عندما دعوت في مقالي الاخير الى عقد مؤتمر لانقاذ الديموقراطية، تلقيت العديد من ردود الأفعال المؤيدة والمتحمسة لعقد مثل هذا المؤتمر. ونتيجة لذلك اكتب اليوم بشيء من التفصيل عن هذا الموضوع، ولكن قبل ذلك لابد من توضيح نقطتين حتى لا يلتبس الامر على الاخوة القراء:
الاول: ان الفكرة ليست موجهة ضد تكتل الأغلبية او المعارضة السياسية كما يظن البعض، بل هي توجيه لمسيرة هذه المعارضة ان أرادت ان تجد أرضا صالحة لممارسة دورها.
الثاني: انها ليست لدعم توجهات رسمية ولا لتأصيل مفاهيم معينة عليها خلاف شعبي، بل هي لانقاذ الممارسة الشعبية حتى لا نعطي للتوجهات الرسمية العذر بالغائها او تشويهها.
ان المراقب لما آلت اليه الامور في المجلس والحكومة السابقين ليدرك جيدا ان اثنين لا ثالث لهما كانا على وشك الانهيار: اما الدولة ككيان! واما الديموقراطية كممارسة! الى ان جاء المنقذ واصدر مرسوما بحل الحكومة والمجلس! ثم جاءتنا حكومة جديدة ورئيس جديد يتبنى نهجا جديدا، وزامنه مجلس امة جديد وتكوين جديد وروح جديدة، فارتاح المخلصون واطمأنوا وتضايق المرجفون والمتربصون… ولكن يا فرحة ما تمت..! لم تتمكن الأغلبية من تجاوز حقل الألغام الذي زرع في طريقها، ولم تتمكن الحكومة من تجاوز دور المتفرج، فاصبحنا نرى اغلبية لها برنامج جيد ورؤية ثاقبة، لكن مسيرتها خلاف ما خططت له ورسمت! ورأينا حكومة جاءت لتثبت للناس انها «غير» وان ما يريده ممثلو الامة – من باب التعاون – سيتم! ولكن من دون ان تلعب دورها كسلطة ثانية مكملة للسلطة الاولى ومتناغمة معها!
ومما يؤسف له ان جهات اخرى مؤثرة في رسم بقية عناصر الصورة لعبت دورا سلبيا في ابراز الجانب المظلم لهذه الممارسة، واقصد بهذه الجهات وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي التي اصبح تأثيرها واضحاً للجميع، فكانت النتيجة كالتالي:
تذمر الناس من زيادة جرعة المراقبة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية التي أدت الى شلل تام في دورة الاقتصاد وتعطل عجلة التنمية.
ضعف حماس الشعب لمتابعة اداء النواب وأعمال المجلس بسبب تدني لغة الحوار.
لم يتمكن النهج الجديد الذي جاء به رئيس الوزراء من تهذيب مسيرة المجلس، فالحكومة لم تكن بمستوى رؤية سموه وتمنياته، لان عددا من الوزراء فرض عليه فرضا، لذلك جاءت هذه التركيبة غير متجانسة مع رؤيته وطموحه! فشاهدنا التعثر والتخبط الحكومي في اهم القضايا وما نتج عن ذلك من كثرة الاستجوابات المتلاحقة.
الاعلام الذي لعب دورا في تشويه اداء السلطتين نقل هذه الصورة الى العالم الخارجي، فكانت هناك ردة فعل ضد الممارسة الديموقراطية استغلها خصوم الحريات العامة في تلك الدول لاظهار الجانب المشبوه فقط وتحذير شعوبهم من التجربة الكويتية.
الخطورة اليوم ان يستغل هذا التشويه وحالة عدم الرضا الشعبية وتقرأ الساحة بشكل خاطئ لارجاعنا الى المربع الاول! فلا طبنا… ولا غدا شرنا!.
لذلك لابد من عقد مؤتمر وطني وشعبي تشارك فيه كل الأطراف لانقاذ الممارسة الشعبية ومعرفة مواطن الخلل والانتباه الى من يحاول وأد هذه التجربة واحلال الحكم الفردي بدلا منها! لا نقول نحن في زمن الربيع العربي… فما يجري في الخليج العربي ودوله غير… وتوقع غير المتوقع… وابتسم فانت في دولة خليجية.