اعتدنا مع رحيل كل سنة أن يسأل الناس عن التوقعات للسنة الجديدة، إلا أن السنوات- بالذات- المتقاربة لا تختلف كثيراً عن بعضها، بل من الأفضل التعامل مع حقب زمنية، لنستطيع الحكم على الأشياء والتواريخ.
فهل كانت سنة 2014 جيدة أم سيئة؟
على أي حال لا يوجد سنة كاملة السوء أو كاملة الانفراج، فهي عادة ما تكون مختلطة، وربما تزيد نسبة على نسبة، وهكذا وجدنا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يرى أن 2015 ستكون سنة استثنائية للعالم، إذ سيتم الاحتفال بمرور 70 سنة على إنشاء الأمم المتحدة، التي جاءت نتاجاً لفشل “عصبة الأمم” في منع حرب عالمية، وتكررت حرب عالمية، كان ضحاياهما نحو 70 مليون إنسان، وظهرت مصطلحات قاسية كالإبادة الجماعية مثلاً.
بان كي مون يرى أن الأمور تسير نحو الأحسن، ويثبت أنه خلال الـ20 سنة الماضية حدث الكثير من التقدم، حيث تمت حماية ما يزيد على 303 ملايين إنسان من الملاريا، وانتشال ما يزيد على 700 مليون إنسان من الفقر المدقع.
كما تقدم “مون” هذا الشهر بخطته “الطريق إلى الكرامة بحلول 2030″، ويرى أن الحل هو بـ”الاستدامة” التي تعني الرخاء وحماية البيئة، فالعالم المستدام هو عالم يتخلص فيه الناس من الفقر، ويحصلون فيه على عمل محترم دون إيذاء البيئة، ويكون الناس فيه أصحاء ويحصلون على كفايتهم من الطعام والماء، ومن الطاقة النظيفة التي لا تؤدي إلى التغير المناخي، عالم تحصل فيه النساء كبيرات وصغيرات على حقوق وفرص متساوية مع غيرهن.
ويبشِّر “مون” بأن خطته لتحقيق الاستدامة ستبدأ بثلاثة اجتماعات دولية، الأول في يوليو بأديس أبابا حول تمويل التنمية، والثاني مؤتمر قمة في نيويورك، ليتبنى قادة العالم أجندة جديدة للتنمية لوضع الخطوط العريضة إلى 2030، وأخيراً في ديسمبر اجتماع دولي آخر حول التغيير المناخي.
بالطبع ليس لنا إلا أن نتمنى أن تحل الاستدامة المرسومة على ملامح بان كي مون محل الفقر والتمييز والعنصرية والكراهية والقتل على الهوية، السائدة في منطقتنا، وهيمنة الدول القوية على مقدرات العالم.
في منطقتنا يعاني ما يزيد على 900 ألف نازح عراقي من التشرد والجوع والبرد، بسبب الصراع والنزاع المسلح، أما في سورية فبها وحواليها أكبر مأساة إنسانية بالتاريخ، حيث قارب عدد النازحين واللاجئين الـ10 ملايين إنسان، أما فلسطين فقد صارت حديثاً منسياً.
هي الاستدامة إذا، من يدري؟ لعل وعسى.