اكمل اليوم الحديث عن مقاطع من كتاب وضعه الشيخ عائض القرني عن المرأة المسلمة، حيث يقول: إن المسلمة متفضلة، فعلى من تتفضل من جيرانها في مجتمعها، إن كانوا جميعا بنفس غناها أو أكثر بكثير؟ وما الذي بإمكان المعدمة فعله، إن لم يكن لديها ما تتفضل به، أو يكون هناك من يتفضل عليها، وهو حال غالبية نساء مجتمعاتنا؟ وهل فكر الشيخ في مقارنة أحوال هؤلاء بأحوال الغربية بدلا من التركيز والمقارنة على السعودية مثلا؟ وهل حقيقة جميع السعوديات مرفهات قانعات متفضلات؟ وماذا عن ضحايا حروب الصومال ومعارك مسلمي غرب السودان وجنوبه وباكستان وجحيمها وأفغانستان ومآسيها، وهل بينهن تنافس على تفضل بعضهن على بعض لنيل أكبر الثواب مثلا؟
ثم تساءلت زوجته عن حقيقة ما ذكره عن سخافة عقل المرأة الغربية ورخص ثمنها، وتذكرت عدد المرات التي تدخلت فيها أساطيل بحرية وجيوش لإنقاذ امرأة غربية وإجلائها من مناطق الخطر والكوارث والاهتمام بها وبصحتها العقلية والجسدية! فإذا كان هذا هو حالهن وهن بمثل هذا الرخص، فما الذي كانت ستفعله لهن حكوماتهن لو كن «ثمينات وسمينات» مثلنا؟ وكيف نجحت من تتصف بكل سخافة العقل التي يصفها بها في الوصول الى كل تلك المناصب السياسية والاقتصادية العالية والتي عجز الرجال عن بلوغها كميركل وقبلها تاتشر والعشرات من المبدعات، كل في مجالها، ولماذا نُجلّهن ونحترمهن عندما يقمن بزيارة بلداننا إن كن بكل تلك الوضاعة وسخف الرأي والمقام؟ أما أنها جاهلة، مقارنة بالمسلمة، انه وصف غريب حقا فهل نسينا متى «سمح» للمرأة في بلادنا بالتعلم، وكيف أن نظام طالبان الذي هو نتاج شيوخ دين من أمثال القرني وغيره يحرم تعليم الفتاة بأي شكل من الأشكال وقام بتفجير كافة مدارس البنات في المناطق التي يسيطر عليها سواء في أفغانستان أو باكستان، فكيف تكون الطبيبة والعالمة والمخترعة الغربية جاهلة وتكون المسلمة عكس ذلك، ونحن أدرى بأوضاع نسائنا، وعلى من يريد السيد القرني الضحك؟
أما قوله ان الغربيات بلا شرف فلا تعليق، لأن الأمر يمس عشرات آلاف الزيجات المختلطة التي تعتبر خير شاهد على سطحية هذه الأحكام الشوفينية التي لا ترى القذى والقذارة إلا في أعين الغير، كما أن الأمر يحتاج الى تقديم دليل، فالبينة على من ادعى، فالمصادر الأمنية في الدول الأوروبية والغربية عموما تنشر سنويا أرقاما إحصائية قريبة للواقع عن عدد حالات الاغتصاب وزنى المحارم ومختلف الجرائم الجنسية الأخرى التي تقع فيها، إضافة للأمور الخطيرة الأخرى، ولهذا لا نتردد في وصف مجتمعاتهم بالانحلال وبأنهم بلا شرف ولا خلق، ولكن هل نمتلك الشجاعة على نشر مثل هذه الأرقام عما يقع في دولنا من جرائم جنسية، وبالذات زنى المحارم والاغتصاب؟ وهل غياب مثل هذه الأرقام يجعل من مجتمعاتنا أطهر وأنظف خلقيا؟ وكيف يكون للمرأة شرف وهي تباع لمن يكبرها سنا بخمسين عاما مقابل تيسين وبقرة؟
وأخيرا إذا كانت نساء الغرب بلا شرف ولا ديانة فكيف وصلن لكل ذلك التطور الصناعي والتقدم الفكري، في الوقت الذي ينتشر فيه الجهل والأمية بين نساء أكثر دولنا غنى وثراء، وكيف تصنع نساؤهم كل شيء وتشتري نساؤنا كل شيء؟ وهل الرغبة العارمة عند أكثر من %80 من نساء بلداننا للهجرة للغرب مرده الى رغبتهن في نشر الشرف بين النساء الغربيات مثلا، بعد أن فاض الشرف الرفيع عندنا وملأ خياشيمنا، أم لأمور أبعد ما تكون عن ذلك؟
أحمد الصراف
[email protected]