اكتساح الاسلاميين للانتخابات في أرجاء الأرض جاء كنتيجة طبيعية للظروف التي مرت بها الدول المقام فيها مثل هذه الانتخابات. فقد كشفت العقود الماضية فساد الفكر العلماني وزيفه، وعدم واقعية المفهوم اليساري، كما عرّت حقيقة الشعار القومي المتجرد! ناهيك عن ان الناس أرادوا مكافأة الفكر الاسلامي، الذي مع معاناته الطويلة من ظلم وبطش الأنظمة القمعية التي كانت تحكم تلك الشعوب، فإنه كان قريباً من الناس ومن معاناتهم وحاجاتهم، مما يؤكد صفاء معدنه وسموّ هدفه.
هذا مختصر مفيد لما يجري في مناطق الربيع العربي، ولم أكتشف على المستوى الشخصي ضحالة الفكر العلماني الخليجي أو خبثه أحياناً إلا عندما قرأت مقالات لبعض أو قل معظم رموزهم تعليقا على ما يحدث في تلك الديار، فقد استشاطوا غضبا وانفجروا حقدا على نتائج الانتخابات، وأراد الله عز وجل ان يظهر لنا كيف ان دعواهم وشعاراتهم للدفاع عن الحريات ما هي إلا بالونات هواء فارغة من أي رصيد واقعي! حتى ولو كان بعضهم يحمل الدفاع عن حقوق الإنسان في الكويت!
***
من أظرف ما سمعت من تعليقات الاخوان المسلمين على اتهامات خصومهم لهم، عندما قال أحد هؤلاء الخصوم انهم ـــ أي الاخوان ـــ استغلوا الدين لترويج أفكارهم! فهم يقدمون كسوة العيد للأسر المحتاجة وافطار الصائم للفقراء، ويديرون لجاناً خيرية من أموال المحسنين.. إلخ، فقال الاخ ردا عليهم: وغيرنا يروج أفكاره بنشر المخدرات والخمور والترغيب بممارسة المحرمات، واستغلال المرأة في جذب الأصوات! فكل له بضاعته، والمواطن يختار من يشاء!
***
ومن أسخف ما سمعت من شبهات العلمانيين، تعليقا على تلك النتائج، ان الاخوان سيهدمون الديموقراطية اذا وصلوا للحكم، وسيمنعون الكثير مما هو مسموح به اليوم مما سيؤثر في اقتصاد البلاد، وكأن اقتصاد مصر غير مدين بآلاف الملايين من الدولارات للدول الأجنبية، وكأن مصر غير مرهونة للمساعدات والهبات الخارجية بسبب السياسة المالية والاقتصادية الفاشلة!
ونقول لهؤلاء.. الحكم بعد المداولة.. هذا ليس عذراً لرفض نتائج الديموقراطية، التي يجب ان نتقبلها بحلوها ومرها، بالضبط كما كان الآخرون يتقبلون النتائج في سالف الأيام! الاخوان يدركون جيداً ان ظهرهم مكشوف، وان من أوصلهم اليوم للحكم قادر على ان يزيحهم منه غداً.
***
عندما كشفت القبس قضية الايداعات المليونية، لم نكن نتوقع ان الأمر بهذه الجدية وهذا الحجم، الى ان اصدرت النيابة قرارها بالافراج المؤقت عن هؤلاء المشتبه بهم بكفالة خمسة آلاف دينار، مما قد يؤكد تورطهم! لذلك نتمنى من المواطن الذي سيدلي بصوته غداً ان يختار من يظن انه سيمثله تمثيلاً حقيقياً، ويفتخر في المقبل من الأيام بانه اختار هذا النائب الحر النزيه، وليحذر ان يختار من يبيعه للشهوة والمصلحة بعد ان باع البلد والشرف!