“جورج كلوني أحلى من خطيبته”، علّق العربان، أو بالأحرى علقت العربيات. في حين امتلأت المواقع الإلكترونية الغربية بـ”واااااو” وتعبيرات لا تنتهي من الإعجاب بالخطيبة الإنكليزية الجنسية، اللبنانية المنبت، أمل علم الدين، محامية موقع ويكيليكس، وراحت تهنئ كلوني وتحييه على ذوقه الرفيع في اختيار هذا الوجه الشرقي الساحر الذي يعلو جسداً محملاً بكل هذه الأنوثة.
وبعيداً عن جمال الخطيب والخطيبة، هالني أن أحداً من المعلقين الغربيين لم يتهم الخطيبة بالتآمر ضد أميركا، باعتبارها تنتمي إلى فريق الدفاع عن سنودن وويكيليكس، الذي علّق هدوم أميركا على حبال العالم. لم تتحدث أي وسيلة إعلامية أميركية عن هذا الأمر إلا كتعريف بوظيفة الخطيبة السعيدة.
ولو كانت أمل في بلد عربي، لتم القبض عليها في المطار، وتم تشويه سمعتها وسمعة جدها السابع عشر، والطعن في عرضها، وربط علاقاتها بإسرائيل وقطر والإخوان.
* * *
كتب الراحل المصري الكبير أنيس منصور مقالة بعنوان “لا أحب أن أنشغل عن الكتابة”، وكانت هذه هي آخر مقالاته في جريدة الشرق الأوسط. كتبها وانشغل عن كتابة غيرها.
وتميل ذائقتي الكتابية إلى جاره في الجريدة والصفحة، اللبناني سمير عطا الله، حتى وإن نفرتُ من خطه السياسي، أو قل “لا خطه السياسي”، إذ يلعب في “المنطقة الخضراء”، ويكتب ما يُبهج الملّاك، ومثله أنيس. لكن قلم سمير سفاح، وثقافة أنيس محيطية، ولو اختلط هذا بذاك، أي قلم سمير بثقافة أنيس، لما استطاع أحد منا إعادة فكه السفلي إلى مكانه الطبيعي، بعد أن سقط دهشة. لكنها رحمة الله بنا، نحن قراء الاثنين، وهذا لا يعني أن سميراً “قاصر” في الثقافة، ولا يعني أن قلم أنيس ركيك، أبداً. لكن هذا ليس كمثله أحد في الكتابة، وذاك لا يطاوله أحد في الاطلاع والتجربة، عربياً.
ورغم أن أنيساً ليس من ضمن فريقي المفضل في الكتابة؛ سمير عطا الله وعبدالرحمن الراشد ومحمد حسنين هيكل وغسان تويني وغيرهم، إلا أن قوة ما، لا أعرف كنهها، تجذبني إلى قراءته. ولا أدري هل كنت أقرأه لسلاسة قلمه، أم لبساطة مفردته، أم لكمية المعلومات المتناثرة في مقالاته، أم هي العادة التي تربيت عليها صغيراً؟ لا أعلم، لعلها كلها.
رحم الله أنيساً وغسان وأطال عمر سمير وهيكل وعبد الرحمن، وإن اختلفنا مع خط هذا واتفقنا مع خط ذاك.