لو كانت الكويت امرأة، فلا أظن أحدا سيخطر على بالها، غير سمو الرئيس، وهي تستمع الى الأغنية: «انتي باغية واحد.. يكون دمه بارد.. ساكت دايما جامد.. تغلطي ما يدوش»! من ناحية «ما يدوش».. فسموّه أبدا «ما يدوش».
قبل ثلاثة شهور تقريبا، شن رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، هجوما عنيفا، وبشكل غير مسبوق، على مغرد مغمور تكلم عن «تسريبات» قد تطال رؤوسا كبيرة. وشدد الغانم بأن هذا المغرد «طلع يملك صحيفة سوابق بحيث لم تبق سرقة.. ولم تبق مخدرات.. ولم يبق هتك عرض.. ولم تبق جريمة لم يرتكبها»! وبالتأكيد، فحتى لو كان المغرد يملك صحيفة سوابق، فلن تكون بالمبالغات التي وصفها، بو علي أثناء انفعاله! ويكمل بو علي حديثه عن «تسريبات» المغرد، فيقول: «المعلومات التي أملكها بحكم منصبي، لا أملك الافصاح عنها، والأطراف المعنية هي التي يجب ان تفصح عنها بعد استكمال الاجراءات.. لكن التزوير.. والدبلجة.. والفوتوشوب، يمكن استخدامها لخدمة البلد، بدلا لتكريس العداوات، لأن كل طرف سيأتي لينتقم من الطرف الآخر».
ما يعني ان «المقاطع» التي كان الشيخ أحمد الفهد قد طلب تسليمها لسمو رئيس الوزراء، بهدوء وبعيدا عن وسائل الاعلام، لم تكن، في نظر الغانم، سوى «تزوير.. ودبلجة.. وفوتوشوب».
وأضاف الغانم: «حسب معلوماتي الشخصية، هناك بعض التحقيقات التي تجرى الآن، ونتمنى متى ما انتهت التحقيقات ان يُفصح للشعب الكويتي عما توصلت اليه».
ونحن نضيف الى ما قاله بوعلي، وحسب معلوماتنا الشخصية، بأن سمو الرئيس استعان حينها بثلاث شركات عالمية، وانتهت هذه الشركات من تقديم تقاريرها لسموه بخصوص «المقاطع».
الى ذلك الوقت، لم يكن موضوع «المقاطع» معروفا للمواطنين، ولم يتعد الأمر اشاعات ومزاعم عن «تسريبات صوتية»، لا تستند الى دليل ملموس، من ثلاثة أو أربعة مغردين.
لكن علامات الاستفهام ارتفعت فجأة مع بلاغ قدمه الرئيس السابق جاسم الخرافي.. وكان من الممكن ان يمر البلاغ دون «شوشرة»، لو تعلق الأمر بمغردين حاولوا الاساءة لسمعته وسمعة سمو الشيخ ناصر المحمد، الا ان الخرافي أصر على الاشارة في دعواه الى الشيخ أحمد الفهد.
وكما هو معروف عن بو عبدالمحسن بأنه دقيق، بحكم منصبه السابق، في اختيار ألفاظه بأقصى درجات الدبلوماسية، الا ان صحيفة الدعوى تجاهلت ان تصف الفهد بأنه نائب رئيس مجلس وزراء سابق، أو على الأقل وزير سابق، واختارت، بدلا من ذلك، ان تلصق به صفة «رئيس جهاز الأمن الوطني السابق».. لأسباب لا تخفى عن كل ذي فهم.
بلاغ الخرافي، في رأينا، كان «غلطة»، وغلطة الشاطر.. بألف! فبينما حاول الفهد حصر الموضوع عند صاحب السمو أمير البلاد، وسمو رئيس مجلس الوزراء، ريثما يتم التأكد من صحة محتوى «المقاطع».. أراد الطرف الآخر الاستعجال بجر المعركة الى ساحة النائب العام، ربما أملا في «حفظ القضية».. فكانت النتيجة ان أصبحت القضية في ساحة.. الشعب! ولعل الصفعة الأولى جاءت من بيان الديوان الأميري الذي لم يشر، لا من قريب ولا من بعيد، الى ان المقاطع «مفبركة»، ما أثار حالة من الاستياء لدى بعض المتورطين الذين كانوا يتوقعون صدور البيان بصيغة مغايرة.
الصفعة الثانية جاءت بعدم صدور أي اشارة من رئاسة الوزراء بشأن التحقيقات حول هذه المقاطع، وقد كانت أمنية البعض ان يتحدث رئيس الوزراء عن «الشريط الثاني».. وليس «الشريط الأول».
فالشريط الثاني تم فيه عزل الصوت وازالة «التشويش» واعادة الصوت للصورة مرة أخرى.. ما يمكن الادعاء معه بأنه «فبركة».. أو كما قال بوعلي: «تزوير.. ودبلجة.. وفوتوشوب»!.
لكن الشريط الأول، والذي لم يجر عليه أي تعديل، بما في ذلك عزل «التشويش»، هو الشريط الذي لا يستطيع أحد انكار صحته.. بشهادة الشركات المختصة.
البلد يغلي، والاشاعات تعصف به، وسمعة «رجالات دولة» على المحك، ومجلس بو علي مجمّد – حتى اشعار آخر-، ويؤجل اقرار الاتفاقية الامنية ويؤجل رفض علاوة الاولاد ويؤجل.. ويؤجل.. خوفا من المحرقة السياسية بسبب هذا الوضع.
كل ذلك يحدث، وسمو الرئيس «يا جبل ما يهزك ريح»!.. التقارير بحوزة سموه، وبيده ان يطوي هذا الملف متى شاء، ويريح البلاد والعباد، فاما ان يكشف عن شبهة ادانة.. أو قرار براءة.
أما الاستمرار بـ«اللعب على الحبلين»، واسماع ذاك الطرف ما يرغب بسماعه، وتحذير هذا الطرف، بأسلوب أبوي حنون ومتعاطف، بأن «خصومك أقوياء».. ثم التصريح للشعب الكويتي بأن: «الستر زين.. والأمور زينة!»، فان كل ذلك لن يجدي سموه، والذي قد يجد نفسه يوما في مواجهة الكويت وهي تغني له: «منليقش ليك ماتليق ليا، بزاف عليك.. وصعيب تلعب بيا»!