احمد الصراف

هارون الرشيد وحسن البنا

تفتخر الشعوب بتراثها البشري والفكري والفني والثقافي، ورموزها الوطنية بعدة طرق، ومنها إطلاق أسمائهم على الميادين والشوارع والمباني والقاعات العامة. وإن كانت الدولة أكثر حرية وتسامحا وإنسانية، فإنها لا تنسى الشخصيات العالمية التي أثرت أو اسدت للبشرية خدمات لا تنسى. وتعتمد درجة وعي أو تخلف اي أمة، على أمور كثيرة، ومنها قدرتها على التمييز بين الصالح والطالح! ومن يتجول في طرقات لندن وغيرها من المدن الأوروبية العريقة مثلا، يشاهد لوحات على بعض المباني القديمة، تبين أن في هذه الشقة أو تلك العمارة أو الفيلا عاشت شخصية معروفة من الفترة كذا إلى كذا! ولو اخذنا مصر مثالا، وهي التي اعطت العرب أكثر مبدعيهم في العصر الحديث، لوجدنا أن أغلب هؤلاء طالهم النسيان، حكوميا، وهدمت بيوتهم وتحولت الى خرابات او عمارات، وام كلثوم خير مثال، فقد نستها دولتها تقريبا، وكرمتها سلطات إسرائيل أخيرا بإطلاق اسمها على شارع مهم في القدس الشرقية، وسط احتفال رسمي وفني كبير. ولو ولينا وجهنا شطر الكويت، لوجدنا أن تسمية الشوارع والمناطق السكنية والمواقع الثقافية خضعت دائما لأهواء بعضهم، بحيث تتغير مع تغير الوزير او الحكومة، فتارة نجد حمى إطلاق أسماء رجال الدين عليها، أو قادة الدول أو شخصيات من الأسرة الحاكمة، من غير الحكام السابقين، ونادرا ما نجد تكريما خارج ذلك لشخصيات غير كويتية، بخلاف بعض ملوك ورؤساء الدول ورجال دين!
وقد قامت الحكومة أخيرا بحملة شاملة لتغيير اسماء مئات الشوارع، وإطلاق اسماء «شخصيات» كويتية(!) عليها، ولو راجعنا تاريخ كثير من هؤلاء، لما وجدنا في حياتهم شيئا يستحقون التكريم عليه، والأمثلة كثيرة. وفي حملة التغيير الأخيرة، قامت الحكومة بإطلاق اسم شخصية وطنية على شارع هارون الرشيد، وكان من الممكن الإبقاء على الاسم التاريخي، وإطلاق تسمية الشخصية الوطنية على شارع آخر، ولكن هذا ما حدث! والغريب أن هارون الرشيد بكل ما له أزيل اسمه، ولكن الحكومة «المخترعة» ابقت اسم حسن البنا، كما هو، شاهدا على مرحلة سوداء لا نزال نعيشها، فما هي الخدمات التي قدمها هذا الرجل للكويت؟ وما هي إنجازاته على المستوى العربي والإنساني؟ وهل مطلوب أن نبين سلبيات أفكاره ومواقفه، لكي يزال اسمه، وهو الذي لم يجلب لنا ولغيرنا غير الخراب؟
***
ملاحظة: طالبت الرئاسة المصرية من مواطنيها، الذين اشتهروا بالسهر، النوم مبكرا لكي يكون بإمكانهم أداء صلاة الفجر! وكنت أعتقد أو اتمنى أن يضيف إليها: لكي يقوموا مبكرا وينتجوا ويصنعوا ويزرعوا ويفيدوا انفسهم وأمتهم، فما جدوى القيام فجرا، ونحن على كل هذا التخلف، لكي نصلي، ونعود للنوم لعشر ساعات بعدها؟

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *