خدعوك فقالوا: “وسائل الإعلام والمدارس تربّيان المجتمعات”. هذا صحيح، لكن في الدول المحترمة (نقصد بالدول المحترمة؛ الدول ذات الحكومات المحترمة والأنظمة الديمقراطية الحقيقية)، أما في عالم العربان فالمربية الوحيدة هي السلطة. نقطة.
السلطة، في عالم العربان، بيدها كل شيء؛ وسائل الإعلام (مع بعض الاستثناءات المقموعة)، والمدارس بمناهجها وقياداتها، والأموال العامة، والمناصب، والثوم والبصل والقثاء… لذا فالسلطة وحدها هي المربية.
ويتضاحك العالم حتى يسقط على ظهره، وتتضاحك معه الحيتان في قيعانها الباردة، والنمل في بيوتها الواهنة، والعصافير في أعشاشها، على الكيفية التي تُربي بها سلطات العربان شعوبها: تربيهم على الذل وتقبيل الأيادي والأكتاف، وعلى النفاق وابتسامات التملق الباهتة، وعلى الكذب، وعلى مكافأة الضبعة ومعاقبة الدولفين، وعلى القسوة المفرطة، وعلى كره الآخر، وعلى الاستحواذ والأنانية، وعلى التعصب الاجتماعي والديني، وعلى ازدراء الضعيف والخوف من القوي، وعلى التركيز على السطحي من الأمور وترك الأعماق، وعلى وعلى وعلى… وما هي نتيجة هذه التربية؟ هي ما نشاهده الآن.
وقرأنا كلنا أمس خبراً من تايلند: “المحكمة الدستورية التايلندية تقيل رئيسة الوزراء بسبب التعسف في استخدام السلطة، والفشل في السياسات العامة”، وقرأه معنا التايلنديون، فتعلموا أن هناك محاكم تحاسب وشعباً يراقب، وتعلمنا نحن البكاء على حالنا كلما قورنت بأحوال غيرنا.
سيداتي سادتي… قبلتم بالضباع مربيات ومدرسات لكم، والضباع لا تدرّس الفضيلة. فهنيئاً لكم بها، وهنيئاً لها بكم.