عندما تعطي الناس الحرية في الاختيار من دون ترهيب أو ترغيب.. فانهم يختارون الفطرة. وعندما تسمح لهم بالتعبير عن آرائهم.. فانهم يعبرون عنها بالفطرة. وعندما تطلب منهم ان يحددوا اتجاهاتهم.. فانهم يتجهون إلى الإسلام.
هذا بالضبط ما حدث في تونس أمس الأول عندما سُمح للناس أن يختاروا.. من دون قيود.. وبحرية كاملة.. فاختاروا راية الدين.. راية الإسلام.
ثمانون عاماً من فصل الدين عن الحياة اليومية.. أكثر من نصف قرن من تربية الناس على العلمانية.. أكثر من نصف قرن من تشويه صورة المسلم الملتزم بوسائل اعلام رسمية وغير رسمية.. أجيال تعاقبت ونشأت في هذه الأجواء المعادية لكل ما يمت للدين بصلة.. غيروا المناهج الإسلامية.. ألغوا مفاهيم شرعية ثابتة.. أصّلوا لعادات غربية ليس لها علاقة بالدين الإسلامي.. ومع هذا.. ومع أول فرصة للتعبير عن الرأي بحرية.. أظهر الناس المارد المختبئ في وجدانهم طوال تلك السنين من الكبت والقهر.. وأعلنوا للعالم أنهم شعب مسلم يعتز بإسلامه ويتشرف بانتمائه للدين.
فوز حزب النهضة الإسلامي في تونس هو أول الغيث.. فعندما توجد الحرية يختار الناس الفطرة.. ويعودون إلى أصالتهم.. «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه».
وما حدث بالأمس في تونس روّع خصوم الدين من أجانب وعرب.. لانهم كانوا يتوقعون ان يكون الزمن أثر على شعب تونس وغير من آرائه، خصوصاً أن تونس دولة أقرب ما تكون إلى أوروبا في انفتاحها وحضارتها وثقافتها طوال عقود مضت. ولكن السؤال الآن: هل سيستمر الغرب وأعوانهم في بلادنا في مدح التجربة الديموقراطية في تونس ام ان نجاح الاسلاميين سيعتبرونه وأداً للديموقراطية، كما حدث في الجزائر عندما اسقط الشعب حقبة من الدكتاتورية وجرت اول انتخابات حرة ونزيهة، ولكن عندما أظهرت النتائج فوز جبهة الانقاذ الاسلامية انقلب الباطل على الحق، ودعم الغرب المتحضر تدخل الجيش والغاء الانتخابات وهلل علمانيو العرب لهذا الاجراء وظهر الوجه البشع لمدعي الديموقراطية والحرية؟!
اذاً هم يريدون ديموقراطية وفقاً لمقاسهم وتتناسب مع توجهاتهم، وعذرهم ان الاسلاميين يلغون الآخر! لذلك هم ألغوا الاسلاميين! وها هي الجزائر منذ ذلك التاريخ لم نجد هذا «الآخر» ولم نسمع عنه.
أول الغيث من تونس..
ها هو رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي يعلن الشريعة الاسلامية مصدر التشريع في المرحلة المقبلة.. وهذا الاعلان لم يكن من فراغ، بل لانه يدرك ان هذا الاعلان يتفق مع ما يريده الشعب الليبي.
وها هم الاخوان المسلمون في مصر يستعدون لحصد %30 من مقاعد مجلس الشعب ليؤكدوا ما ذهبنا اليه في اول هذا المقال، من ان الشعب مع الاسلام اذا سُم.ح له بالتعبير عن رأيه بحرية، وها هم زعماء العلمانية والانظمة الليبرالية اعداء الدين يتساقطون واحدا تلو الاخر غير مأسوف عليهم وبلا رجعة باذن الله.
انهم الاخوان المسلمون..
هذا الاسم الذي تم تشويهه بوسائل الاعلام الغربي والعربي طوال نصف قرن.. وألبسوه تهما وجرائم هو منها براء.. وألصقوا به العذاريب وخوفوا الناس من الاقتراب منه! ها هو المارد يعود اليوم بقوة ليعلن للعالم «ويمكرون ويمكر الله».. «والله غالب على أمره».
وفعلا.. ما يصح.. الا الصحيح.