تمر علينا هذا العام الذكرى المئوية لبدء مشروع سايكس- بيكو (نوفمبر 1915 ـ مايو 1916) الذي ادعي عليه زورا وبهتانا أنه سبب تقسيم العرب وسلب أراضيهم والإضرار بهم، والحقيقة كالعادة هي أبعد ما يكون عما أشاعه الثوريون العرب!
***
فالاتفاقية لم تمس إلا اقل من 10% من الأراضي والشعوب العربية، وقد زادت الاتفاقية من مساحة الأرض العربية ولم تنقصها كما يشاع، لذا فالواجب شكر الاثنين لا لومهما، ففي البدء لم تمس الاتفاقية دول شمال أفريقيا (المغرب والجزائر وتونس وليبيا) ولا دول حوض النيل (مصر والسودان) ولا اليمنين ولا عمان ولا الجزيرة العربية او دول الخليج، فكل ما قامت به الاتفاقية هو الانتداب على دول الشام والعراق بموافقة عصبة الأمم لتأهيلها للاستقلال، ولم يكن الأمر غريبا، فأغلب دول المنطقة آنذاك وقبل الاتفاقية كانت مستعمرة من قبل الإنجليز والفرنسيين والإسبان والطليان.
***
وقد نتج عن اتفاقية سايكس- بيكو ضم قضاء الموصل (91 ألف كلم2) للعراق رغم أن الإنجليز قد احتلوه بعد سريان اتفاقية الهدنة بينهم وبين الأتراك، وفيما بعد، أي في أواخر الثلاثينيات، وبعد ترك الاثنين لمناصبهما بوقت طويل، قامت فرنسا بترضية تركيا عبر التنازل لها عن لواء الاسكندرونة (4600 كلم2).
***
كذلك لم تتسبب الاتفاقية في فقدنا لفلسطين (27 ألف كلم2) كونها غير معنية بوعد وزير الخارجية بلفور عام 1917، وقد قام الإنجليز لاحقا وعبر لجنة «بيل» الملكية عام 1937 بمنح العرب 90% من أرض فلسطين أي حوالي 25 ألف كلم2 واليهود فقط 10% أي ما يقارب 2.5 ألف كلم2، وقد قام الأمين على القضية الفلسطينية آنذاك أمين الحسيني برفض تلك الاتفاقية والرهان على دول المحور، ثم لاحقا رفض اتفاقية التقسيم عام 1947.
***
آخر محطة: 1 ـ للحقيقة وللتاريخ حتى لو لم تكن هناك اتفاقية سايكس- بيكو لما توحد العرب، بدلالة ما حدث بعد الاستقلال، حيث انفصلت السودان عن مصر والحال كذلك مع سورية، ثم انفصل جنوب السودان، وكردستان على الطريق.
2 ـ محزن ما سمعته من حفيدة بطل الثورة السورية الكبرى الأمير سلطان الأطرش من أن هناك من بات يلوم الأمير وثورته التي منعت تقسيم سورية وخلق دول سنية ودرزية وعلوية دون حرب آنذاك.