إحالة بعض اصحاب المطاعم او الباعة الى النيابة، بتهمة زيادة الاسعار، من قبل وزير التجارة احالة ظالمة، وتدخل غير محمود في نظام السوق. وفوق هذا هي في النهاية ضربة لسياسة الترشيد واستسلام للاوضاع الحالية، وتخل معلن عن الامكانات الحقيقية لمواجهة الضغوط والمعضلات الاقتصادية القادمة، التي ولدها وسيولدها انخفاض اسعار النفط.
اذا كانت الدولة بكامل عدها وعدتها تفكر في رفع اسعار بعض السلع، او هي بالفعل رفعت بعضها. فكيف تمنع صاحب المطعم الفقير او اي حرفي آخر من تصحيح اسعار سلعته؟! القانون هو القانون.. ويجب ان يطبق على الدولة او مؤسسات الحكومة قبل ان يطبق على خلق الله. اذا كان رفع الاسعار اجراما يعاقب عليه القانون، فيجب احالة وزيري النفط والمالية، والحكومة معهما، على رفع اسعار بعض مشتقات النفط.
وليعلم الذين يطنطنون بجشع التجار وضرورة الحد من استغلالهم، ان صاحب المطعم الذي احاله الى النيابة وزير التجارة.. هو ليس إلا الحرفي البسيط، وصاحب المؤسسة الفقير الذي يحاول مثل غيره التأقلم مع الاوضاع الصعبة. صاحب المطعم او الخباز ليس التاجر الذي «حاط ريل على ريل»، ويقبض العمولات ويجني الارباح. بل هو العامل الفقير الذي يشقى مثل غيره لتأمين قوته.
للمرة الألف.. على المواطن ان يتحمل بعض الالم، وان يساهم في حمل بعض من اثقال وهموم الترشيد والتوفير. ومحاولة تجنيبه هذا الالم من خلال القاء اللوم على التجار، او تحميل الوافدين وحدهم عبء معاناة انخفاض اسعار النفط، او بالاحرى تصحيح اسعار السلع والخدمات الحكومية، محاولات ستكشف الايام بالملموس فشلها وخطورة الانجراف وراءها.
كيف لوزير التجارة او غيره ان يحدد ان رفع سعر الديزل او سلعة اخرى ليس له علاقة بصاحب هذه التجارة او تلك. مع ان هذا الحرفي او البائع مواطن او مقيم يتأثر، وان غض النظر وزير التجارة، برفع سعر الديزل تماما مثل ما يتأثر غيره ويؤثر في رفع سعر الخبز. كل شيء مترابط، وكل سلعة هي نتاج سلعة اخرى. وكل عضو في المجتمع يأخذ ويعطي. مع ان بعضنا لا يعطي بما فيه الكفاية.. لكن يبقى ان الكل يؤثر في الكل، واننا جميعا نتأثر برفع سعر الديزل او غيره.