الازهر الشريف.. مرجعية المسلمين منذ عقود طويلة من الزمن، كان مركزاً للإشعاع الديني بشقيه الفقهي والدعوي، حيث كان يصدّر الدعاة والفقهاء الى معظم بقاع الارض لينشروا الاسلام والقرآن بين الناس، واستمر يمارس هذا الدور الرائد الى ان اصبح تعيين امام الازهر بمرسوم جمهوري، فأصبح للحكم تأثير عليه، وارتبطت مصالح بعض القائمين عليه بالقصر فخفت بريقه وانطفأ نوره، واصبح الكثير من فتاوى مشايخه وفقا لهوى السلطان والقصر، لا وفق الدليل والنص الشرعي، فأحلت بعض هذه الفتاوى المسكرات واجازت التبرج والسفور، واباحت المعازف وحللت الربا، ففقد ثقة الناس به كمرجعية دينية وأصبحوا يتندرون على مخرجاته وطلابه، بعد ان كان مصدرا للاشعاع الديني عمّ نوره كل المعمورة..!
اليوم يعيش الازهر زمناً اغبر! حيث اصبح احدى أدوات السلطان في تمرير قراراته، ولو كانت كفرا بواحا، فأحل بعض مشايخه الحرام وحرموا الحلال، ووصل الامر الى ان يصدر وزير الاوقاف قرارا باغلاق آلاف المساجد، ويوقف عشرات الآلاف من الائمة والخطباء لانهم قالوا كلمة حق عند سلطان جائر! والامرّ من ذلك مباركة الازهر لهذه الاجراءات بدلاً من ان يعترض عليها ويلغيها!
واليوم، وبعد ان حاولت الشعوب العربية ان تثور على الظلم والقهر وتنهي عقودا من الدكتاتوريات الطويلة التي تسببت في تخلف الامة وتردي احوالها، وبعد ان نجحت في بعض هذه المحاولات وتعثرت في اماكن اخرى، نجد خصوم العرب والمسلمين ينتفضون من جديد ويعلنون حالة الاستنفار لاجهاض هذا التجديد الواعد، وقتله في مهده قبل ان يكبر ويصبح ماردا جبارا لا يمكن الوقوف في وجهه، فاجتمع شرق الخليج المسلم مع غرب اوروبا واميركا النصراني وبدور لوجستي واضح من اسرائيل اليهودية لتحطيم كل آمال العرب والمسلمين في انهاء حقبة البؤس والشقاء التي طال ليلها!
ان أعداء الامة يريدون اليوم ان يلغوا دور المسجد التوجيهي والتربوي ويحولوه الى مركز للدروشة وأداء ركيعات بلا روح..! لقد رأوا ما يفعله المسجد من توجيه الناس لاحترام ذواتهم وآدميتهم وعدم التنازل عن حقوقهم المكتسبة، والا يعطوا الدنية في دينهم، لذلك هم يريدون ان يلغوا هذا الدور للمسجد ويحصروه في الصلاة والخطب التي تمجد بالحاكم وان كان ظالماً، وبالباطل وان كان واضحاً! وهاهم اليوم يبررون هذا الاجراء بوجود حوادث شاذة ونادرة ومرفوضة أصلاً، عقلاً ونقلاً، مثل هذا الخطيب الذي حثّ الناس على الفتنة، او ذلك الشيخ الذي اخذ ما ليس بحقه، او ذاك الداعية المتهم بسوء سلوكه..! وهذه افعال كما قلت شاذة ولا يقاس عليها او تعمم، طبعا هذا على فرض انها وقعت اصلاً.
اننا نعيش اليوم ردّة للجاهلية.. حيث الاسلام اصبح تهمة، والمتدين ارهابياً، والمنتقبة متطرفة، والعمل الخيري مشبوها.. أليس هذا واقعنا اليوم؟! حتى ايام الجاهلية لم تستبح ارواح الابرياء العزّل بالآلاف كما فعل السيسي وحكومته الانقلابية! وبالمناسبة نثمن موقف الحكومة الكويتية التي تأخرت بتسليم بقية المليارات الاربعة الى النظام الانقلابي في مصر! ومع ادراكنا لحجم الضغط الذي يمارس على حكومتنا من بعض الاشقاء في دول الخليج، الا اننا نتمنى ان تصمد لتظهر لها الصورة الحقيقية لما يجري في مصر، فها هو ما يسمى برئيس مصر المؤقت ينتقد الكويت لترددها في دعمه، مع ان الكويت سلمت المليارين وديعة! وخوفي ان نخسر الحسنيين..! فلا حصلنا رضا حكومة مصر الانقلابية، ولا نحن بالذين تحاشينا غضب الشعب الثائر، وثالثة الاثافي اننا خسرنا اموالنا التي كان اولادنا أولى بها!.
خلاصة القول.. الذي يهدئ من روعنا ويزيد من اطمئناننا، انه عندما يسمح للناس بالتعبير عن رأيهم وتوجهاتهم بحرية وامان فانهم يختارون الاسلام طريقا للحياة، لذلك نجد خصوم الاسلاميين لا يستطيعون الانتصار عليهم الا بالقوة القاهرة والوسائل غير الديموقراطية، ومع هذا تجد من يقول ان الاخوان فشلوا في اول تجربة لهم!؟ قال (ص): «بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء».