..«لو كانت المشاركة العسكرية في «عاصفة الحزم» الحالية لكسر أنياب التمساح الإيراني الذي سبح لنا من بحر قزوين المالح حتي بحر العرب الأكثر ملوحة ليصل الي شواطئ اليمن مرتبطة بالمساحة الإجمالية لكل دولة لكان على مملكة البحرين ان تشارك بنصف طائرة – او حتي ربع طائرة، كونها اصغر دولة عربية، لكنها شاركت بخمس عشرة طائرة مقاتلة، لان حسها العربي والاسلامي أكبر بكثير من حدودها الجغرافية»!! هذا ما قلته لمراسل وكالة انباء أجنبية في الكويت جاءني منه اتصال هاتفي، وتشاء الصدف الحميدة أن أكون – لحظتها – على جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين مغادرا ارض «دلمون» ظهر يوم الخميس!! في العام 1992 التقيت به في مكتب يطل شباكه علي مدرج لإقلاع الطائرات العسكرية! انه المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد ال خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين، ودار بيننا حديث طويل استغرق أكثر من ثلاث ساعات! كنت موفدا – وقتها – من جريدة «صوت الكويت» التي أصدرتها الحكومة خلال الغزو لتكون الصوت الاعلامي «شبه الوحيد» للشعب الكويتي الذي ضاع منه وطنه وهويته وإعلامه وصحافته خلال ساعات في الثاني من آب 1990 لكن الشباب البحريني الذين يحرقون الاطارات في شوارع بلدهم لم يدركوا ذلك!! تحدث معي المشير الركن الشيخ خليفة عن مشاركة هذه المملكة الصغيرة في حرب تحرير الكويت، قائلا ان هذه المدرجات في ذلك المطار الذي كنا نتحدث فوق ارضه امتلات بطائرات قوات التحالف بأسرها، لدرجة – «والوصف له وليس لي» – أن أجنحة الطائرات، وهي رابضة جنب بعضها البعض تكاد أن تلامس أطراف بعضها .. البعض!!
أبلغني الشيخ «خليفة» سرًا اكشفه للمرة الأولى بعد مرور حوالي 23 عامًا علي لقائي معه، اذ وعدته بعدم نشر هذه الجزئية والاحتفاظ بها كمعلومة، وهي أن سربًا من سلاح الجو البحريني كان من أوائل الطائرات التي أغارت على بغداد في السابع عشر من يناير عام 1991 وهو يوم بدء «عاصفة الصحراء» لتحرير الكويت! يضحك المشير الركن الشيخ خليفة، وهو يكمل هذه الجزئية قائلا: «كأن قوات التحالف الدولي أرادت ان تقول لصدام حسين.. انظر، هذه طائرات تابعة لأصغر دولة عربية تدخل إلى أجواء بلدك وتقصف عاصمتك، فماذا ستفعل بك وببلدك – إذن – طائرات الكبار»؟! في اثناء الحرب العراقية – الإيرانية المدمرة التي استمرت ثماني سنوات واعتاد الكويتيون ممن يقضون عطلات نهاية الاسبوع في شاليهاتهم بمنطقة الخيران «علي طول الطريق الدولي المؤدي الي الحدود مع الشقيقة السعودية على رؤية .. »خوذة تابعة لجندي عراقي أو بسطار لجندي ايراني او مطارة ماي عراقية المنشأ، أو سترة نجاة عليها كتابات بالفارسية على سواحلنا التي لا تبعد أكثر من 60 كيلومترًا من أقرب نقطة قتال دموي بين الفكين المفترسين بغداد وطهران!! في تلك الأيام، كتبت مقالا أثار غضب الايرانيين والعراقيين – معًا – قلت فيه إن.. «الكويت تشبه فتاة جميلة في السادسة عشرة من عمرها خرجت صباح يوم العيد وهي متزينة بالحلي والذهب والأقراط ودخلت في سكة سد مظلمة يسكنها عزاب.. لصوص أطار عقولهم الحرمان نتيجة موقعها المخيف هذا بين الطرفين المقاتلين!! مملكة البحرين الصغيرة بمشاركتها الكبيرة تلك في معركة البقاء لدول الخليج والعرب كلهم في «عاصفة الحزم» انما تستمر في حربها الطويلة منذ ما قبل إعلان استقلالها مع ذلك «الأعزب العملاق والحرامي والذي دمره وأطار عقله الحرمان «وهو يرى تلك الجميلة والصغيرة تساهم في تدمير حلمه الدموي بجعل اليمن محافظة إيرانية لا ينقصها الفقر، ولا يبتعد عنها.. القهر!! ومن «عاصفة الصحراء» لتحرير الكويت، «وعاصفة الحزم» لتحرير اليمن.. يبقى الهوى «بحرينيًا»!!