أبوغازي يعرفه الكثيرون كأحد التجار الوطنيين الذين ساهموا في تأسيس المشاريع الاقتصادية في القطاع الخاص مثل بنك الكويت الوطني، وشركة الناقلات، والخطوط الجوية الكويتية وغيرها، وذلك للتحرر من تحكم السلطة في الأموال النفطية الرسمية، وبالتالي تحكم النظام في رقاب العباد.
فإذا كان نشاطه كتاجر معروفاً فإن دوره في العمل الوطني يجهله الكثيرون.
لقد لعب -رحمه الله- دوراً مميزاً منذ بداية الخمسينيات لا يقل بحال من الأحوال عن دور غيره من التجار الوطنيين. وهو من قلة حاربهم النظام بشراسة في أرزاقهم.
لقد كان يبيع مواد البناء المدخرة مما وفر له حياة كريمة، إلا أنه بعد تعيين الجنرال الإنكليزي هستر مستشاراً لإدارة الأشغال العامة أنيط بهذه الإدارة تولي مهمة القيام ببناء البنية التحتية للدولة من طرق ومستشفيات ومدارس وبناء بيوت لذوي الدخل المتوسط والمحدود… إلخ.
الجنرال هستر أتى بخمس شركات بريطانية للقيام بهذه المهمة، وكان يرأس إدارة الأشغال فرد من الأسرة الحاكمة معروف بشراسة عدائه للعمل الوطني، ففرض على الإدارة عدم التعامل مع التجار الوطنيين وعلى رأسهم بدر السالم. علمت بذلك عندما كنا نتحدث عن المشاكل المالية التي يعانيها العمل الوطني، فقال “ما رأيكم لو استأجرتم دكاناً صغيراً لبيع مواد البناء أزودكم أنتم بها، مما يساعد في تخفيف أعبائكم المالية ويتيح لي تصريف البعض من بضائعي المكدسة؟”.
لقد كان في منتهى السخاء في دعم العمل الوطني طوال معرفتي به، ولم يكتف بالتبرع بل كان يجمع لنا التبرعات من معارفه أيضاً بالتعاون مع المرحوم دخيل الجسار “أبوعبدالله” رحمه الله.
كان اتحاد الأندية الكويتية يجمع التبرعات في المناسبات القومية كدعم ثورة الجزائر وبناء بورسعيد بعد العدوان الثلاثي، مما جعل الكويت رائدة في هذا المجال، وكان ذلك مفخرة لنا جميعاً.
النظام لم يكن راضياً عن هذا الدور فأصدر قراراً بمنع هذا النشاط، وحتى يتفادى تداعيات هذا الإجراء شكَّل لجنة خاصة برئاسته أناط بها العمل منفردة، وطعّم هذه اللجنة بشخصيات معروفة بنزاهتها ووطنيتها ويكن لها الجميع الاحترام. فقامت بواجبها خير قيام، فكان الأعضاء عندما يدعون للتبرع يبادرون هم أنفسهم بالتبرع قبل أن يطلبوا من الغير التبرع. لكن بعد تحالف النظام مع الأحزاب الدينية سمح النظام لهذه المجموعات بجمع التبرعات دون مراقبة وحتى بدون إخطار اللجنة الشعبية لجمع التبرعات أو حتى التنسيق معها في هذا المجال، وهكذا تم شل عمل اللجنة فاكتفت بتبرع أعضائها واستثمرت ما عندها من أموال في مجالات مضمونة تدر أرباحاً تساعدها على الاستمرار في عملها، وأنجزت مشاريع خيرية عديدة في دول عربية كثيرة، ولعل في هذا جواباً للمتابعين لهذا النشاط عندما يسافر أحد أعضائها لترؤس الاحتفال لتدشين هذه المشاريع أو افتتاحها عند إنجازها مثل المرحوم جاسم الصقر أو عبدالعزيز الشايع أطال الله في عمره وجزاه خيراً، وها هو يجند معظم جهده لاستمرار هذا العطاء المميز.
لقد غادرنا بوغازي بصمت ولم يطلب جزاء ولا شكوراً، فرأيت من واجبي أن أقدم شهادتي الشخصية لما عرفته عنه.
يا بدر السالم “أبوغازي” ستظل دائماً في ذاكرتنا نسترشد بك وأمثالك في حبنا وإخلاصنا لوطننا العزيز.