رئيس حزب مصر القوية د. عبد المنعم أبوالفتوح أعلن رفضه ترشيح نفسه. ليش؟ لعدم وجود الديمقراطية في “جمهورية الخوف”. قال ذلك، ثم راح يتحدث عن آلاف المعارضين الذين تعج بهم السجون.
هو يرى الوضع بنظارة أمنية، وأنا أراقب الوضع بنظارة إعلامية. وآه من الإعلام المصري. آه من الإعلام الخاص الذي يتنافس مع الإعلام الحكومي فيبزه ويتفوق عليه في الدجل والغش والتزوير. آه من مباريات الكذب بين الإعلاميين، وآه من البجاحة.
شعلة من النشاط لتحويل مصر إلى “جمهورية الكذب”. فهذا يدّعي أن أميركا “تستميت” لإعادة الإخوان المسلمين إلى الكرسي، وتلك تقسم أن المخابرات الإسرائيلية تخطط لعدم وصول السيسي إلى الحكم، باعتباره الرجل القوي الذي سيقض مضاجع اليهود، ويخرجهم من خيبر.
وأتخيل ماذا سيفعل الإعلام بمرشحي الرئاسة المنافسين للسيسي. فإذا كان حمدين صباحي، بجلالة تبعيته للعسكر وتأييده الانقلاب، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، من باب ذر الرماد في العيون، والتراب في الأنوف، فتم القبض على ثلاثة من أنصاره ألصقوا صوره على سياراتهم، فكيف سيكون الحال لو ترشح منافس حقيقي مخالف للسيسي.
حفلات كذب تعج بها القاهرة والمدن المصرية الكبرى، صخب مصحوب بتجهيل مؤلم، وخداع قاس. كان الله في العون. أتابع بعض برامج إعلاميي الانقلاب، فأتساءل: “هل يعرف هذا الإعلامي أن الفضائيات تنقل ما يقوله للعالم أجمع أم يعتقد أن أحداً لا يشاهده إلا عجوز أمية في قرية نائية لا تعلم ما يدور في العالم؟”.
صدقاً، أريد أجوبة عن أسئلة مهمة: “يخاطب مَن هذا الإعلامي الكذوب؟ وهل له تأثير على الرأي العام المصري أم أن الناس تعرف كذبه لكنها بلا حول ولا قوة؟”.
وإذا كنا نضحك على إعلاميي عبدالناصر وإعلام السادات، بحسب ما قرأنا عن أكاذيبهم، فسنعذرهم اليوم لأسباب عدة، أهمها أن الناس في الوقت ذاك لا مصدر لديهم للأخبار إلا المصادر الإعلامية الرسمية. أما اليوم، فمصادر الأخبار أكثر من عدد البشر، وبالصوت والصورة، ومع ذا يقيم إعلاميو الانقلاب حفلات كذبهم بوجوه قوية جامدة، لا حمرة خجل فيها.