفرة المالية التي كانت متوافرة لديه قبل سنوات عدة قبل ان يخسرها في اللهو ويضيعها في العبث، وتمنى لو انه تصدق على الفقراء وطهرها بالزكاة ودعم بها المشاريع الإسلامية التي تنفذها الجمعيات الإسلامية الكويتية في مناطق فقراء المسلمين، يقول لو فعلت ذلك لوجدت كل ما أنفقت في ميزاني غدا عندما ألقى الله عز وجل عاريا، لكنني الآن لا أملك شيئا وقد اكتوي بتلك الأموال التي بعثرتها.
ويقول الخامس: أتمنى لو يمد الله في عمري لأصحح مسيرتي، فقد كنت أصدق ما يقولونه عن الجماعات الإسلامية من انهم يرتبطون بتنظيمات خارجية ويتم تمويلهم من هناك، وكنت أقرأ لكتاب كل همهم تشويه عمل الخير وتضليل الناس بكتاباتهم عن مسيرة المتدينين، حتى انني سرت معهم في النهج نفسه، وجاءهم من اذاي ما جاءهم، وساهمت في تشويه صورتهم مع انني كنت أعلم انهم غير ذلك، لكنه الحقد الذي أعمى البصر والبصيرة.
عزيزي القارئ، هذه أمنيات كهول وشيبان لم يتبق لهم من العمر الا القليل، اذا اراد الله، ان لم يكن معظمهم غادرنا الى لقاء ربه ليقف بين يديه متجردا من كل الأسلحة الا ما قدم «وان ليس للإنسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى». وقال صلى الله عليه وسلم «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل مماتك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك».
فهل من عاقل يتدارك الأمر اليوم قبل فوات الأوان «ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين» صدق الله العظيم.