أن تبدأ متأخراً خير من ألا تبدأ، هذا هو تعليقي الأساسي على التغيير الحكومي في إدارة أحد الملفات الساخنة في البلد، وهو الملف المالي/ الاقتصادي.
فالمؤتمر الصحافي الذي عقده ثلاثة وزراء بصورة لافتة هم: نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية د. عبدالمحسن المدعج ووزير للمالية السيد أنس الصالح ووزير النفط د. علي العمير، للحديث عن خطوات تصحيحية في المسار المالي والاقتصادي للبلد، وبيان التوجهات الحكومية النابعة من المسؤوليات المنوطة بها، خطوة جريئة طالبنا أن تقوم الحكومة باتخاذها ومواجهة الناس والإعلام ومجلس الأمة بمثل هذه المؤتمرات الصحافية، التي ينبغي عقدها بصورة مستمرة ليتحدث الوزراء عن توجهاتهم ومواجهتهم للأزمات والمسائل العامة بالقرارات الحاسمة بكل شفافية، وليس بالتهرب من المسؤولية، فقرارات رفع أسعار الكيروسين والديزل وبرمجة دعم البنزين للمواطنين، وفرض الضرائب على أرباح الشركات ورفع أسعار الكهرباء على قطاعات محددة، جميعها قرارات شجاعة وإن جاءت متأخرة، بل قد يكون بعضها فيه قصور حيث لم تحدد الأسعار للجهات المرتبطة بالزيادة أو لم يدرس كفاية، ومع ذلك أن تكون هناك قرارات خاطئة يمكن تعديلها خير من تسويفها.
هناك العديد من الملفات التي تنتظر قرارات حاسمة وقد أخرتها الحكومة طويلا، فالإسكان يتفاقم لعدم كسر احتكار أراض سكنية من دون بنائها، وكذلك إلزام السكن في البيوت المهجورة أو هدمها، ولا بد أن يصدر قرار بإلزام بنائها أو هدمها خلال 3 سنوات، وتسري بقية المدة على المالك الجديد (46 ألف قسيمة+ 24 ألف بيت)، وإلا فرض ضريبة سنوية %10 تصاعديا، بناء بنايات للسكن في المناطق السكنية، إسناد مشاريع بناء السكن لكل الشركات القادرة على بناء 75 ألف وحدة خلال 3 سنوات، لنرى أثر هذه القرارات المؤجلة. إلزام القطاع الخاص بنسبة العمالة الوطنية بشكل فعال، فتح جامعة الكويت المسائية، تحويل المستوصفات لمستشفيات مجتمعية.
***
من يتابع مكونات التيار الليبرالي في العالم العربي بشكل عام، وفي الكويت خصوصا، تستوقفه ملاحظة جديرة بالإشارة إليها، وهي أن التيار الشيعي حريص على أن يكون ضمن مكونات التيار الليبرالي، ليس قناعة من معظمهم بهذا التيار، بقدر حرصهم أن يتم تطعيم هذا التيار بمزيد من الطروحات التي تسعى لمهاجمة بعض المحافظين في التيار السني، وقصر الأوصاف التي ينعت بها عليه دون المتشددين من الشيعة.. ومن يتفحص حركة القوميين العرب يدرك هذه الحقيقة تماما مثل من يدقق بالحزب الشيوعي العراقي، بل وحزب البعث العراقي والسوري، ومن يتابع التيار الليبرالي المتشعب في لبنان يستوقفه ذلك أيضاً، ولا غرابة أن نجد هذه المنهجية موجودة في التيار الليبرالي البحريني، وكذلك بالتيارات الليبرالية في الكويت، ولعل قراءة أدبيات وكتابات بعض هذه الشخصيات لا يكون بحاجة لأية أدلة للوصول لهذه النتيجة، ولذا لابد من هذه الإشارة الجديرة بالذكر، وأتمنى ألا تغير القبس كلمة في مقالي لأنه معبر عن قناعتي ولا أن تحجر عليه.