وهكذا اثبت الواقع ان لا احد هنا لديه النية والقدرة على مواجهة الترشيد والتوفير الضروري لاحتواء الآثار السلبية الناتجة عن انخفاض اسعار النفط. طالما ان هناك ناسا يتغنون بذوي الدخل المحدود وضرورة عدم المساس بدخول الطبقات الدنيا من المواطنين، فان التصدي لازمة انحسار الدخل وعجز الميزانية سيبقى تحديا بلا مواجهة، ومشكلة بلا حل.
ليس هناك حل «حلو». بل كل الحلول علاج ودواء. وكل دواء مر بالضرورة. اي وبصريح العبارة فإن اي حل حقيقي لا يدفع ثمنه المواطن او يتعرض لاثاره سيبقى حلا اعوج وتظاهرا مكشوفا وعاجزا عن التعامل مع ازمة انحسار الدخل النفطي، وبالتالي عجز الميزانية.
الذين يحلمون بان يتحمل التجار وحدهم عبء تصحيح الاسعار واهمون، ويخدعون انفسهم قبل خداع الغير. وحتى بافتراض ان التجار «تضامنوا» مع المستهلكين. وقرروا الابقاء على الاسعار على ما هي عليه، مع دفعهم الفارق من جيوبهم او من ربحهم المتوقع. فانه في نهاية الامر سيفلس التاجر وسيضطر الى التوقف عن اداء خدماته. وستختفي الخدمات او السلع ما لم يتقدم احد الى توفيرها باسعار يدفع ثمنها المواطن وليس «المتطوع» من التجار.
الزبدة ان المواطن هو المستهلك. ومن يوفر له الخدمات او السلع لابد ان يقبض منه ثمنا لهذه الخدمة. اي ان المواطن في النهاية هو الذي سيدفع ثمن السلع، وهو الذي سيوفر أيضاً نفقات وتكاليف معيشة من يقدم أو ينتج له هذه السلع.
لهذا فإن المطلوب هو مصارحة المواطن. بل حتى اللجوء اليه وتحميله عناء وعبء إيجاد وسائل التصدي لعجز الميزانية ولانخفاض الدخل النفطي. المواطن هو المشكلة، والمواطن هو الحل. ومن يسعَ الى تجنيب هذا المواطن مرارة وقساوة التحدي الناجم عن انخفاض اسعار النفط. يسعَ في نظري الى سلب هذا المواطن انسانيته والى تأكيد عبوديته واستسلامه للانفاق الريعي.
«صبه، حقنة، لبن» رفعت الاسعار على التجار وحدهم. او رفعت الاسعار على الوافدين دون غيرهم. فان النتيجة الحتمية، التي لا يمكن تجنبها او الهروب منها، هي ان اي تعديل للاسعار سيمس الوضع المعيشي لكل المواطنين والمقيمين.. لذلك فان المواطن، شئنا ام ابينا، مدعو ومطالب بان يساهم وان يتقدم بنصيبه في مواجهة التحدي.. وليس هناك قوة على الارض تستطيع ان تجنبه عناء ذلك.