فجأة.. ومن دون سابق انذار.. ركب التيار الليبرالي الموجة.. موجة ضاحي خلفان عندما حذر من صعود الإسلاميين الى الحكم في الخليج وفي الكويت بشكل خاص! تحذيرات الفريق ضاحي لم تجد لها أذناً صاغية من المسؤولين في الكويت.. كما لم تجد متابعة واهتماما من بقية الشرائح المثقفة لادراكهم حقيقة التيارات الإسلامية ومنطلقاتها وأهدافها. ولكن بالأمس فوجئنا ببعض مراكز التأثير الإعلامي ممن نظنهم من عقلاء الليبراليين يحذرون من صرخة مشابهة لصرخة خلفان، ولكن هذه المرة على منصب رئيس الوزراء! عندما طالبت بعض القوى الإسلامية بأن يكون شعبياً! مع ان البعض من الليبراليين ما صدق خبر وكأنه وجد ضالته فقال انها مقدمة للانقضاض على الحكم!
ولا أظن الجماعة سريعي النسيان.. فالمطالبة بشعبية منصب رئيس الوزراء لم تقتصر على الحركة الدستورية الإسلامية التي نعتت بـ «الإخوان المسلمين في الكويت»، كما يحلو لهم تسميتها، بل هي دعوة أطلقتها قوى سياسية عدة، إسلامية وليبرالية، في أكثر من مرة في السنوات الماضية القليلة، وأبرز الداعين إلى شعبية رئيس الوزراء النائب السابق عبدالله النيباري في أكثر من مقال، بل ان المنبر الديموقراطي في بيان له في نوفمبر 2011 دعا الى شعبية منصب رئيس الوزراء، والأكثر من ذلك ان إحدى الصحف اليومية، التي تحمل توجها ليبراليا، كتبت في افتتاحية أحد الأيام الى ضرورة ان يكون رئيس الوزراء شعبياً! ومع هذا نجد اليوم من يحمل الحركة الاسلامية في الكويت هذا «الوزر» هذا بالنسبة لما يدعيه التيار الليبرالي.. فكيف اذا قلنا ان الحركة الدستورية الاسلامية في الكويت لم ترفع هذا الشعار ولم يكن من أولوياتها وان كان متضمنا احد منشوراتها السابقة؟! كما ان هناك فرقاً بين شعبية منصب رئيس الوزراء وشعبية الوزارة وهي التي طالبنا فيها كثيراً في السابق، فالحكومة الشعبية هي حكومة منتخبة أو في أسوأ حالاتها حكومة أغلبيتها من البرلمان، وليس بالضرورة ان يكون رئيس الوزراء منتخباً، كما ان شعبية رئيس الوزراء تحتاج الى تغيير في طبيعة العمل السياسي والانتخابي، حيث يتوجب ذلك وجود احزاب سياسية وقوائم، وهذا بلا شك الوضع الطبيعي للممارسة الحقيقية للديموقراطية والنظام البرلماني.
سؤال بريء: هل هذا الطرح الجديد للتيار الليبرالي يتوافق مع أصول المبادئ التي ينادي بها؟! الغريب.. أو المفارقة العجيبة ان إحدى الصحف التي شنت حملة على التيار الديني ورغبته في السيطرة على مقاليد الأمور، في اليوم نفسه يكتب شيخ اليسار عندهم مقالاً يتهم فيه التيار الديني باليمين وولائه للحكومة! كما ان الذي أثار شعبية الوزارة أخيراً هو النائب فيصل اليحيى وهو نائب مستقل لا ينتمي الى الحركة الدستورية ولا الى السلف.
نصيحة الى زملائي في التيار الليبرالي.. كثرة الكتابة عن «الإخوان» وبقية الألقاب التي تؤشر الى «حدس» بالحق والباطل.. وكثرة تركيزكم على اثارة شبهات حولهم وإلصاق تهم بهم «قص ولزق» لن تؤدي الا الى مزيد من الشعبية لهذه التيارات، ودليل على معاناة داخلية في تنظيماتكم لكن لنتفق على ان يكون انتقادنا لبعضنا بالعدل والانصاف وشرف الكلمة..!!
ولنبتعد عن التجريح والافتراء على بعضنا البعض وتهويل الأمور.