يسود المجتمع شعور بالإحباط واليأس، بسبب فقدان العدالة للحصول على وظائف في المراكز القيادية بالدولة، إذ أصبح بعض هذه الوظائف حكراً على قوى الفساد وحرامية المال العام، التي أحكمت قبضتها على مفاصل الدولة المهمة، وأوصلتنا إلى ما نحن فيه من تخلف جعلنا في حال تندر، بعد أن كنا منارة للمنطقة، إلا أن ما رأيناه أخيراً من لجوء كثيرين إلى المحكمة الإدارية لانتزاع حقوقهم يبشر بالخير، فقد وجد الناس ملاذاً لهم من الظلم والاضطهاد والتعسف الذي عانوه سنين عديدة، وها هو القضاء يبرهن على أنه الملاذ الأخير لكل مظلوم.
حصار
قوى الشر انتبهت لهذا الاختراق، لذلك نراها تحاول جاهدة تطويق هذا الخط على مصالحها، فضربت حصاراً على المحكمة الإدارية لشل عملها، فحجبت عنها التمويل اللازم للتطور لاستقبال الأعداد الهائلة من المتضررين من توفير الأماكن أو المرتبات المطلوبة للقيام بواجبها، وهذا غير مستغرب، فقوى الفساد هي نفسها التي رفضت تشكيل المحكمة الإدارية، التي نص عليها الدستور في المادة (169)، ولم تظهر إلا بعد عدة محاولات مضنية من مجالس الأمة، وكان إصرار مجلس 1985 على إقرارها سبباً من بين أسباب أخرى في حله، مع أن النظام نجح في تغييرها بعض الشيء.
وحتى المحكمة الدستورية عانت مشكلة مماثلة، لأن النظام العشائري السلطوي يصر على رفض أي سلطة أخرى، على عكس النظام الديمقراطي الذي لا يعيش من دون مشاركة فعلية في اتخاذ القرارات.
قضايا مكدسة… وتهديد بالفشل
بارقة الأمل هذه، التي توفرها المحكمة الإدارية، مهددة بالفشل بعد أن تكدست القضايا وأصبحت أكبر من حجم هذه المحكمة، فحتى النطق بالأحكام صار يتأجل عدة أشهر لطول الطابور، بل إن المزعج أن المحكمة أصبحت غير قادرة على استقبال قضايا جديدة كما يذكر بعض المحامين.
علينا أن نعمل جميعاً لحماية بارقة الأمل من تآمر قوى الظلام والفساد عليها، وهذا من أهم مهمات المجتمع المدني، وكذلك القوى الخيرة في هذا المجلس لدعم المحكمة الإدارية، وإعطاء السلطة القضائية استقلالها الكامل، فمن دونها لا توجد ديمقراطية ولا يحزنون.