بحسب الكمية والوزن، كما يقول الفيزيائيون، يتفوق دستور 62 على المشروع الإصلاحي لائتلاف المعارضة، لسبب بسيط، هو أن مشروع الائتلاف ليس إلا تحديثاً لدستور 62.
لكن بحسب عوامل الوقت والحرارة والبيئة، أيضاً كما يقول الفيزيائيون، يعتبر مشروع ائتلاف المعارضة هو الأنسب، بعد سد الثغرات في دستور 62.
وكما يفعل البرمجيون في الهواتف الذكية، عندما يتسابقون لتحديث برامجهم، وسد الثغرات في الإصدارات القديمة، تقدم أعضاء ائتلاف المعارضة وعضواته بـ”تحديثهم”، وأعلنوا نزوله الأسواق والحواري والأزقة. ومن الجنون أن يدّعي أحد أن مشروع الائتلاف ينافس دستور 62، كما بين شركتي آبل وسامسونغ. لا. هذا تحديث لذاك.
وإذا كان دستور 62 قد جاء بعد اختلاف، ثم توافق، بين الشعب والأسرة الحاكمة، فإن التحديث الجديد أتى بعد اختلاف، ثم تنازل واتفاق، بين بعض أطياف المعارضة من الشعب، من دون أي حضور للأسرة الحاكمة. لذا لم تصادف مشروع الائتلاف عوائق كثيرة.
دستور 62 يستحق قبلة على الرأس، وواضعوه يستحقون الوقوف تقديراً لعطائهم التاريخي. ويجب أن نتعامل معه (أقصد مع دستور 62) كما يتعامل رجل الأعمال الواسع الثراء مع دكانه الذي بدأ فيه تجارته في أيام صباه، وشهد انطلاقته، وعثراته ونجاحاته… أو كما يتعامل مع أداته البدائية التي بدأ بها تجارته، قبل أن يصل إلى ما وصل إليه.
وأزعم واثقاً أن المنصفين من خصوم المعارضة، بل وخصوم شخوص المعارضين، لن يجرؤوا على القول إن “مضمون المشروع” ليس من صالح الوطن والمواطن. هم قد يختلفون، وهذا حقهم، حول مادة، أو مفردة، أو تفسير، لكنهم لن يُنكروا عظمة المشروع.
على أن أكثر ما راقني وراق لي في هذا المشروع، ابتعاده عن الاختلافات المذهبية والعقدية، ومراعاته للمواطن كمواطن، وإصرار الكثير من أعضاء ائتلاف المعارضة على رفض “التعديلات الدينية” التي تقدمت بها حركة حدس وغيرها، وهو ما تم.
وإذا كان مشروع ائتلاف المعارضة هو التحديث الأول لدستور 62، فبالتأكيد لن يكون الأخير… ومبروك خروج المشروع من غرف النقاش إلى الهواء الطلق.