مبارك الدويلة

انحراف الأغلبية

الأغلبية البرلمانية اليوم كالحزب السياسي، لها اهداف محددة ولها وسائل معتمدة لتحقيق هذه الاهداف، ولكي تنجح في ذلك، لا بد ان يكون هناك حد أدنى من التعاون مع الحكومة يسهل لها الوصول الى مقاصدها. والمراقب لعمل هذه الأغلبية في بدايات هذا المجلس يلاحظ انحرافا في استخدام هذه الوسائل من خلال التلويح المستمر بالاستجوابات والتصريحات الخالية من اللباقة الصحفية!
ماذا تريد الأغلبية..؟!
يفترض ان هذا المجلس هو اقصى ما تحلم به المعارضة السياسية! اغلبية برلمانية مريحة وحكومة جديدة بنهج جديد وروحية جديدة..! والأكثر من ذلك ان البرنامج الذي أعلنت عنه – اولويات الأغلبية – متوافق الى حد كبير مع برنامج عمل الحكومة، وهذا وضع نادر جدا لا يحدث الا في الحكومات الحزبية التي تتشكل فيها الحكومة من الأغلبية البرلمانية!
اذاً، ماذا تريد الأغلبية اكثر من ذلك..؟!
المشكلة التي تواجه الأغلبية اليوم هي اعتقاد البعض فيها ان المشاكل تعالج فقط بالاستجوابات، وان الانجازات تتحقق أيضا بالاستجوابات، وهنا بيت القصيد! فالشعور بالسيطرة والقوة يعمي البصيرة احيانا في ما يسميه علماء النفس الغرور والشعور بالعظمة! لذلك، شاهدنا ظاهرة غريبة في هذا المجلس، وهي كثرة لجان التحقيق! صحيح ان فساد الحكومات السابقة جعل «الشق عود» – كما يقولون – لكن ليس لدرجة ان نعمل لجنة تحقيق في كل مشكلة تواجهنا! لنترك الحكومة تمارس دورها احيانا ثم نحاسبها ان قصرت، وكلنا يعلم ان من اسباب فشل الحكومات والمجالس السابقة التأزيم وروحية العناد التي سيطرت على أجواء العمل، بدلا من التعاون الذي دعت اليه المادة خمسون من الدستور.
لنكن صرحاء قليلا، ونقول ان الشعور بالخوف من ان ينعت النائب بالتقاعس والتخاذل هو الذي يسيطر احيانا على أجواء النقاش في اجتماعات الأغلبية، لذلك تجد الأغلبية من النواب يتسابقون لطرح السقف الاعلى من التصعيد، وقد سيطرت عليهم صورة تجمع وسائل الاعلام خارج مقر الاجتماع!
تحقيق الانجازات بالقوة قد ينجح لفترة من الوقت، لكنه نجاح لن يدوم طويلا، فسيأتي يوم تبدأ الأغلبية بالتفكك اذا استمرت في النهج نفسه، خاصة عندما «تروح السكرة وتجي الفكرة» ويطغى صوت العقل على دوافع العاطفة وينتبه الحكماء الى خطورة هذا المسلك.. مسلك أخذ الحقوق بالقوة في مجلس الامة!
اعترف بان هناك وزراء في هذه الحكومة عالة على رئيسها، وهم الوزراء الذين فرضوا على التشكيل في الساعات الثلاث الاخيرة، وهؤلاء متورطون في فساد الحكومات السابقة، وأتفهم ان يلوح بعض النواب باستجوابهم، لكن حديثي عن غير هؤلاء! فأنا اقصد الوزراء الجدد الذين لم نعطهم فرصة حتى ليتعرفوا على الموظفين في مكاتبهم!

***
• بدر السبيعي رجل عرفته منذ زمان، ذو خلق رفيع، وسمعته طيبة، وطبعا هذا لا يعني «صك براءة»، لكن يجعلنا نتحقق اكثر عندما تحوم التهم حول امثال هؤلاء المعروفين باستقامة سلوكهم! لذلك أتمنى على الاخوة النواب عدم الاستعجال في اصدار الأحكام وتشويه سمعة الناس قبل التحقق من دقة التهم.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *