لم يقم حسن البنا عام 1928 بتأسيس حركة الإخوان لتكون ناديا رياضيا ولا جمعية خيرية، بل أرادها حزبا سياسيا يهدف للوصول للسلطة، كأي حزب آخر! وقد يبدو الأمر مشروعا، ولكن عندما نعلم أن ما يرمون اليه هو تأسيس نظام خلافة دينية لا تختلف عن أي دكتاتورية أخرى، بل تزيد عليها باستعدادها لاستخدام العقيدة الدينية في التسلط على الآخرين والبقاء في السلطة إلى الأبد، يصبح الأمر مرعبا، لأن الخروج عليهم كبشر سيفسر وكأنه خروج على طاعة الله، هذا غير ما يكتنف الأمر من ضبابية ستسمح لهم مستقبلا باستخدامها للتشبث بالحكم إلى الأبد! وهذا ما سيفعله السلف، إن وصلوا للحكم، وهذا ما فعله الملالي في إيران، قبل ثلاثين عاما، ولا يزالون. وقد سبق أن حذر عبدالناصر من الإخوان، وحاول القضاء عليهم، وحذر السادات منهم، مع أنه أخرجهم من السجن ليغتالوه بعدها. كما حذر منهم بورقيبة وولي عهد السعودية الراحل نايف بن عبدالعزيز، وصدرت آخر صيحات التحذير من عبدالله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، بعد اكتشاف سلطات بلاده خلايا إخوانية تهدف لزعزعة استقرار دولته، وربما الاستيلاء على الحكم فيها! وقد جاءت ردة فعل الشيخ عبدالله القوية بعد شكوكه فيهم، اثر رفضهم الكشف عن مصادر أموالهم أو وضعها تحت الرقابة، عندما اجتمع بقياداتهم قبل فترة، بالرغم من قبولهم شروطه الأخرى. وقد قام أحد الزملاء بكتابة مقال في جريدة «الاتحاد»، وربما كان ذلك آخر مقال له فيها، بيّن فيه وجهة نظره في كيفية تصدي دول الخليج للدين السياسي بكل أشكاله، وكيفية تحصينها من خطر استغلال الدين لأهداف سياسية، وهنا اقترح الزميل تحرير واستعادة بيوت العبادة من الأحزاب السياسية، ومعرفة التبرعات المالية التي تجمعها التنظيمات السياسية الدينية جميعها من دون استثناء، بشقيها السني والشيعي! وقال إن معرفة المبالغ التي تجمعها هذه التنظيمات وأوجه صرفها ونسبة ما يخصص لـ«القائمين عليها» سيجفف الضرع الحلوب لتلك التنظيمات التي تجمع الأموال باسم «عمل الخير» وبشعارات دينية. وبهذا، كما يعتقد، لن تقوم لجماعات الدين السياسي قائمة! ما طرحه الزميل من حلول للجم حركة الإخوان، وتجفيف ضروع مواردها متفائل جدا! كما أنه لم يذكر ما العمل إن رفضت هذه الجهات الإفصاح عما لديها من أموال، دع عنك رفض الخضوع للرقابة؟ مع العلم بأن هذه الأحزاب الدينية جمعت المليارات طوال اربعين عاما، وقامت بتوظيفها في مشاريع مدرة عادت عليها، وعلى القائمين عليها، بأرباح مجزية، بالتالي فإن محاولة تجفيف الضرع، مع استحالته، سيكون له تأثير محدود! ما توقف الزميل عن ذكره هو مطالبة الحكومات الخليجية، وغيرها من الدول العربية، بضرورة حظر حركة الإخوان المسلمين ومصادرة اموالها، ومنع أنشطتها، بحكم القانون، وعدم تمكينها من الوصول للحكم في أي دولة، وان على الإخوان التحول لحزب سياسي ذي توجه مدني، مع كل ما يعنيه ذلك من رقابة حكومية على جميع مواردهم، وأن يعلنوا صراحة التخلي عن مبدأ الولاء والطاعة للمرشد، وبخلاف ذلك فإن تسونامي الإخوان قادم لا محالة فلديهم المال والتنظيم والفكر، ولدى معارضيهم الجهل وقلة الحيلة والسذاجة والنية الحسنة! وبين مكر هؤلاء وسذاجة اولئك ضاعت حقوقنا، او كادت!
أحمد الصراف